اعادة تأهيل مرضى القلب: كيف ولمن ولماذا؟
1-مقدمة:
ظهرت فكرة اعادة تأهيل المرضى الذين تعرّضوا لأزمات قلبية أو خضعوا لعمليات قلب مفتوح او لعمليات اخرى تدخلية في بداية سبعينيات القرن الماضي,حيث بدأت منذ ذلك التاريخ بلورة وتطوير فكرة انشاء هكذا مراكز ووضع دفاتر الشروط الالزامية لافتتاحها من ناحية المكان والمعدّات والفريق الطّبي المشرف والبرامج المعتمدة .وكذلك لناحية المرضى الذين يستفيدون من هذه الخدمة والتّوصيات اللّازمة لتنظيم هذا العمل والتي تمّت اعادة تجديدها في سنة 2011 .وقد أظهرت الدراسات انّ الاعتناء بمرضى القلب في هكذا مراكز له ايجابيات كبيرة لناحية تخفيف الوفيّات بشكل كبير بعد التعرض لأزمة قلبية ،وهو يساهم أيضا" بشكل كبير في منع معاودة تكرار أعراض المرض واختلاطاته الجانبية ومنع تكرار حالات الدخول الى المستشفى وتحسين كبير في نمط الحياة بعد التعرّض لللأزمة القلبية.وقد أظهرت بعض الدراسات مثلا" انّ خضوع المريض لبرنامج اعادة تأهيل بعد تعرّضه لأزمة قلبية يخفّف نسبة الوفيات بنسب قد تصل الى 25%، وهي نتائج تستمر على المدى البعيد بعد مرور أكثر من عشر سنوات على الخضوع لهذا البرنامج ممّا يظهر انّ المكوث لفترة 5 الى 6 أسابيع في هكذا مراكز لاعادة التأهيل يغيّر كثيرا" من عادات ونمط حياة ووعي هؤلاء المرضى ويترك لديهم آثار ا صحيّة ونفسية واجتماعية تمتد لوقت طويل الأمد ممّا يؤكّد أهمية هكذا مراكز التي يوجد منها تقريبا"في كل الدول المتقدمة والتي نفتقدها في لبنان بسبب أوضاعنا الاقتصادية والماليوالماوالمالية المتدهورة ولعدم وجود سياسات صحية علمية ومنهجية تحاول أن تحاكي وان تجاري كل التطورات العلمية التي تحدث في العالم المتقدّم امّا جهلا" وتقصيرا" لعدم وجود الشخص المناسب في المكان المناسب ، وامّا لعدم وجود الامكانيات الاقتصادية والبنى التحتية والخطط الصحية التي تسمح بالحصول على هكذا خدمات، لأنّنا في لبنان وفي معظم بلادنا العربية لنا أولويات واهتمامات اخرى ليس أقلّها الحصول على أقل مقوّمات العيش الكريم ،ومن أهمها حق الطبابة والدواء المجاني أو بأقل كلفة ممكنة دون التّسكّع أمام مكتب هذا الزعيم أوالوزير أو النائب أو الحزب أو التيار أو الجمعية الانسانية الفلانية .
2-من يستفيد من هذه البرامج:
هو برنامج يهدف الى مساعدة الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب,والذين خضعوا لعمليات جراحية قلبية أو لاجراء عمليات القسطرة أولعمليات توسعة للشرايين التاجية للقلب بالبالون والروسور,والمرضى الذين يعانون من العوامل المسبّبة أو المساعدة على الاصابة بأمراض القلب والشرايين مثل السمنة,ارتفاع ضغط الدم,السّكري,ارتفاع نسبة الدهون في الدم، على العودة الى حياتهم الانتاجية الفعّالة من الناحية العقلية والجسدية والاجتماعية، وبشكل تفصيلي أكثر فانّ توصيات الجمعيات العلمية المتخصصة الأميركية والأوروبية تشير الى أنّ هناك فئتين من المرضى الذين يستفيدون من هكذا برامج:
أ- من يستفيد بشكل كبير جدا"من هكذا برامج:هم المرضى الذين تعرّضوا لأزمات قلبية حادة (ذبحة قلبية حادة أو خناق صدري غير مستقر مع أو بدون زرع روسورات داخل الشرايين التاجية,المرضى الذين يعانون من قصور في عضلة القلب مع خلل في عمل وقوة العضلة القلبية وأعراض قصور قلبي من الدرجة الثانية والثالثة لجمعية نيويورك لأمراض القلب,المرضى الذين يعانون من نشاف او تصلّب مُتقدم في شرايين الأطراف السفلى للجسم من الدرجة الثانية والثالثة وأخيرا" المرضى الذين يعانون من عوامل خطورة متقدمة جدا" للاصابة بأمراض القلب والشرايين مثل التدخين الشديد والمزمن بكل أشكاله,مرض السكري المزمن أو الغير مراقب بشكل جيد,مرض ارتفاع الضغط الشرياني المزمن أو الغير مراقب بشكل جيد,المرضى الذين يعانون من السّمنة المتقدمة ومن ارتفاع الدهنيات في الدم.
ب- من يستفيد بشكل كبير من هكذا برامج:هم المرضى الذين يعانون من حالة خناق صدري مستقر أو الذين خضعوا لعملية توسيع لأحد شرايين التاجية للقلب بحالة باردة أو مبرمجة(غير طارئة أو مُستعجلة),المرضى الذين خضعوا لعمليات جراحة قلبية لزرع جسور أبهرية- تاجية أو لعمليات تغيير لأحد صمامات القلب,المرضى الذين خضعوا لعملية تركيب بطارية مُنظّمة للقلب من أجل مُساعدة عضلة القلب في حال وجود قصور قلبي مع قوة مضخة قلبية أقل من 30 الى 40% ،وأخيرا" المرضى الذين خضعوا لعملية زراعة قلب طبيعي أو لعملية زراعة قلب إصطناعي لمساعدتهم على التأقلم مع كل الجوانب السريرية والبيولوجية والنفسية والاجتماعية الجديدة الناتجة عن ذلك.
وبشكل مبسّط من الممكن القول بأنّ هكذا برامج هي مفيدة جدا" عند المرضر الذين يكونون في حالة صحية وقلبية "مستقرة". وهناك نسبة من المرضى الذين لا يمكنهم الاستفادة من هكذا برامج وهم بشكل عام المرضى الذين يعانون من مشاكل قلبية وأعراض سريرية تؤدي الى أن نصف حالتهم بأنها "غير مستقرة"، ان من ناحية الضغط الشرياني أو من ناحية وجود اضطرابات خطيرة في كهرباء القلب. كذلك لا يستفيد من هكذا برامج كل المرضى الذين يعانون من اعاقات جسدية أو عصبية أو عضلية تمنعهم من أن يكونوا مستقلّين في حركتهم ونتقلاتهم ،ولذلك فهم غير قادرين على القيام بأي نشاط جسدي أو أيّة تمارين مطلوبة من ضمن هكذا برامج. ويدخل في هذه الخانة من المرضى ،كل المرضى الذين يعانون من مشاكل في العظام والمفاصل والروماتيزم،والمرضى الذين تعرضوا لجلطات دماغية مع وجود اعاقات جسدية مهمة أو دوخة كبيرة أو عدم القدرة على التحكم بالتوازن عند المشي.