حكايتي مع القمر.. حظ ام نحس ؟

لأني لا أحبّ سرقة انتاج احد سبقني، ولأني أؤمن بذكائي وقدراتي الى حدّ مزعج، قررت ان يكون موضوع اطروحتي  في فرنسا مميزاً عند التخرج:"أثر القمر على الحالة النفسية للانسان".

قديما كان القمر إله يُعبد ،وكان مركز تلك الديانة في مدينة حران (جنوب العراق) ولجماعة الصابئة ،مؤمنين في حركة الكواكب والنجوم. ويحكى ان فكرة الاشهر القمرية وبدء ونهاية شهر رمضان عند رؤية القمر عند المسلمين ،ما هي الا امتدادات لتأثيرات الصابئة على فكر العرب التي نقلتها حركة القبائل العربية .
العالم mesmer واحد من علماء قالوا ان ما يحيط الانسان ليس مجرد هواء ،بل نسيج لسائل غير مرئي (كنسيج سائل الضوء) خاضع لتأثيرات حركة النجوم والكواكب عبر حقل مغناطيسي يترجم نفسه كحركة فيزيائية -مائية عند المدّ والجذر في البحار والبحيرات والانهار، وحتى المزارعين يعرفون مدى تاثير سطوع القمر على الخيار والمقتا والبطيخ وغيرها ،وطبيا من المعلوم ان مادة الميلاتونين المساعدة على النوم تفرز بكثرة عند الظلام والليل .
احد اهمّ مكونات جسد الانسان هو عنصر الماء(او السائل)  اذ تبلغ نسبته اكثر من 70% عامة والدم خاصة، فذلك يعني ان ما يصحّ خارج جسد الانسان من تأثيرات فيزيائية للقمر وللكواكب ، يصحّ أيضاً في ما خصّ داخله من سائل او ما  يترجم كحالة مدّ وجذر دموية دماغية ومائية في باقي الخلايا ما ينتج عنه اضطرابات عصبية ونفسية من إكتآب وتقلب مزاج وجنوح للانتحار ونوبات صرع ونوبات جنون وحالات هلع مفاجئة مع خفقات قلب سريع وحالات خوف عميق من لا شيء او خوف من جذور الخوف الاوّل للموت.
حكاية او اسطورة  الذئب "غارو"  تتحدث عن تحول رجل الى ذئب عند اكتمال واضح للقمر في السماء، كما ربطت اساطير كثيرة بين اكتمال وغياب القمر وبين احداث عظيمة  الهية وانسانية.
امضيت سنة كاملة وانا ابحث عن رابط علمي بين دخول المرضى النفسيين الى قسم الطوارىء وبين شكل القمر في السماء، ورسمت ذلك على محورين، محور شكل القمر ومحور عدد المرضى والتشخيص المرضي للمرضى ،معتمداً على ارشيف عمره 20 سنة.

كانت النتيجة ان لا علاقة تُذكر بين تحولات القمر وتبدلات الحالة النفسية عند الناس والمرضى خاصة.
دخلت الى لجنة التحكيم في مدينة مرسيليا لادافع عن اطروحتي مزهوا بالنتيجة وبعملي المميز والاصيل لتفاجئني اللجنة برأيها:
-ايها الطبيب لقد اثبت ما هو معلوم لدينا ومعروف منّا ،و قد اضعت وقتك في متاهات  لتثبت ان الخرافة خرافة!
اختصارا لكم ،اللجنة اعتبرت اني فسّرت الماء و بعد جهد بالماء ولو بعد حين، أي" دق المي وهي ميّ".
طلبوا مني التقدم من جديد وباطروحة جديدة بعد ستة اشهر.
خرجت ، رميت الاطروحة باقرب قمامة، استقليت سيارتي المتواضعة جدا بين باقي السيارات واسرعت في القيادة غاضبا، لأنتبه ان كل السيارات تضيء وتطفىء مصابيحها لي، لاكتشف اني اقود السيارة بعكس  السير على الخط السريع.
بعد ستة اشهر وامام باب اللجنة استفسر مني  طلاب فرنسيون عن حادثة رفض اطروحتي، فصمتت وسالتهم عن مواضيعهم فقالت احداهن"الانسان وشجرةالزيتون".قالت اخرى "الانسان والحصان". قال احدهم"الانسان ولعبة الشطرنج" ،فاستأذنت الدخول قبلهم  بل رجوتهم بشدة وذلك لانجو بجلدي من غضب اللجنة ، فدخلت ودافعت عن اطروحتي العادية جدا والمتكررة والتي سرقت فيها من انتاج غيري وتحدثت بتواضع ،بعنوان" فصام الشخصية الحاد" ونجحت وخرجت ووقفت عند النافذة اتلصص على زملائي لاجدهنّ يبكين امام اللجنة ،ولاجده يرجوهم ان لا يبدلوا له عنوان الاطروحة لارتباطه بعمل بعد اسبوع.
تعلمت ان اهمّ مسالة في العلم التواضع.
استقليت السيارة وهربت قبل ان يخرجوا غاضبين مني وكي لا يحملوني المسؤولية.
هكذا انتقم القمر مني ،وهكذا كادت ان ان تقتلني الكواكب .. لكم ابراجكم، لكم اعتقاداتكم بالنحس، انا محايد بينكم وبين الاساطير وبين الحقائق ،بين الاله القمر وسادتي الكواكب و حركة انتقال القبائل الغربية في شبه الجزيرة العربية وفي بلاد العراق والشام ولبنان وفلسطين والله اعلم.