رأيسياسةمحليات لبنانية

الجيش الوطني والأحزاب المذهبية (حسن علوش)

 

حسن علوش – الحوارنيوز

حسمت وثيقة الوفاق الوطني المعروفة بإتفاق الطائف، هوية لبنان العربية التي كانت قبل ذلك هوية ملتبسة في النص الدستوري.

ومعها حسمت “الوثيقة” أيضاً عقيدة الجيش اللبناني بعد أن كرست بالنص الدستوري أن عدو لبنان هو دولة الاحتلال الاسرائيلي، وحددت “الوثيقة”  دور الجيش في هذا السياق بوضوح، فنصّت الفقرة (ج)  من البند رقم3 تحت عنوان “بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية” على التالي: ” يجري تحييد وإعداد القوات المسلحة وتدريبها لتكون قادرة على تحمل مسؤولياتها الوطنية في مواجهة العدوان الإسرائيلي”. كما نصت الفقرة (ج) تحت عنوان “تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي” على “اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لتحري جميع لأراضي اللبنانية من الاحتلال الاسرائيلي وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها ونشر الجيش اللبناني في منطقة الحدود اللبنانية المعترف بها دوليا …”.

وعطفاً على النص الدستوري أكدت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في بيانها الوزاري على “التمسك بإتفاقية الهدنة، والسعي لإستكمال تحرير الأراضي المحتلة، والدفاع عن لبنان في مواجهة أي اعتداء والتمسك بحقه في مياهه وثرواته، وذلك بشتى الوسائل المشروعة، مع التأكيد على حق المواطنين اللبنانيين في المقاومة للإحتلال الإسرائيلي وردّ اعتداءاته وإسترجاع الأراضي المحتلة”.

أمام هذه النصوص الواضحة وإنطلاقاً من الدور الوطني والطبيعي للجيش اللبناني أن يتعامل بحكمة ودراية ومسؤولية مع كل ما يتصل بالمقاومة الوطنية المشروعة طالما أن هناك إحتلالا وعدوا يتربص بلبنان شراً ويجاهر بأطماعه.

لم يكن الآداء الذي أقدم عليه الجيش الوطني اللبناني سياسياً، بل وطنياً بإمتياز. 

لقد ارتقى الجيش بعد “الطائف” إلى مستوى التحديات الوطنية وتحول الى مؤسسة عابرة للطوائف، وأسس لنجاح هذه التجربة الرئيس اميل لحود الذي كان آنذاك قائدا للجيش اللبناني.

ارتقى الجيش وطنياً، فيما بعض أحزاب سلطة ما قبل الطائف، بقيت مذهبية وطائفية ومتمسكة بإمتيازات سقطت بفعل الحاجة الى الانتقال الى دولة المواطنة والغاء شتى انواع التمييز بين المواطنيين وفق ما نصت الفقرة (ج) من مقدمة الدستور:” لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على حترام الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الإجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل”.

لقد كشفت جريمة الكحالة، أن هذه الأحزاب المذهبية لا زالت غارقة في وحول ما قبل الطائف، ولا زالت على خطابها، لا بل على قناعتها بمشاريعها السابقة، وهي عملت ولا تزال على إلغاء “الطائف” أو تجميده أو تحويره وإفراغه، من مضمونه الاصلاحي بالممارسة.

مارست هذه الأحزاب ضغوطاً هائلة على قيادة الجيش، وحاولت ترهيبه بالخطاب الطائفي، وأطلقت حملات التخوين، لكن قيادة الجيش بحكمتها الوطنية تمكنت من تجاوز هذا القطوع، على الرغم من القناعة المطلقة بأن للجريمة تداعيات أمنية وأخرى سياسية بحاجة لجهود كبيرة ومتواصلة، من أجل تذليلها نهائيا.

وتذليل مثل هذه الأحداث المتكررة المتفلّتة، إنما يكون بالدولة القوية وهذا غير متوفر الآن، والدولة اليوم، في أضعف حال عرفته منذ قيامها.

الدولة القوية بمؤسساتها الوطنية، شكلت وتشكل باباً للإطمئنان وللوحدة، أما الدولة الضعيفة فهي الممر الرئيسي لنمو مؤسسات الأحزاب الطائفية التربوية والصحية والثقافية والأخطر الأمنية.

واليوم، فإن مختلف المؤسسات الدستورية، إما معطل بالكامل أو جزئياً، بإستثناء مؤسسة الجيش اللبناني التي تعمل فوق طاقتها ملتحفة بإيمانها بالوطن ووحدة شعبه وسلامة أراضيه.

إلى مستوى هذا الإرتقاء على الأحزاب كافة أن ترتقي قبل فوات الآوان. 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى