دولياتسياسة

إنطباعات حيال حملة ترامب الإنتخابية: لهذه الأسباب واثق بولاية ثانية

 

كنت متحمسة جداً للتواجد في المهرجان الانتخابي خلال إطلاق الرئيس الاميركي دونالد ترامب لحملته لولاية رئاسية ثانية عام ٢٠٢٠ ، خصوصاً وان هذا المهرجان الحاشد جرى على بعد اقل من ميل واحد من منزلي هنا في جنوب ولاية فلوريدا ! وصلت الى المكان سيراً على الأقدام قبل ٣ ساعات  من اعتلاء الرئيس للمنصة .. معتقدة أني بذلك سأحظى بالجلوس في احد المقاعد الأمامية . خاب ظني اذ ان هناك الآلاف من المناصرين وصلوا قبلي بساعات الى المكان .
كانت الباحة الخارجية  مكتظة بالباعة يعرضون كل ما يلزم جمهور الرئيس من القمصان والقبعات والأزرار التي تحمل صوره وشعار الحملة. فاخترت ان اشتري قبعة عسكرية في المناسبة تماشياً مع ما يفعله الجميع هنا. نصحني البائع الأسود بشراء قميص احمر عليه صورة الرئيس فقلت له بصوت منخفض: "انا هنا فقط من باب الحشرية" . فضحك كثيراً وقال اعتني بنفسك جيدا اذاً.
سرت وسط سيل من الناس الى قاعة ضخمة تتسع لأكثر من ٣٠ الفاً . أردت ان اجد مكاناً قريبا الى حد ما من المنصة خصوصاً واني اشتريت بطاقة الحضور قبل أسبوع عبر الإنترنت ،ومن المفترض ان يكون هناك أماكن مخصصة لأصحاب البطاقات ، لكن يبدو أني تأخرت فمن يأتي اولاً يجلس في الصفوف الأمامية . كانت المفاجأة ان القاعة شبه ممتلئة والساعة لم تتعد الخامسة بعد .. وما لفتني كثيراً وانا أراقب  عشرات الآلاف هنا ، أني لم الحظ وجود مواطنين سود مع ان متجر "سوغرس اوتلت"الضخم في الشارع المقابل يعج بهؤلاء ..

النسبة الطاغية من سكان جنوب فلوريدا  هم من الجالية اللاتينية، من كولومبيا وكوبا وفنزويلا والبرازيل وهم يتحدثون ويحدثونك بلغتهم حتى تكاد تنسى انك في الولايات المتحدة، لكن الليلة لم اسمع احد يتحدث اللاتينية ، كما انني لم أر الا قلة من هؤلاء بين الحشود. العدد الأكبر هنا من الرجال اصحاب البشرة البيضاء ، نسبتهم تفوق نسبة النساء بكثير .
يتوزع شعار " فلتبق اميركا عظيمة" في كل ركن من القاعة كما ويتم توزيعه للجماهير هنا الى جانب شعار  "النساء يؤيدن ترامب " . اخبرني الشاب الجالس الى يساري انه قدم من اورلاندو البعيدة الى هنا ليرى الرئيس ، سألته ما الذي يدفعك لتأييده، قال" انا اعتقد ان الولايات المتحدة لا يجب ان يحكمها الا رجال الأعمال، وهذا الرجل اثبت انه يستحق ولاية ثانية" . قاطعه صديقه بالقول "اميركا لا تحتمل المزيد من المهاجرين اليها وترامب تمكن من تقليص أعداد هؤلاء خلال ٣ سنوات" . قلت له وهل أنت من أصول اميركية ؟ أجابني:  اجدادي من كوبا.
يعتقد أنصار الرئيس ترامب أنه سيحقق الفوز بسهولة، نظرا لما تحقق من إنجازات في الجانب الاقتصادي ، حيث سجلت الولايات المتحدة أقل نسبة بطالة خلال نصف القرن الأخير لتصل إلى 3.8% الشهر الماضي، في حين حقق الاقتصاد نموا في الناتج القومي الإجمالي بنسبة 2.9% خلال عام 2018.
مسؤول الحملة الانتخابية للرئيس عرض كل تلك الإنجازات بالإضافة الى وفاء الرئيس بوعوده ببناء "الحائط بين الولايات المتحدة والمكسيك" ووعوده "بعدم دخول حرب جديدة في الشرق الاوسط" ودعمه "لأبنته المدللة اسرائيل" والمشاريع الكبيرة التي اطلقها في كل مكان في البلاد.
المتحدثون كثر  يثيرون حماس الجماهير العريضة التي تبدو مرتاحة برغم طول الانتظار ، وتتمايل على أغاني  مايكل جاكسون وسيلين ديون و تينا تارنر  . وأغاني خالدة simply the best وeye of the the tiger  تصدح  في المكان .
حاولت ان اقتل الوقت بانتظار ان يعتلي الرئيس المنصة فطلبت من الجالسين بجانبي حجز المكان ، ونزلت الى الركن الذي من المفترض ان يدخل  منه الرئيس . هناك تواجدت مجموعة من الحرس الخاص مع كلابهم . اقترب مني احدهم طالباً ان أغادر المكان لكن رجلاً بزي رسمي أشار له بالسماح لي بالاقتراب اكثر . وقفت الى جانب ذلك الرجل نستمع الى خطاب نائب الرئيس مايك بنس، حاولت ان ابدأ حديثاً مع الرجل في محاولة مني لمعرفة من يكون فبادرته بالقول: يبدو ان الرئيس سيحظى بولاية ثانية بكل سهولة ، براورد كاونتي كلها هنا .
قال لي:  نعم نحن شبه متأكدين من ذلك .
تصفح هاتفه وأراني صورا عديدة له مع دونالد ترامب . قلت:  تبدو مقرباً جداً منه.  اجاب:  هو جاري في "وست بالم بيتش" كما انني مدير انتاج لclub 45USA ، وهو اكبر نادي للرئيس  في الولايات المتحدة . واخرج  بطاقة من جيبه باسمه ومركزه وعنوانه قدمها لي.
تبادلنا أطراف الحديث ودعاني لزيارة مقر النادي في الولاية مشيرا الى ان النادي بحاجة لمواطنين مثلي يتقنون اللغة العربية.
وجدت نفسي اسأله لما لا ارى مؤيدين من أصول أفريقية هنا ؟
اجاب بدون تردد :جرى تخويف الأقليات والسود والأميركيين من أصول لاتينية وآسيوية من الحزب الجمهوري منذ زمن بعيد، ولكننا نعمل على كسب هذه الفئات.
وتابع بثقة:  حظوظ المرشحين من الحزب الديمقراطي  تكاد تكون معدومة اذ يواجه الحزب انقساما عميقا ،كما ان هناك ازدحاما في اسماء المرشحين الذين سيواجهون الرئيس .
أضاف:  نحتاج الى ان تستمر ولاية الرئيس لأربع سنوات بعد فهناك الكثير لنقوم به .
قلت ضاحكة:  لما لا..  الرؤساء في بلادنا يحكمون أربعين عاماً .
ضحك عالياً وقال:  في بلادكم الرئيس يعتبر دكتاتورا وليس حاكماً .
اتفقنا على ان نلتقي قريبا مجددا كوننا نقطن في الولاية نفسها ،وغادرت المدخل المخصص لوصول الرئيس الى القاعة لأعود الى مكاني بين الحضور.  وقبل ان اصل وصل دونالد ترامب وسط هتافات استمرت لدقائق عدة. لا شك ان محبة الناس له كبيرة وكبيرة جدا والآمال معقودة عليه برغم الحملات التي تقودها وسائل الإعلام ضده والانتقادات التي لم تتوقف يوماً منذ وصوله الى سدة الرئاسة .
يتحدث الرئيس بنبرة الواثق من نفسه المتهكم من خصومه وتقاريرهم واتهاماتهم بمحاولته اجبار أوكرانيا على فتح تحقيق لنجل جو بايدن بالقول "ان ترامب يريد استغلاله لأغراض سياسيه شخصية".
هو يتحدث لغة الناس هنا ويستخدم عباراتهم. يكرر مرارا انه يضع اميركا ومصالحها اولاً وأن الديمقراطيين  يحاولون فقط القبض عليه لأنهم يعرفون أنهم لا يستطيعون الفوز في الانتخابات القادمة، معتبراً ان المؤيدين له هم من النخبة وهم الأذكى والأنجح والألمع .
ترامب خاطب جماهيره لأكثر من ساعة عشية عيد الشكر الذي هو عيد لجميع الاميركين قائلاً: ان الاميركيين هذا العام شاكرين اكثر من أي وقت مضى لأن الاقتصاد يزدهر ، والأجور تزداد ، والجرائم تقل ، و الفقر  يسقط ويختنق وأميركا أقوى من ذي قبل ، اذ هناك سبعة ملايين وظيفة جديدة ، بما في ذلك 600  الف وظيفة جديدة في ولاية فلوريدا وحدها.

ترامب الذي قرر الشهر الماضي أن يغير إقامته بشكل رسمي إلى فلوريدا بعد ان اعتبر  انه حظي بمعاملة سيئة  في نيويورك، يبدو قادراً على تكرار الفوز لولاية ثانية ولن يتمكن الديمقراطيون من عزله عن منصبه بسهولة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى