رأي

حذر و يقظة من عمليات لداعش في العراق ولبنان (جواد الهنداوب)

د. جواد الهنداوي – الحوار نيوز

ما اكتّبه هي توقّعات وليست معلومات ، و ادعو الله عّزَ وجلْ ،ان تُخيب الظنون ، و ما الافصاح عن هذه التوقعّات الاّ للحيطة و للحذر ، ولاستباق القدر ،و الوقاية خيرٌ من العلاج .
عادَ تنظيم داعش و بقوة فاستهدف قبل ايام قلائل ، في دير الزور ،في سوريّة ، مركبة ناقلة جنود من الجيش العربي السوري ، و ارتقى اكثر من ثلاثين شهيدا و جريحا . وضربَ في الامس في مزار في مدينة شيراز الايرانية . و أعتقد بأننا في موسم نشاط داعشي في جغرافية دول محور المقاومة ( سوريّة ،لبنان ،العراق )، نشاط يتزامن مع نشاط عسكري امريكي -اسرائيلي محموم في المنطقة ، حيث تحشدات بريّة وبحريّة و جويّة للجيش الامريكي ،وعلى الحدود السورية العراقية الاردنيّة ، و السورية التركية ، والغرض إمّا هجوم على لبنان وهذا هو السيناريو الاكثر احتمالاً ، و إمّا على سوريا ، ولا يمكن ،في حالة الاعتداء ،فصل جبهة عن أُخرى .
ولامريكا و ربيبتها اسرائيل ،الآن ،مصالح في الحرب رغم حرب اوكرانيا و رغم قلّة الاحتياطي من خزين العتاد و السلاح لدى امريكا و اسرائيل ، و رغم تهّرأ الجبهة الداخلية في اسرائيل ، ولعلَ العلاج لهذا التهرّأ هو الهروب الى الحرب .
فقدت اسرائيل قوة الردع وفقدت ايضاً كثيرا من عناصر قوتها و تفوقّها ، و ادركت اسرائيل ان عقارب الساعة تدور و تطحنها ، و تمضي السنون وتتعاظم قوة حزب الله وفي جميع الصنوف العسكرية و الميدانية ، ويستعيد الجيش العربي السوري عافيته وقدراته القتالية والميدانية ، و يتراكم يوماً بعد يوم الدعم الايراني المُميّز في السلاح والمسيرات والتقنية والصواريخ الدقيقة .
محور المقاومة ( سوريّة ،اليمن ، حزب الله ،الحشد الشعبي ) ،ليس بغافلٍ عما تحيكه اسرائيل و بدعم امريكا ، ولم يتوقف حزب الله عن تحذير اسرائيل و امريكا من مخاطر اقدامهما على شّنْ حرب ، وما اعلان حزب الله قبل يوميّن ، وبالصوت والصورة ، وبمناسبة ذكرى انتصار حرب تموز عام ٢٠٠٦ ، عن امتلاكه لسلاح جديد مضاد للمدّرعات الاّ استشرافاً منه بخطر حرب تعدها امريكا و اسرائيل ، كذلك ،تندرج تصريحات السيد عبد الملك الحوثي في ذات سياق التحذير والتهديد لامريكا .

ماذا عن العراق و ماذا عن إيران ؟
امريكا ،والتي لم تعلن عن ترحيب ،رئيس مجلس الوزراء ،السيد محمد شياع السوداني لزيارتها ، دعت وزير الدفاع العراقي لزيارة واشنطن واللقاء بنظيره ،امرٌ يدّلُ على اهتمام امريكي بالجانب الميداني و العسكري في العراق ، وفي هذا الظرف والوقت . ولم تتوقف امريكا عن زيادة عديد جنودها في قاعدة او في ” مستعمرة ” عين الاسد ، كما يصفها السياسي العراقي عزّت الشابندر ،في تغريدة له اليوم عن حجم التحشيد العسكري الامريكي على الحدود بين سوريّة و العراق .

بالتأكيد تسعى امريكا الى تحييد العراق او الجيش العراقي ،في حال هجوم اسرائيلي امريكي على لبنان وسوريّة ، ولكن لا تضمن امريكا نجاح مسعاها وخططها في تحييد الحشد الشعبي و فصائل المقاومة الاخرى ،و التي قاتلت الى جانب قوات الجيش العربي السوري ضّدَ داعش والمجاميع الارهابية الاخرى .
و لا يمكن عزل ارتفاع سعر صرف الدولار في العراق ،رغم جهود الحكومة ، عما يجري ميدانياً من ارهاصات حرب مُحتملة في المنطقة .
ماذا عن إيران ؟
تخشى ما تخشاه امريكا وربيبتها اسرائيل هو موقف و دور ايران ،باعتبارها العمود الفقري لمحور المقاومة . ايران ،اليوم ،حلّت محل الاتحاد السوفيتي ،تجاه العرب ( سوريا ،لبنان ،اليمن ،الحشد الشعبي ، فصائل المقاومة الفلسطينية ، الجزائر ) ، في الدعم و التسليح . بل و اكثر مما كان عليه دور الاتحاد السوفييتي ! دور الاتحاد السوفيتي كان خجولاً و محدوداً بسلاح لا يتفوق على اسرائيل ،و لا يمكن ان يساهم في دحر اسرائيل .الاتحاد السوفييتي ،ونحن نكتب عن فترة النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي ، زّوَدَ العرب ،حينها ، بسلاح دفاعي ، ولم يسمحْ لهم باقتناء سلاح هجومي !
إيران اليوم تزّودُ فصائل المقاومة بصواريخ دقيقة و بخبرات وبتمويل ، وتسعى الى دحر اسرائيل ، وطرد امريكا من المنطقة ، وهذا ما تعلنه ايران رسمياً وتُقدِمْ عليه ميدانياً . لكن ،إيران لا توصد باب السياسة مع أمريكا ( الشيطان الاكبر ) ، ولا امريكا تغلق نوافذ التواصل لا مع ايران ، ولا مع حزب الله في لبنان ،وبشكل غير مباشر .
قبل ايام ،أُفرِجَ عن اموال ايرانية مُجّمدة في كوريا الجنوبية وفي العراق ، و اعلنت ايران ذلك ،كما اعلنت عن قُربَ افراجها عن خمسة سجناء امريكين ، و تمتْ هذه الصفقات بوساطة قطرية و عُمانيّة .
الغريب في الامر هو أن تتزامن هذه الافراجات ،و التي هي مؤشرات ايجابية وحالمة بالتهدئة ، و تخفيف التوتّر ،في وقت تتصاعد و تتفاقم فيه حدّة الاستعداد الميداني العسكري ، على الحدود السورية اللبنانية العراقية .
هل تحاول امريكا تحييد إيران ، في حال قيام اسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية محدودة في جنوب لبنان ،ذات اهداف محدودة ؟
هذا ما تفكّر به امريكا ،كما اعتقد ، و تأمل من ايران الحياد ، وقد يكون بعد الحياد ، حّلْ مستديم للملف النووي الايراني ، ومسار في رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة .
وبالتأكيد ، لن تسمحْ إيران ، لا لامريكا و لا لاسرائيل بشّنْ حربٍ وجودّية ضّدَ حزب الله او ضّدَ سوريّة ،وأمريكا تعرف وتدرك ذلك جيداً .
نشاط داعش ،اليوم ،في سوريّة و في ايران ، و ربما ،لاسامح الله ، غداً في العراق وفي لبنان ،ما هو الاّ تمهيد و تزامن مع الحملة العسكرية الامريكية الاسرائيلية ، عندما يهّمُ الامبرياليون و تجّار الموت الذهاب الى الصيد يصطحبون كلابهم ،دواعشهم و عملائهم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى