رأي

الطائفة التي تُقتل وتقاتِل منذ 70 عاماً!(نسيب حطيط)

 

كتب د.نسيب حطيط – الحوار نيوز

 

هذه إستعادة لتاريخ الجنوب اللبناني والطائفة الشيعية، خصوصا وقوعها ضحية الحروب والاطماع الإسرائيلية ،قبل تأسيس الكيان الاسرائيلي منذ مؤتمر” بازل” في سويسرا عام 1897 ،والذي أكّد على ان حدود هذا الكيان يجب ان تكون اما على نهر “الليطاني” كحد الادنى او الى نهر”الزهراني” وصولا الى جزين، حيث وصل الشريط الحدودي المحتل، وقد اكدت اهداف اجتياح عام 1982 وبعلم الجميع للأسف ان الاجتياح  سيصل الى حدود الزهراني على مسافة 40 كلم من الحدود!  

يعيش الجنوب منذ إحتلال فلسطين في حرب دائمة انقسمت على  خمس مراحل:

-      المرحلة الأولى: تميّزت بحرية العدو في الاجتياح والقصف والتحرك العسكري من دون اي رادع بسبب ضعف الجيش اللبناني وعدم القرار الرسمي بقتال اسرائيل .

 – المرحلة الثانية: وجود المقاومة الفلسطينية بعد اتفاق القاهرة والحركة الوطنية اللبنانية وحالة الحرب الدائمة والقصف الدائم للقرى والعمليات العسكرية المتكررة.

–  المرحلة الثالثة: الاحتلال الإسرائيلي منذ العام  1978 حتى عام 2000 وتحرير الجنوب .

– المرحلة الرابعة: مرحلة الهدوء التي أمتدّت  من 2000 الى 2023 مع اختراق لعام 2006 في حرب تموز .

– المرحلة الخامسة : من تشرين اول عام 2023 حتى الآن والتي يمكن ان تمتد لسنوات ..وهي مرحلة حرب وتهجير وتوتر .

إن الجنوب يعيش حالة حرب منذ عام 1948 ، بالإضافة الى ان الطائفة الشيعية تعيش حالة حرب وقتال منذ عام 1948 في الجنوب ،ثم الحرب الأهلية وبعد اتفاق الطائف وبعد انتهاء الحرب ، بقي “الشيعة” يقاتلون في الجنوب لتحرير لبنان ثم في سوريا على مدى أكثر من 10 أعوام، ثم بدأت حرب “على طريق القدس” وطوفان ألأقصى وشارك الشيعة في لبنان بهذه الحرب.

نحن “طائفة” تعيش الحرب منذ 70 عاما، حيث توقفت الحرب عند كل الطوائف في لبنان ولم تتوقف عندنا، بسبب العامل الجيو-سياسي والعامل العقائدي الذي يواجه المشروع الاسرائيلي والمشروع الأمريكي. والحرب ستستمر كما يبدو لعقود عديدة ،عسكرياً او اقتصادياً او اجتماعيا وحتى اخلاقيا وتربوياً، ويمكن ان تستمر 50 عاما كما مضت السبعون عاما!

إن هذه الطائفة ،تتعرّض لخطر وجودي منذ تأسيس الكيان الاسرائيلي وحتى الان، وما يزال مشروع “تهجير الشيعة” من الجنوب قائما حتى يمكن ان يكون هناك سلام او هدوء على الحدود اللبنانية-الفلسطينية ،طالما ان هذا الكيان لا يزال محتلا لفلسطين.

وهنا يطرح السؤال: هل يمكن لهذه الطائفة ان تصمد وان تحفظ وجودها من دون خطة شاملة  تمتد لسنوات ،لحفظ الوجود ومنع التهجير وحفظ الجغرافيا وحفظ موقعها الوطني من دون التعرّض للعزل او الشيطنة والحصار وحتى لا تكون طائفه منبوذة!

 هل يمكن ان تصمد طائفة، تتعرّض لحرب متعددة الاوجه من القريب والبعيد، وان تبقى تقاوم على المستوى العسكري من دون تكامل مع مقاومة اقتصادية واجتماعية وتربوية  ؟

هل يمكن لطائفة ان تدافع عن نفسها عبر حركة او حزب دون اشراك الجميع من ابنائها في مشروع المقاومة وتحمّل المسؤولية، بالإضافة الى الشراكة في النقاش في كيفية سُبل المقاومة ،خاصة وأنها تضم كفاءات علمية ودينية وحزبية، تشترك في الموقف المقاوم والمناهض للمشروع الامريكي الإسرائيل  ؟

لا يمكن حفظ الوجود لهذه الطائفة وموقعها السياسي ومقاومتها العسكرية، بناء على “مياومة” سياسية او اقتصادية او معالجة طارئة للحدث عند وقوعه !

لابد ان تكون مستعدة لأسوأ الاحتمالات وان تكون قد هيأت سبل النجاة والانتصار في اي حرب مقبلة.

 ان “الدستور النبوي” في المدينة المنورة اسّس لفكرة الشراكة في المقاومة والدفاع عن المدينة ،حيث اعطى حق المواطنة والحقوق لكل من يقيم في المدينة من (مسلمين وكفّار ومنافقين ويهود..) واعطاهم الأمان والاستقلالية الثقافية والمالية، لكن بشرط ان يكونوا من “المدافعين” عن المدينة عند تعرّضها لأي هجوم… فكيف لطائفة اغلبها او معظمها من المقاومين والوطنيين، مهما كانت احزابهم او عقائدهم او من المستقلين، ويمكن توصيفها بانها “طائفة مقاومة” احتضنت كل حراك وطني في لبنان واحتضنت المقاومة الفلسطينية وكانت الخزان للأحزاب اليسارية، ثم صارت خزانا ونبعا للاحزاب الدينية المقاومة …ولها الحق ان تكون شريكة في تقرير مصيرها …ولها الحق وعليها الواجب ان تكون في خنادق المقاومة العاقلة والواعية.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى