دولياتسياسة

اختفاء خاشقجي اختبار للعلاقات الأميركية السعودية

يشكل اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي في تركيا حتى الآن لغزا محيرا ،وأن كانت الأوساط الصحافية والسياسية في العالم تجمع على الشك بمسؤولية المملكة السعودية عن هذا الاختفاء،في حين تنفي الرياض هذه المسؤولية .
والواقع أن ما كتب ونشر خلال الأسبوع المنصرم على اختفائه ،خاصة مسألة قتله داخل القنصلية السعودية في إسطنبول،ما زال يحتاج الى دليل دامغ ،لعدم العثور على جثته.لكن هذه المسألة تأخذ الكثير من الاهتمام العالمي .فالصحافي الخاشقجي كاتب معروف تستقبل مقالاته كبريات الصحف العالمية ،خاصة صحيفة "واشنطن بوست "الذائعة الصيت ،وعليه تبدي الصحافة الغربية ،والأميركية على وجه الخصوص اهتماما كبيرا بهذه القضية ،لا سيما تأثيراتها على مستقبل العلاقات الأميركية السعودية.
وفي هذا الاطاررأت وكالة "رويترز" في تقرير لها اليوم لثلاثة من كبار مراسليها في واشنطن(هم جوناثان لانداي وباتريشيا زنجرل ويارا بيومي)"أن لغز اختفاء الخاشقجي هو اختبار للعلاقات الأميركية السعودية .وقد جاء في التقرير:
"تحت ضغط من الكونجرس تواجه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مأزقا يتمثل في كيفية التعامل مع اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي ،وفي الوقت نفسه ضمان ألا تستعدي أي خطوة على سبيل العقوبة الرياض الحليف الرئيسي في مواجهة إيران.فقد أوضح أعضاء كبار في مجلس الشيوخ استياءهم من السعودية، وقال السناتور بوب كوركر لرويترز "لا يمكنك أن تقتل الصحفيين كما تشاء".
ولم يلق أحد في الكونجرس بالا إلى نفي السعودية أن لها دورا في اختفاء خاشقجي، بل إن ربع أعضاء مجلس الشيوخ طالبوا بتحقيق أميركي في القضية.كما أبدى ترامب، الذي أقام علاقات وثيقة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، شعوره بالإحباط إزاء اختفاء الصحفي السعودي.
وأي إجراءات قاسية تستهدف واحدا من أجرأ حلفاء ترامب سيتناقض بشدة مع النبرة الهادئة نسبيا التي تتعامل بها الإدارة مع دور المملكة في حرب اليمن وفي التضييق على المعارضة الداخلية.
وسلم السناتور الجمهوري كوركر رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بأنه إذا تأكدت مسؤولية السعودية عن اختفاء خاشقجي، فإن ذلك قد يعقد الاستراتيجية الأميركية لاحتواء إيران في سعيها لكسب النفوذ في أنحاء الشرق الأوسط.
وقال كوركر أمس الأربعاء "قد يؤثر ذلك على أمور متعددة نعمل معهم بشأنها وفي غاية الأهمية". وأضاف أن علاقة مجلس الشيوخ بالسعودية بلغت "نقطة متدنية جدا جدا".
وتواجه الرياض بالفعل ردود فعل حادة في الكونجرس حيث يتزايد الغضب بسبب الخسائر البشرية في صفوف المدنيين في الحملة التي يشنها ائتلاف بقيادة السعودية في اليمن.
ويوم الأربعاء، وبعد مرور أسبوع على اختفاء خاشقجي في الثاني من أكتوبر تشرين الأول، قال البيت الأبيض إن مسؤولين كبارا اتصلوا بولي العهد السعودي ووصف ترامب القضية بأنها "وضع في غاية الخطورة".
واشتدت الضغوط على البيت الأبيض لتبني موقف متشدد من جانب أعضاء الكونجرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي ومنهم حلفاء لترامب، وكذلك من المحللين المتخصصين في السياسة الخارجية ومسؤولين أميركيين سابقين ومعلقين إعلاميين بارزين كانوا يعرفون خاشقجي.
وكانت آخر مرة يشاهد فيها خاشقجي، الذي يقيم في الولايات المتحدة منذ نحو عام، لدى دخوله القنصلية السعودية في اسطنبول.وقالت خديجة جنكيز خطيبة خاشقجي التي وقفت تنتظره خارج القنصلية إنه لم يخرج .وذكرت مصادر تركية أنها تعتقد أنه قتل داخل المبنى ونفت الرياض هذا الاتهام وقالت إنه لا أساس له من الصحة.
ويوم الأربعاء حذر السناتور الجمهوري لينزي جراهام، الذي لعب الجولف مع ترامب في عطلة الأسبوع الماضي، من أن "الثمن سيكون غاليا" إذا ثبتت مسؤولية السعودية عن اختفائه.
وقال "إذا كانوا بهذه الصفاقة فهذا يظهر الازدراء. الازدراء لكل ما نمثله والازدراء للعلاقات. لا أريد أن أصدر حكما مسبقا لكن إذا بلغت الأمور الحد الذي أخشى أن تصل إليه فسيقابل الازدراء بالازدراء".
وفي وقت لاحق من يوم الأربعاء كتب ما يقرب من ربع أعضاء مجلس الشيوخ رسالة إلى ترامب كان من شأنها أن تطلق تحقيقا أميركيا في القضية يمكن أن يسفر عن فرض عقوبات على أفراد سعوديين بموجب قانون حقوق الانسان الأميركي.ولم يكن لدى السفارة السعودية في واشنطن تعليق فوري على الرسالة.
وقال نيد برايس المسؤول السابق في إدارة أوباما إنه لا يتوقع "تحولا استراتيجيا" في العلاقات الأميركية السعودية ما لم يرغم الكونجرس الإدارة على ذلك.
وأضاف برايس "إذا تطورت الأمور بالشكل الذي قد تتطور به فسنشهد تغيرات تكتيكية مهمة لها مغزاها في العلاقات تكون السلطة التشريعية المحرك الرئيسي لها".
وقال إن أعضاء الكونجرس قد يسحبون الأموال المخصصة لدعم وزارة الدفاع (البنتاجون) للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن ويطالبون بفرض عقوبات.
كذلك فإن ردود الفعل قد تشتد حدة إذا فاز الديموقراطيون، الذين كانوا في الصدارة في انتقاد الرياض، بالسيطرة على أحد مجلسي الكونجرس في الانتخابات التي تجري في السادس من نوفمبر تشرين الثاني المقبل.
وقال المحللون إنه سيتعين عليهم مع ذلك أن يأخذوا في الاعتبار ضرورة التعاون السعودي في تحقيق أهداف السياسة الخارجية الأميركية بما تشمله من عملية السلام في الشرق الأوسط وإمدادات النفط ومبيعات نظم الدفاع الصاروخي.
وقال حسين إبيش الباحث بمعهد دول الخليج العربية في واشنطن "الرياض هي شريكنا (العربي) المتعقل الوحيد لأنهم يتفقون مع معظم أهدافنا طويلة الأجل".
وأضاف "لذلك سيضطر الديموقراطيون لإبقاء الباب مفتوحا لكن سيظل بوسعهم استغلال هذا الأمر لإلحاق ضرر جسيم بسياسة ترامب الخارجية".
غير أن أصوات الاحتجاج تعلو في الوقت الحالي من الحزبين.
وقال السناتور الجمهوري ماركو روبيو لرويترز "لنا مصلحة مشتركة في الحد من انتشار النفوذ الإيراني في المنطقة وسيتأثر هذا بذاك. لكن ثمة مسائل مثل حقوق الانسان وأعراف الدبلوماسية العالمية التي تكون لها الأولوية على الدوام".

وفي بريطانيا قال رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير اليوم الخميس إن اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي مقلق للغاية ،ويتناقض مع الإصلاحات التي يدعمها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وفي إسطنبول نقلت صحيفة "حريت" التركية اليوم عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قوله إن تركيا لا يمكنها أن تلزم الصمت في قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي مضيفا أنها تحقق في كل جوانب القضية.

وقال أردوغان للصحفيين الذين رافقوه في رحلة العودة من زيارة للمجر إن تركيا قلقة من اختفاء خاشقجي.وتابع أننا "نحقق في كل جوانب القضية. لا يمكننا أن نلزم الصمت في أمر كهذا لأنه ليس بالأمر المألوف".
وشكك أردوغان أيضا في تأكيدات السلطات السعودية أن القنصلية لا تملك تسجيلا مصورا لخروج خاشقجي من المبنى لأن الكاميرات تقدم لقطات حية فحسب ولا تسجل الصور.ونقلت الصحيفة عن أردوغان قوله "هل من الممكن ألا تكون هناك أنظمة كاميرات في قنصلية السعودية التي شهدت حدوث الأمر؟".

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى