العلامة الخطيب في رسالة الجمعة:لبنان انتصر في امتحان الوحدة الداخلية باحتضان النازحين وإفشال مخطط العدو للفتنة
نحيي المفاوض اللبناني ونطالب الجميع بالوقوف الى جانبه صفا واحدا
الحوارنيوز – محليات
رأى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب في رسالة الجمعة من مقر المجلس في الحازمية “أن لبنان انتصر في امتحان وحدته الداخلية باحتضان الشعب اللبناني لحالة النزوح، وافشل مخطط العدو في إيجاد فتنة داخلية.
ووجه التحية “للمفاوض اللبناني الذي يرفض المسّ بالسيادة الوطنية واستباحة أرض الوطن أمام العدو الصهيوني”، وطالب “كل القوى اللبنانية بالوقوف إلى جانبه صفا واحدا ،صونا للكرامة الوطنية، ومن أجل بناء دولة قوية وعادلة تحمي حدودها ومواطنيها، وتحقق الاستقلال الحقيقي للبنان”.
وهذا نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علی سيد المرسلين، سيدنا ومولانا ابي القاسم محمد ابن عبدالله، وعلی آله الأطیبین الأطهرین الاوصیاء الهداة الميامين، وولاة امر المؤمنين الشهداء للحق والشاهدين له والمستشهدين من اجله، هم معه وهو معهم لاينفصلان ولا يفترقان، من خلق الخلق لاجلهم، المتقدم لهم مارق والمتأخر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق.
اللهم ثبتنا على ولايتهم ما احييتنا ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب، بهم اهتدينا وكانوا لنا الأسوة في الصبر على الشدائد والاقدام والتضحية في مواجهة الظلم والعدوان، وعدم الرضوخ للباطل مهما بالغ في البطش والاجرام (بنا اهتديتم في الظلماء، وتسنمتم العلياء وبنا انفجرتم عن السِّرار ).
هم فجرنا المنبلج بعد ليل داج، الذي فتح لنا طريق الهداية فارتقينا به سلم العلياء وسمو الفخار، يحققه ابطال المقاومة من ابنائنا بالدم المبذول في جبهات القتال في مواجهة العدوان دفاعا عن سيادة لبنان وكرامة شعبه، بعد ما يقارب الشهرين من القتل والإبادة والتدمير والاجرام، يحولون دون تحقيق اهدافه وينتصر فيها الدم على السيف، فلله دركم يا شعبنا الأبي، يا أبناء محمد وعلي وابناء الحسن والحسين (ع)، سادة الاحرار والاخيار.
ايها الابرار، من مثلكم في الصبر على حر الجمر واللظى وقوة الجلد على بذل الدم لحماية الارض والعرض والحمى، فلا تلوموا من تخلّوا وتلووا، فلأنهم لا يملكون ما تملكون ويفتقدون لما تجدون، “فَلَا يَحْزُنكَم قَوْلُهُمْ ۘ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ”، فما نطقت به ألسنتهم غير ما استيقنته أنفسهم، ولكنهم عن الاقرار به يعجزون، وعن النطق به لا يطيقون، فدعوا اذاهم وتوكلوا على الله فهو حسبكم ونعم الوكيل، هبلتهم الهوابل ما اسكنهم الى الذل وافرهم من العز الا الجبن وحب الدنية يزينون لكم المهانة ويحقرون لكم الكرامة.
ما أشبه اليوم بالأمس، حالنا معهم اليوم حال عليّ مع أهل الكوفة بالأمس، مع فارق اننا لن تخدعنا اضاليل المضللين ولا افتراء المفترين ولا كذب المكذبين، الذين باعوا انفسهم بأبخس الاثمان للشيطان الأكبر، وجعلوا من انفسهم العوبة بيده ودمى يحركها من وراء الستار، بينما يأتينا بلبوس المنقذ بعد ان عجزت اداته تحقيق ما صبا اليه، وما سولت له نفسه من القضاء على ارادة الشعب اللبناني بالقضاء على المقاومة البطلة، بعد ان ظن انها أصبحت في متناول يده بعد مجزرة “البيجر” واستشهاد قيادة المقاومة، مستخدما لهذا الغرض اداتين: الاولى تحريك ادواته الداخلية الرخيصة من المهرجين والأفاكين لتهيئة الرأي العام بما يهيئون له من الاعداد للمرحلة الجديدة، بإسقاط المقاومة وجمهورها نفسيا لتتلاقى مع الاداة الثانية في اهدافها بشن حرب برية تنتهي بالقضاء على المقاومة عسكريا، بعد القضاء عليها وعلى جمهورها الوطني نفسيا.
ولكنهم تفاجأوا بصلابة هذا الجمهور الذي ظهر انه اصلب مما ظنوا، وما كان له أن يتأثر بهذه الأدوات وببضاعتها المزجاة، إذ هي تفتقد الى المصداقية. فقد سقطت منذ زمن عند هذا الجمهور، اذ جربها سابقا مرات ومرات، فهي لا تمتلك ثقته وبالتالي افتقدت فاعليتها وتأثيرها لديه، كما ان فاعلية الاداة العسكرية ايضا قد جربها جمهور المقاومة سابقا على مدى اكثر من ثلاثة عقود، واثبتت فشلها في حسم المعركة لصالح القوة العسكرية، وتيقن جمهور المقاومة، بل آمن ان المعيار في الانتصار لارادة الرجال وليس لقوة السلاح، وعلى هذا المدى من التجارب ومراحل الصراع لم يزده قناعة في ذلك ما رآه عيانا من فعل المقاومة في الميدان، وهي تفشل محاولاته في اختراق الحدود خلال شهرين وما تبديه من بطولة وما تحدثه في قواته ومدرعاته من قتل وتدمير، وما تطلقه من صواريخ بعيدة المدى تطال اقصى قواعده، فضلا عن مناطقه في الوسط بارتقاء مدروس، فلا هو استطاع حماية امنه ولا استطاع ارجاع مستوطنيه، وهي الاهداف التي حددها لعمليته العسكرية، وها هو يخفض الآن من سقف مطالبه الى تطبيق القرار الف وسبعماية وواحد، وهو السقف الذي حدده لبنان لمطالبه، فمن المهزوم ومن المنتصر، ووالله لو لم تكن المقاومة هي المنتصرة والعدو ومن وراءه الذي أمده بأعتى الاسلحة وسمح له بالاعتداء على القانون الدولي وقوات الامم المتحدة، وغطى جرائمه سياسيا، لولا انه المهزوم مع من دعمه وشجعه وغطاه وشاركه في جرائمه، لما صدر حكم المحكمة الجنائية، وان الذي جعل صدور هذا الحكم باعتقال المجرمين الصهاينة ممكنا، هو الهزيمة التي اوقعها لبنان مستندا الى انتصار المقاومة في الميدان وجمهور المقاومة في الداخل المنتمين الى كل المكونات اللبنانية الشريفة التي تحمل ثقافة الكرامة.
ان المقاومة انتصرت منذ السابع من تشرين، ولكن المقاومة تدفع بعد ذلك ثمن الانتصار، سواء حصل الاتفاق ام لم يحصل.
لقد انتصر لبنان في امتحان وحدته الداخلية باحتضان الشعب اللبناني لحالة النزوح، وافشل مخطط العدو في إيجاد فتنة داخلية، وتجذر وجود لبنان ككيان وكحالة ثابتة لا تقبل بعد هذا اي تشكيك، ولم يعد هناك من خوف على بقائه.
ثانيا ان هذا الكيان الغاصب لا يمكن أن يستند في بقائه على القوة الغاشمة وان القوة فقط هي للحق المتمثل بالحق الفلسطيني وان هذا الكيان المصطنع الى زوال.
أضيف الى قوة الحق انكشاف هذا الكيان أمام شعوب العالم، وانه كيان إرهابي مجرم ومحتل وغاصب وقاتل، يعتمد في تحقيق وجوده على الابادة للآخرين، وهو لا يقبل العيش مع الآخرين ولا يؤمن بالسلام ولا بالقانون الدولي ولا المنظمات الدولية، واضطرت المحكمة الدولية معها الى اصدار حكمها باعتقال مرتكبي جرائم القتل والابادة، وكل هذا الإنجاز يعود الفضل فيه الى شعبنا الصابر والشجاع والمضحي المتمسك بقيمه الدينية والانسانية والاخلاقية وبأرضه ووحدته الوطنية وتنوعه الثقافي والديني الذي يفاخر به ويعتبره ثروة ومنبرا حضاريا ورسالة للعالم.
اوجه التحية من جديد أولا للشعب اللبناني العريق باصالته وانتمائه وثقافته التي عبر عنها في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة أروع تعبير.
وثانيا للأهل الأعزاء الذين اضطروا الى مغادرة بيوتهم مؤقتا لصبرهم وتضحيتهم ولشهدائهم، لأن هذه المغادرة المؤقتة وهذه التضحيات لم تكن الا بسبب العدوان الصهيوني ودفاعا عن الكرامة الوطنية والانسانية ،فلا تلتفتوا الى إفك الأفاكين واتهام المتهمين وظلم الظالمين من بعض الأدوات، فأنتم اساس معادلة النصر الذي يراد انتزاعه منكم بتأليبكم على نهجكم نهج الكرامة والإباء.
والتحية الى البيئات التي حضنت النازحين في عكار وجبل لبنان وبيروت والبقاع والشوف ،والذين لم يستجيبوا لمحاولات إيقاع الفتنة بالتعرض للنازحين والاعتداء عليهم في هذه المناطق العزيزة من قبل العدو، ولوعيهم الوطني والانساني والاخلاقي حرصا منهم على الوحدة الوطنية.
والتحية للمقاومة التي تخوض معركة الشرف والاخلاق والحق والوطن والمصير، وتواجه العدو بكل شجاعة الذين اعاروا الله جماجمهم ووطّنوا انفسهم على الدفاع عن لبنان وتحقيق انتصاره وصيانة وحدته أرضا وشعبا ،ولتبقى كنائسه تقرع ومآذنه تصدح بدعوة الحق وكلمته.
كما نوجه التحية للمفاوض اللبناني الذي يرفض المسّ بالسيادة الوطنية واستباحة أرض الوطن أمام العدو الصهيوني، ونطالب كل القوى اللبنانية بالوقوف إلى جانبه صفا واحدا ،صونا للكرامة الوطنية، ومن أجل بناء دولة قوية وعادلة تحمي حدودها ومواطنيها، وتحقق الاستقلال الحقيقي للبنان ،والذي نرجو أن يعيد الله ذكراه على اللبنانيين في ظروف مستقرة وآمنة وقد تحققت آمالهم فعليا ببناء وطن على مستوى تضحياتهم.
وفي هذه المناسبة نحيي شهداء الجيش اللبناني وشهداء المقاومة الذين امتزجت دماؤهم دفاعا عن حياض الوطن والكرامة الوطنية.كما نجدد التحية الى البيئات التي حضنت النازحين في عكار وجبل لبنان وبيروت والبقاع والشوف،والمجاهدين المجهولين الذين يقومون بجهد خدمة النزوح وتأمين احتياجاتهم افرادا وهيئات وجمعيات واسأل الله ان يبارك جهدهم ويتقبل عملهم.
كما نكرر الخطاب للجهات المسؤولة من الحكومة والمؤسسات المعنية ان تقوم بجهد اكبر في القيام بواجبها في تأمين حاجات النازحين، وعدم الاتكال على المجتمع الاهلي وما يقوم به في هذا الميدان.