رأي

أخطأ الوزير وهبة..ولكن!(حيدر شومان)

كتب حيدر شومان

وكأنه لم يكفِ لبنان مآزقه المتعددة في كل ضروب حياته المعيشية والسياسية حتى تأتي عاصفة وزير الخارجية شربل وهبي وتزيد الأمور سوءاً في واقعه الداخلي كما الخارجي وخصوصاً في ما يتعلق بعلاقته بالمملكة العربية السعودية التي يشوبها أصلاً بعض التشنجات التي أثرّت بشكل مباشر على الأوضاع العامة في لبنان وعدم استطاعته النهوض من أزماته المختلفة. 

ولا شك أن حديث الوزير في مقابلته مع شاشة الحرة وانفعاله المبالغ فيه وتعرضه لدول وشعوب عربية لا يليق برمز الدبلوماسية الأهم، وهو وزير الخارجية، كما لا يليق بالحكومة التي يمثّلها،والقول إن استقالته أو إقالته هو أمر بات واجباً لتخفيف التوتر الشديد الذي نتج من تلك المقابلة أمر يحدث في عالم السياسة لتكون التضحية به أقل الخسائر.

ومع عدم القبول بمضمون ما صرّح به الوزير المنفعل والتسليم بتنحيته من دوره السياسي والدبلوماسي، إلا أن هناك بعض التساؤلات التي يجب أن تُثار في هذا المقام: لماذا ردة الفعل المضخّمة في السياسة اللبنانية والإعلامية والدينية وعلى مواقع التواصل المختلفة، وكأننا في بلد يرتع في حياة مثالية ولا يعاني من أية ضائقة في معيشته وتكاد تهدد وجوده؟ أين هي هذه الأصوات العالية في نبرتها والبليغة في مضمونها من معاناة المواطنين والوطن في أسوأ كارثة يعيشها منذ ولادته؟ أين أصحابها من فلسطين والفلسطينيين الذين يتخبّطون في أتون المجازر الإسرائيلية والتي لم يخمد أوارها حتى كتابة هذه السطور؟ لماذا الدفاع عن المملكة بهذه السخونة والحماسة الزائدة وتوجيه التهم في الوقت عينه ضد سوريا والعراق وعلاقتهما بداعش كما ورد على لسان أكثر من غيور ومحب؟ أوليس المبدأ واحداً في وجوب التعاطي وكيفيته مع الأشقاء العرب؟ 

لم يكن ينقص الشعب اللبناني سوى حدث جديد ينشغلون به عن مآسيهم اليومية، ولم ينقص أهل السياسة الذين تورطوا ولا يزالون في صنع هذه المآسي إلا الفرصة التي جاءت سانحة لتلميع صورهم أمام المملكة من خلال آيات المدح والثناء والوفاء وتوجيه التهم والشتائم لمعارضيها في الداخل اللبناني وخارجه، وهذا ما سوف نراه في الساعات المقبلة من خلال الوفود والتصريحات الكاريكاتورية.

لقد وقع الوزير وهبة في الفخ عندما رضي أن يكون ضيفاً على شاشة الحرّة، وهو المنتمي إلى جهة غير مقبولة لسياستها كما هو واضح، وكان من المفروض أن يتوقع نوع الحوار الذي سيفسد في الود قضية فيتعامل معه بعقل بارد وهدوء زائد. ولا شك أن الخطيئة التي اقترفها (بحسب الشاشة والضيف المقابل) هو دفاعه الواضح والجريء عن المقاومة وسلاحها الذي حمى ويحمي لبنان، في مواجهة إسرائيل التي لم تعد عدواً في عرف بعض الدول العربية الشقيقة بل أصبح عنوان الصداقة تجاهها هو السائد في مفردات سياساتها وسياسييها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى