رأي

أميركا..و”إتلاف التكفيريين” في سوريا (نسيب حطيط)

 

د.نسيب حطيط – الحوارنيوز

بعد إنتهاء مهمة “الأفغان العرب” ضد الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، تم تجميعهم في قاعدة عسكرية بحجة دراسة مستقبل وجودهم في افغانستان وإعادتهم الى دولهم ،ثم قامت الطائرات الأميركية بقصفهم،  ومن عاد الى وطنه تم إعتقاله من الحكومات التي سهّلت وصوله الى افغانستان ودعمته مالياً ومخابراتياً وشرّعت قتاله بالفتاوى ، وأصدرت الأحكام ضدهم بصفتهم إرهابيين وقتلت بعضهم، واستطاع  البعض  الفرار وإعادة التجمع برعاية وتنظيم أميركي، فوُلدت “داعش” والنصرة” وهيئة تحرير الشام” وعشرات الفصائل التكفيرية  .

إنسحب الجيش الإسرائيلي من لبنان ،من دون إبلاغ “جيش لحد”  وترك جنود لحد وعملاءه  مع عائلاتهم على الحدود، ولم يسمحوا لهم بالدخول الى فلسطين المحتلة. وبعد السماح لهم صاروا لاجئين مشردين منبوذين داخل إسرائيل، ولم تشفع لهم خدمتهم جيش الإحتلال أكثر من 20 عاماً، وكذلك فعلت إسرائيل مع القوات اللبنانية في دير القمر والجبل .

أنجزت الجماعات التكفيرية التي جمعتها أميركا بواسطة تركيا وبعض الدول العربية، المهمة الموكلة اليهم إسقاط سوريا بعد 14 عاماً من الحرب وإخراجها من محور المقاومة وشطبها كدولة مركزية في العالم العربي،  ودمّرت إسرائيل كل قدرات سوريا العسكرية والعلمية، وصادرت منابع المياه في الجنوب السوري وستكمل نهب الثروات السورية، وستكمل الجماعات التكفيرية مجازرها ضد العلويين والدروز والأكراد والشيعة والمسيحيين ،لتسهيل تقسيم سوريا او الفوضى  او طلب الحماية الخارجية للأقليات، كما حصل “للدروز” في الجولان والجنوب السوري والحماية الإسرائيلية لهم، والتي يمكن ان تمتد الى “جرمانا” في ضواحي العاصمة دمشق، ودفع العلويين لطلب الحماية اما من اسرائيل او من روسيا او ربما أمريكا، لوقف الإبادة والمجازر الجماعية ، وكذلك الأكراد الذين ينسقون مع أميركا منذ زمن طويل، ولن يبقى من سوريا إلا محافظاتها الداخلية المعزولة التي ستتقاتل مع بعضها، بين المذاهب السنية الأربعة المعتدلة  والمذهب الوهابي  والقتال بين الحركة الصوفية والجماعات التكفيرية وبين الفصائل المتعددة الإرتباطات والتمويل.

لن ترضى إسرائيل بمقاسمة تركيا على الطريدة السورية ، بل ستعمل على إنهاء دور تركيا والجماعات التكفيرية بعد إنجاز مهمتهم من دون تعويضات أو ترقية تركيا الى مستوى الحليف او الشريك، بل ستبقى برتبة العبد الذي ينفذ المشروع  الأميركي-الإسرائيلي مقابل بعض الفتات، من دون السماح له بالجلوس على طاولة التقاسم  لسوريا. وكانت الرسالة  الإسرائيلية القاسية بقصف القوات التركية في سوريا وقتل المهندسين الأتراك في مطار حماة العسكري.

بعد إنتهاء مهمة الجماعات التكفيرية ،ستبادر أميركا “لإتلاف” هذه الجماعات والتخلص منها، إما بواسطة القصف الإسرائيلي بعنوان تهديدها للأمن الإسرائيلي نتيجة ” فتوى خداع” يمكن ان تطلب اميركا إصدارها بحجة “الجهاد” ضد إسرائيل ونصرة “غزة” بعد فوات الأوان، ويتم القضاء على هذه الجماعات” بالجملة ” او عبر إشعال القتال بين الفصائل والإحتفاظ بجزء منها ،خاصة التكفيريين من آسيا الوسطى والصين،لإستخدامهم ضد روسيا في المستقبل القريب مع بعض المهمات الجانبية في لبنان والعراق.

إن “إتلاف” الجماعات التكفيرية ،هو قرار أميركي محتوم ينتظر التنفيذ ،فأميركا لا تحتفظ بالعملاء الذين ينفذون مشاريعها بعد انتهاء مهماتهم، سواء كانوا رؤساء او ملوك او أمراء او تنظيمات كما فعلت مع “بن لادن” وأبو بكر البغدادي” و “الزرقاوي”، سواء قتلتهم او قامت بإخفائهم، وكذلك فعلت مع “صدام حسين” بعد توريطه بالحرب على إيران وغزو الكويت ثم أسقطته وأعدمته، وكما ستفعل مع غيره، وكذلك العدو الإسرائيلي لا يقيم تماثيل لمن يتعامل معه بل يتركه على الأرصفة او يقتله! 

إن الجماعات التكفيرية وتركيا خطرٌ يهدّد أوروبا نتيجة موقع تركيا الجغرافي كبوابة للقارة الأوروبية. ومهما حاول “أردوغان” توظيف الإسلام السياسي لتحقيق مصالح إسرائيل وأميركا، فلن يتم ترقيته الى رتبة حليف وشريك، بل سيبقى خادما ومنفذاً لقراراتهم ومشاريعهم، وعند إنتهاء مهمته سَيُحال الى التقاعد دون تعويض، وربما سيكون تعويضه السجن او القتل ،بانتفاضة شعبية تركية، ضمن الصراع  على السلطة!

إن سقوط سوريا ، ألحق خسارة كبيرة بمحور المقاومة وأضعف العالم العربي ،لكنه سيكون بداية الصراع بين الأدوات الأميركية (العربية والتركية والإسرائيلية) لاحتكار وتقاسم مغانم وثروات سوريا التي لن تخرج من الفوضى القادمة التي سيشعلها التحالف الأمريكي-الاسرائيلي لإبقائها مصدر إقلاق للبنان والعراق، واستعمالها في اللحظة المناسبة بإتجاه الأردن لإقامة الوطن البديل للفلسطينيين بعد تهجيرهم من غزة والضفة الغربية والقدس، وكما تقوم سلطة الجولاني  بتجنيس التكفيريين الأجانب سيتم إلزامها بتجنيس الفلسطينيين المهجّرين من فلسطين.

ننصح “التكفيريين المسيحيين ” وبعض الطحالب السياسية من الطوائف الأخرى في لبنان ..الا يغامروا بالإنخراط في المشروع الأميركي ضد المقاومة …فلن يكون مصيرهم افضل من “الأفغان العرب” او “جيش لحد”… او “بن لادن ” و”ابوبكر البغدادي” الذين قتلتهم أميركا .

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى