هدى سويد –إيطاليا
لم تعد أخبار وصور وفيديوهات الشرفات بأغانيها الوطنية والعاطفية ، يمكنها أن تُخفف من تطاير درجة ألوان الموت أو ظل وتضاؤل تأوه المصابين ، ولا من كبح جماح الاخبار المتلاحقة كل يوم عن انتشاره في مختلف الأقاليم ، وإن كان ما يحصل شمالا في الأقاليم الصناعية الغنية ووقوعها في اللامحال ، كيف يمكننا التفكير بالجنوب غير المستعد أوالمُعد للحالات التي تنهمر دون توقف أو إنذار .
لعل المشهد التراجيدي الذي يتم نشره يوميا عبر الفيديوهات كي يصل لأصقاع العالم المساند والمواسي لإيطاليا ، عبر إضاءة ألوان العلم الإيطالي من سراييفو لفلسطين ، لا يخفف من الأنين، بلغ أوجه البارحة بنقل حوالي سبعين شاحنة عسكرية لحوالي 553 جثة منها 300 جثة لقيت مصيرها المفجع خلال أسبوع فقط ، بقيت في نعوشها ، منها ما تم تغيير وجهة سيرها من فرن ومدافن محافظة "بيرغمو" ( 1115.536نسمة ) تقع وسط إقليم لومبارديا ـ وهي المحافظة الأكثر تعرضا للإصابة، بلغ موتاها حتى البارحة 3993 العائدة إليها الجثث هذه ، لأن المدافن لم تعد قادرة على استقبالهم من جهة، ومن جهة أخرى تتنظر الجثة دور حرقها ليس أقل من خمسة أيام.
هكذا دون أن يرافقهم أحد ما دعا أحد الكرادلة الى الطلب من أفراد الجسم التمريضي إن كان مستطاعا ، توديعهم للمرضى بقول كلمات تريح نفس الراحل!
الدكتور "ماسيمو غاللي" الذي بات أشهر من علم والمسؤول عن الأمراض الجرثومية المعدية في ميلانو ، في مقابلة معه على القناة الثالثة الإيطالية (برنامج كارتا بيانكا) ، أكد أن انتشار العدوى التي بدأت في "كودونيو" في إقليم لومبارديا سببها عدم الحيطة وعدم اتخاذ الإجراءات الوقائية الإحترازية الصحية. وهكذا دواليك (تجدر الإشارة الى انه تم اليوم تسجيل حوالي 45الف مخالفة خروج من البيت دون عذر شرعي)، مُشيرا أن الكارثة تتمثل اليوم (مساعدات قادمة سواء من الصين وأميركا إضافة لمساعدات وهبات مالية من سياسيين وفنيين إلخ ) بعدم توفر أسرّة للمصابين ،وأن العديد منهم يعانون من أعراض ارتفاع الحرارة تم عزلهم في بيوتهم دون إمكانية متابعتهم .
ويفقد الجسم الطبي العديد من الأطباء والممرضين إضافة للدفاع المدني والمتطوعين ، موتا أو عدوى بلغت 2629 إصابة منهم 50 في بيرغمو .
ومما لا شك فيه أن الأمور لن تعد مع الكورونا على ما كانت عليه المؤسسات، بل لا يجب وإن كانت الحكومة فعلا تعمل ما بوسعها للإحاطة بالكارثة وألا تقف عاجزة، لكن لهاثها وخوف الناس وقع يمكن سماعه ولمسه .
الفيلسوف الإيطالي ماسيمو كاتشاتي في مقابلة معه أشار أن "إيطاليا دستوريًا لم تكن مستعدة ، عليها تغيير فلسفتها المهترئة وأن تضع في سلم أولوياتها حالة الطوارئ لتلبية الحاجات الأساسية لهكذا مرحلة".