تحيةُ وفاءٍ للإمام شمس الدين في في الذكرى السنوية لرحيله (غازي قانصو)
بقلم أ.د.غازي قانصو – الحوار نيوز
■ هو أحد أبرز كبار أعلام الفكر الإسلامي .رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان بعد تغييب سماحة الإمام القائد المؤسس السيد موسى الصدر..
■ والده العلامة الشيخ عبد الكريم شمس الدين ابن الشيخ عباس شمس الدين.
■ وكانت ولادته أثناء هجرة والده من لبنان إلى العراق لطلب العلم عام ١٩٣٦. بقي الإمام شمس الدين مع والده حتى بلغ الثانية عشرة من عمره، ثم عاد أبوه إلى لبنان وأقام الشيخ محمد شمس الدين في النجف لتحصيل العلوم الدينية.
■ تلقى علومه الأولية في النحو والصرف ومبادئ الفقه على يد والده. ودرس مقدمات الأصول والبلاغه والمنطق على بعض الفضلاء من مدرسي الحوزة العلمية في ذلك الحين. أتم دراسته على مستوى الخارج في الفقه على السيد الجليل سماحة المرجع الديني الإمام محسن الحكيم، وفي الفقه والأصول على الإمام السيد أبو القاسم الخوئي والسيد محمد الحسيني الروحاني.
■ ألّف الامام الشيخ شمس الدين ما يزيد عن الثلاثين كتابا، في الفكر المتنور الأصيل الراقي في أكثر ناحية من نواحي العلم.
■ كما كانت له مؤلفات في القضايا اللبنانية، وله العديد من الخطب والكلمات الغنية في مواقف فكرية وسياسية شتى.
■ توفي في بيروت في العاشر من شهر كانون الثاني من عام 2001 إثر مرض عضال.
■ وقف سماحة العلامة الشيخ شمس الدين مع الامام السيد موسى الصدر في مشاريعه المؤسساتية على أنواعها التي قام بها السيد مثل حركة المحرومين في لبنان “افواج المقاومة اللبنانية «امل»”…
■ وتبنّى الإمام شمس الدين الرؤية السياسية التي كان قدمها الإمام الصدر بشأن النظر إلى المجتمع اللبناني وتعزيزه، والحفاظ على مكوناته، وإصلاح نظامه، وضرورة العمل المقاوم للدفاع عن لبنان لا سيما الجنوب بوجه العربدة والاعتداءات والمطامع الإسرائيلية.
■ بعد تغييب الامام الصدر بذل الإمام شمس الدين جهودا قيمة لتأسيس الجامعة الإسلامية في لبنان، التي كان الإمام الصدر قد وفر لها عدة أمكنة ،منها مبنى مدينة الزهراء في خلدة وأرض واسعة في الوردانية، ثم كافح الإمام شمس الدين بكل ما اوتي من عزم على انجاحها واستمرار عطائها، ولم يغفل عن رعايتها حتى بعد مماته حيث اوصى لها بمبلغ ضخم صرف بكامله فكان مساهمة قيمة في المبنى الجديد الذي افتتح في اواسط العام 2004 في عهد سماحة الامام الراحل الشيخ عبد الأمير قبلان (رحمه الله).
■ كما عمل على إقامة المؤسسات الثقافية والعلمية ذات الاختصاصات المتعددة كالمعهد الفني الإسلامي والحوزة العلمية «معهد الشهيد الأول للدراسات الإسلامية» ومدرسة الضحى في بيروت ومبرة السيدة زينب في الجنوب ومجمع الغدير الثقافي في البقاع، من خلال الجمعية الخيرية الثقافية التي كان يرأسها.
■ كان يدعو شيعة لبنان إلى عدم التمايز على مواطنيهم، وتأكيد انتمائهم إلى لبنان وولائهم له.
■ له جهود متميزة في التقريب بين السنة والشيعة.
■ وله دور بارز في الحوار الإسلامي المسيحي.كانت وحدة لبنان هدفًا أساسيًا في مواقفه وآرائه.
■ كان يرى في التكامل السوري اللبناني موقفًا راشدًا من الطرفين.
■ كان من أوائل الداعين إلى مقاومة الصهيونية.وكان يرى تكامل الموقفين الحكومي والشعبي في مواجهة الصهيونية، وقد ساهم في انشطة ومواقف مقاومة عديدة وفعالة.
■ طرح تعبير الجمع بين «خيارات الأمة وضرورات الأنظمة».
■ أما عن اجتهاداته التجديدية الفقهية فكانت ذات أهمية كبرى، يمكن الرجوع اليها في كتبه الكثيرة، وفي المواقع الالكترونية، منها:
– كان الإمام شمس الدين يستنكر الرأي القائل بأن اتباع المذاهب الأخرى يجوز العدوان عليهم وشتمهم، حيث أن هذا يتناقض تناقضًا أساسيًا مع المبدأ التشريعي الفوقي الأعلى الأساس والحاكم، الذي لا يجوز غض النظر عنه في مجال الاجتهاد والاستنباط في الحقل السياسي والاجتماعي، وهو مبدأ الأخوة بين المسلمين وكون المسلمين أمة واحدة من جهة، ومبدأ تحريم الظلم والعدوان من جهة أخرى.
– كان الإمام شمس الدين يرى جواز تولي المرأة المناصب العليا في الدولة الإسلامية.
■ من وصيته الى عموم الشيعة:
أوصي أبنائي وإخواني الشيعة الإمامية في كل وطن من أوطانهم، وفي كل مجتمع من مجتمعاتهم، أن يدمجوا أنفسهم في أقوامهم وفي مجتمعاتهم وفي أوطانهم، وأن لا يميزوا أنفسهم بأي تميز خاص، والا يخترعوا لأنفسهم مشروعاً خاصاً يميزهم عن غيرهم، لأن المبدأ الأساس في الإسلام ـ وهو المبدأ الذي أقره أهل البيت المعصومون عليهم السلام ـ هو وحدة الأمة، التي تلازم وحدة المصلحة، ووحدة الأمة تقتضي الاندماج وعدم التمايز. وأوصيهم بألا ينجروا وألا يندفعوا وراء كل دعوةٍ تريد أن تميزهم تحت أي ستار من العناوين، من قبيل إنصافهم ورفع الظلامة عنهم، ومن قبيل كونهم أقلية من الأقليات لها حقوق غير تلك الحقوق التي تتمتع بها سائر الأقليات.
■ ويُعتبر الإمام شمس الدين من دعاة الوحدة الوطنية و “العيش الواحد” بين المسلمين والمسيحيين في لبنان، وعرف بمقولته الشهيرة “لا لبنان بدون مسيحيين، ولا لبنان بدون مسلمين”. وكان يرى جواز إقامة “الدولة المدنية” في لبنان، مع حفظ الطوائف بتنوعها الثقافي والديني، وضرورة إقامة “الدولة العادلة لمواطنين أحرار.”
- رحم الله شيخَنا الإمام الراحل آية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين (رضوان الله عليه) وجعله في دار صدقٍ عند مليكٍ مقتدر.
- ستبقى يا شيخنا الفاضل نبراسا عاليا وعلمًا منيرا في ميادين الفكر والمعرفة والاجتهاد والمنطق الوحدوي المستنير بنور الحكمة الربانية، تعيش بيننا ما دامت الحياة الانسانية، لكونها تحتاجُ دوما إلى من يرسم لها آفاقا جديدةً لبناء مجتمع إنساني يقوم على الكرامة والعزة والعدالة والمسؤولية في حمل القيم السليمة.
إعداد: غازي منير قانصو
العاشر من كانون الثاني ٢٠٢٤