بين الإستسلام .. والقرار1701(نسيب حطيط)
د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
يحاول التحالف الأميركي-الإسرائيلي إلزام لبنان ،بوثيقة “إستسلام” تُشكّل الخيار الوسط بين “إتفاقية سلام” مستحيلة مع لبنان والقرار 1701 الذي لا تريده إسرائيل،إلا بعد تعديلات تغيّر جوهر القرار وحيثياته. ويعتمد التحالف الأميركي-الإسرائيلي لفرض شروطه على فرضية خاطئة أن المقاومة قد انهزمت بعد الضربات القاسية التي تلقتها بإغتيال قيادتها ومجزرة “البايجر” ومجزرة تدمير “الصواريخ” !
يتصرّف التحالف الأميركي-الاسرائيلي وبعض اللبنانيين المرتبطين به على أساس الحالة المشابهة للأشهر الاولى بعد اجتياح عام 1982 وسقوط العاصمة بيروت بيد العدو والمتعددة الجنسيات سياسياً وعسكرياً وتسليم الحكم للكتائب ونفي المقاومة الفلسطينية وترك الفلسطينيين أيتاماً ، ما أدّى لإرتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا!
يظنّ التحالف الأميركي-الاسرائيلي وادواته اللبنانية ،ان المقاومة قد انتهت وتم القضاء عليها بعد تحييد قدراتها ويمكن إخراجها من الحالة السياسية والمعنوية اللبنانية، ويمكن إرتكاب مجزرة سياسية (إنتخاب رئيس جمهورية بدون النواب الشيعة ورئيس المجلس) وإجتماعية، وربما دموية، بأهل المقاومة وإلزام ممثلي المقاومة بتوقيع وثيقة استسلام تحكم لبنان لخمسين عاماً مقبلة.
تفاجأ التحالف الأميركي -الإسرائيلي،بسرعة إستيعاب المقاومة للضربات والهجوم البري والجوي الاسرائيلي ،واستطاعت التصدي للإجتياح الاميركي السياسي ورفض شروط الإستسلام والبدء بمفاوضات “التفاصيل” والتي ستؤدي ” في حال نجاحها” الى توقيع اتفاق غير مباشر برعاية وضمانة أميركية او “وصاية أميركية” لفترة إنتقالية ،ربما تستمر لعشر سنوات تشابه الوصاية الأميركية في العراق ،على ألا يكون القرار 1701 هو الحل، بل “مرجعية “الإتفاق الجديد ” الذي لن يكون “إتفاق سلام” ولا إتفاق إستسلام” ولا “القرار 1701” ، وفق التالي:
– تثبيت تنفيذ القرار 1701 بتفاصيله ،بشكل جدي، خصوصا المنطقة العازلة الخالية من السلاح والمسلحين بين جنوبي الليطاني والحدود اللبنانية الفلسطينية.
-إضافة لجنة مراقبة من خارج القرار 1701 برئاسة “الوسيط” الأميركي.
– نقل مرجعية الشكاوى من الامم المتحدة الى الجنرال الامريكي رئيس اللجنة لتكون اميركا هي المرجعية الدولية ،بديلا عن مجلس الامن .
– تحويل القوات الدولية والجيش اللبناني والقوى الأمنية الى أداة تنفيذية للجنة المراقبة لمعالجة أي خرق لبناني للقرار 1701!
– مطالبة العدو الاسرائيلي بإسترجاع الاراضي المصادرة في “مستعمرة “مسكاف عام”، والتي تم استرجاعها اثناء رسم الخط الازرق مع إستعداد اسرائيل لمقايضتها بأراض اخرى بديله نظراً لأهميتها الاستراتيجية عسكرياً.
– تغيير معالم الخط الأزرق، خاصة النقاط التي تحفّظ عليها لبنان عام 2000.
-إن تنفيذ القرار 1701 بتفاصيله وبشكل جدي يعني ضمناً تنفيذ القرارات الدولية التي جاءت في مقدمته ومنها القرار 1559والقرار 1680.
– بعض التفاهمات الجانبية في الداخل اللبناني تتعلّق بانتخاب رئيس الجمهورية وبعض التعيينات واجراءات التمديد.
بعد ستين يوماً من الصمود الأسطوري للمقاومة بمواجهة الإجتياح البري والجوي وارتكاب المجازر وتدمير القرى والمدن، للضغط على المقاومة واجبارها لتوقيع وثيقه الاستسلام ،تراجع التحالف الأميركي-الاسرائيلي عن شروطه الأولى وقبل ببعض التعديلات، ولا يزال يضغط برّياً، لتأمين انتصار معنوي، سواء بالوصول الى الليطاني او إسقاط “بنت جبيل” لتثبيت نصر معنوي للداخل الاسرائيلي وفرض شروط اكثر واقسى على لبنان، بينما تعمل المقاومة، بالمقابل على تعزيز الصمود وإلحاق الخسائر بالجيش الاسرائيلي بالمواجهات البرية وبالجبهة الداخلية الإسرائيلية لتحسين شروط التفاوض مع معرفتها، بإمكان دفع خسائر أكبر على مستوى الشهداء والتدمير المادي.
نعيش اليوم تجربة الأشهر الأولى من اجتياح عام 82 وسقوط العاصمة مع تبدّل الاسماء بين “فيليب حبيب” و “آموس هوكشتاين”، وبين المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية ولجنة الانقاذ اللبنانية “ولجنة الثنائية”، مع إعتقاد ثابت عند المقاومة وأهلها بالقدرة على النهوض من تحت الانقاض وإستعادة زمام المبادرة. وكما تم إسقاط اتفاق 17 ايار سيسقط اي إتفاق جديد لا ترضاه المقاومة وأهلها، وكما تم تحرير الجنوب سيتم ايضا تحرير القرى وإعادة البناء وفق استراتيجية الصمود والتفاوض الشجاع، لالتقاط الأنفاس وإعادة البناء. واذا كانت مفاوضات “فيليب حبيب “أخرجت المقاومة الفلسطينية بالبواخر والشاحنات من لبنان الى “أوسلو”، فلن تستطيع مفاوضات “هوكشتاين” إخراج المقاومة من المعادلة اللبنانية والإقليمية ….
سينسحب المحتلّون …وستبقى المقاومة وأهلها في لبنان.