حرب غزةسياسة

مقترحات إسرائيلية جديدة قد تعيد عجلة المفاوضات إلى الدوران (حلمي موسى)

 

 كتب حلمي موسى من غزة:

من المقرر، وفق صحيفة “إسرائيل اليوم” المقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أن يجتمع كابينت الحرب اليوم لمناقشة مقترحات جديدة تقدم بها الوفد الإسرائيلي المفاوض لإخراج عجلة مفاوضات تبادل الأسرى من حالة الجمود القائمة.

وترافق هذا النبأ مع تزايد الأحاديث، عبر صحف أمريكية وإسرائيلية، بقرب انطلاق الهجوم الإسرائيلي الكبير على رفح. وواضح أن الربط بين المفاوضات لتبادل الأسرى والتهديد باجتياح رفح يؤكد أن هذه التهديدات باتت جزءا من أسلحة المفاوض الإسرائيلي للضغط على حماس. لكن وفيما يرتفع التهديد باجتياح رفح ترتفع أصوات أمريكية تقول إن إدارة بايدن لم تمنح بعد ضوءا أخضر لعملية في رفح وما تزال ترى فيها مسببا لكارثة إنسانية كبيرة.

ونشرت “إسرائيل اليوم” تقريرا يتحدث عن أن العملية في رفح تقترب، وفي الوقت نفسه سيجتمع كابينت الحرب اليوم (الخميس). وأوضح مسؤولون سياسيون لـ”إسرائيل اليوم” أن الجهود الرامية إلى بلورة الخطوط العريضة لصفقة الرهائن التي تتماشى مع مصالح إسرائيل لم تتوقف عند أي نقطة. ومع ذلك، في كابينت الحرب ثمة إجماع على أنه لا ينبغي تأجيل العمليات العسكرية لفترة أطول حتى لو فُتحت نافذة للتوصل إلى اتفاق. ونقلت الصحيفة عن أحد المصادر السياسية قوله: “إذا تطورت إمكانية التوصل إلى اتفاق فسنتوقف، لكن إلى أن يحدث ذلك لا توجد نية لتأخير ما هو مخطط له”.

ومن المقرر أن يعقد نتنياهو بعد اجتماع كابينت الحرب اجتماعا للحكومة الإسرائيلية لبحث مسألتي التبادل واجتياح رفح، فضلا عن الخطر الذي باتت إسرائيل تخشى منه، وهو إمكانية إصدار المحكمة الجنائية الدولية أو محاكم أخرى أوامر اعتقال دولية بحق مسؤولين إسرائيليين سياسيين وعسكريين.

ومعروف أن المفاوضات لتبادل الأسرى وصلت إلى طريق مسدود مؤخرا، لكن حكومة نتنياهو هي من يتعرض لضغوط داخلية شديدة لتحريك المفاوضات. ونقل موقع “والا” عن مسؤول إسرائيلي قوله إن من المتوقع أن يتم خلال اجتماع الغد تقديم أفكار جديدة لفريق التفاوض الإسرائيلي حول سبل الخروج من الطريق المسدود في محادثات المفاوضات بمزيد من التفصيل. وقال مسؤول إسرائيلي كبير آخر: “هذه مناقشات إسرائيلية داخلية. وهذا لا يعني أن هناك عرضا مطروحا على الطاولة من حماس أو الوسطاء”.

ومن المتوقع أن يناقش كابينت الحرب اليوم (الخميس) مبادرة جديدة للترويج لاتفاق لإطلاق سراح المختطفين لدى حماس في قطاع غزة، حسبما صرح مسؤول إسرائيلي كبير لموقع “والا”. وفي اجتماع مجلس الوزراء الحربي يوم الأحد، بدأت مناقشة أولية حول الأفكار الجديدة لفريق التفاوض الإسرائيلي حول سبل الخروج من الطريق المسدود الذي وصلت إليه المحادثات، ومن المتوقع أن يتم عرضها بمزيد من التفصيل في مناقشة اليوم.

وكان مسؤول كبير في حماس قد أبلغ صحيفة “العربي الجديد” أن الحركة عرضت إطلاق سراح 40 رهينة في المرحلة الأولى من الصفقة، وليس 20 كما تزعم إسرائيل. وأضاف، أن عدد المختطفين الأحياء أكبر بكثير مما يُزعم، رغم أنه لا يمكن تحديد العدد الدقيق. وأضاف أن حماس لديها 30 ضابطا في الجيش الإسرائيلي وأفراد الشاباك الذين تم أسرهم في 7 أكتوبر، وهم محتجزون تحت إجراءات أمنية مشددة ولا تستطيع إسرائيل الوصول إليهم.

ومن جهة أخرى وفي ظاهرة نادرة قام كل من رئيس أركان الجيش الإسرئيلي الجنرال هرتسي هاليفي ورئيس الشاباك رونين بار بزيارة إلى العاصمة المصرية لبحث مسألتي مفاوضات التبادل واحتمال اجتياح رفح. ولهذا الغرض التقى هاليفي وبار، وفق الصحافة الإسرائيلية، بكل من رئيس أركان الجيش المصري أسامة عسكر ورئيس المخابرات العامة عباس كامل، للتنسيق معهم ومحاولة تهدئة مخاوفهم من أي عملية في رفح. وبحسب “والا” فإن إسرائيل أوضحت أنه لا يوجد موعد نهائي لبدء العملية، وأن القرار سيتم اتخاذه عندما تسمح الأوضاع الإنسانية واستقرار المنطقة بذلك. وأشار أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين إلى أن الاثنين ناقشا أيضًا قضية الأسرى مع المصريين.

     ولاحظ المراسل السياسي لموقع “والا” باراك رافيد أن التنسيق العسكري والسياسي الوثيق مع مصر يعد أحد الشروط الأساسية للعمل العسكري الإسرائيلي في رفح، خاصة في ظل نية إسرائيل السيطرة على محور فيلادلفي المحاذي للحدود بين قطاع غزة ومصر. ويشعر المصريون بقلق بالغ من أن تؤدي عملية إسرائيلية في رفح إلى تدفق عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى أراضيهم، بل وحتى إلى اختراق الحدود بطريقة تعرض أمنهم للخطر. وقد أوضح كبار المسؤولين المصريين علناً وفي محادثات مغلقة مع إسرائيل أن مثل هذا السيناريو سيؤدي إلى تمزق العلاقات مع إسرائيل، بل ويمكن أن يعرض اتفاق السلام بين البلدين للخطر.

     وهذه هي الزيارة الثانية لرئيس الشاباك ورئيس الأركان إلى مصر لإجراء محادثات حول عملية رفح. وكانت الزيارة السابقة في منتصف شهر فبراير/شباط الماضي لنقل رسالة مفادها أن إسرائيل ستتخذ خطوات لضمان ألا تؤدي عملية رفح إلى تدفق آلاف اللاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية.

ويقول مسؤولون إسرائيليون كبار إنه تم إحراز تقدم كبير في الإعداد لإجلاء السكان المدنيين من رفح. ووفقا لهم، أقامت مصر والإمارات العربية المتحدة مدن خيام ضخمة بين رفح وخانيونس وكذلك في منطقة المواصي شمال غرب رفح على طول الساحل. وقال مسؤول إسرائيلي “الجميع ينتظر توجيهات نتنياهو للبدء في إجلاء السكان المدنيين من رفح.   وعليه أن يحل المسألة مع الأمريكيين والمصريين”. وأشار أحد كبار المسؤولين الأميركيين إلى أن الخطط التي قدمها الجيش الإسرائيلي إلى وزارة الدفاع الأميركية في الأسابيع الأخيرة تضمنت عملاً بطيئاً وتدريجياً في رفح – حياً تلو الآخر – وليس غزواً شاملاً للمدينة بأكملها.

     وقال المسؤول الأميركي إنه بحسب الخطة الإسرائيلية التي عرضت على الأميركيين، لن يكون من الضروري إخلاء جميع المواطنين من المدينة على الفور، بل سيتم إخلاء كل حي على انفراد. وقال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون كبار، إن مسؤولين إسرائيليين كبار عرضوا، الخميس الماضي، خلال اللقاء الافتراضي بين إسرائيل والولايات المتحدة حول قضية رفح، الخطة الإنسانية الإسرائيلية في ما يتعلق بعملية رفح.

     وخلال اللقاء، أكدت إسرائيل للولايات المتحدة أن قرار إطلاق العملية في رفح سيتم على أساس تهيئة الظروف على الأرض التي تسمح بذلك، وخاصة في المجال الإنساني، وليس على أساس الموعد النهائي الذي يحدده. وقال مسؤولون أميركيون كبار إن القوات الإسرائيلية ستكون جاهزة لبدء العملية.

     وخلال الاجتماع، ادعى الممثلون الإسرائيليون أن 250 ألف فلسطيني لجأوا إلى رفح قد غادروا المدينة بالفعل خلال الأسبوعين الأخيرين، منذ مغادرة الجيش الإسرائيلي خان يونس. وذكر مسؤولون أميركيون كبار أنهم رصدوا في الأيام الأخيرة عودة هؤلاء إلى رفح، بعد اكتشاف أن البنية التحتية والمنازل في خان يونس مدمرة بالكامل.

     وذكر مسؤولون أميركيون كبار أنه من الواضح أن إسرائيل غيرت نهجها، وتستمع إلى انتقادات وقلق إدارة بايدن، وتغير خططها بشأن رفح وفقا لذلك. ورغم ذلك، لا يزال كبار المسؤولين في إدارة بايدن يشعرون بالقلق إزاء الإجراء الإسرائيلي في رفح، وقد طرحوا خلال الاجتماع الافتراضي الأخير ما لا يقل عن عشرة أسئلة يرغبون في الحصول على إجابات عنها من إسرائيل.

في كل حال وفي ظل اتهامات يوجهها المستوى السياسي في إسرائيل للمستوى العسكري بشأن رفح، يبدو أن الجيش صار يرد بالعملة نفسها. وهكذا أعلن مصدر عسكري أن الجيش أنهى استعداداته للعملية رفح وأن كل شيء بانتظار موافقة المستوى السياسي. وبحسب المصدر العسكري فإن العملية يمكن أن تبدأ على الفور.

وكان الجيش قد سرب للمراسلين العسكريين أنباء تتحدث عن أن عددا كبيرا من الوحدات العسكرية باتت في جاهزية عالية للدخول إلى وضع قتالي وتنتظر “الضوء الأخضر”. وفي هذه المرحلة تغير بعض القوات مهامها، وبعضها يخرج للانتعاش والتدريب وزيادة كفاءته. وقال مسؤول عسكري كبير لموقع “والا”: “ليس لدينا أدنى شك في أن الضغط العسكري الكبير في رفح سيحدث تغييرًا إيجابيًا في المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن”.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى