عسكر الغرب والاتحاد الأوروبي لمواجهة غزة..فأين لبنان من الغد؟!(أكرم بزي)
كتب أكرم بزي – الحوار نيوز
إبادة جماعية وتطهير عرقي يتعرض لهما الشعب الفلسطيني لغاية كتابة هذه السطور. أكثر من 7000 شهيد وشهيدة بينهم حوالي 3000 طفل، وتدمير ممنهج لأكثر من 40% من مساحة قطاع غزة (المباني والبنية التحتية والحجر والشجر) بنيران الأسلحة الأميركية والصهيونية والبريطانية والألمانية والفرنسية ومعظم أسلحة الاتحاد الأوروبي والغربي والتي تؤمن التغطية السياسية والإعلامية لهذا الكيان المؤقت.
هل فعلاً العالم الغربي بحاجة لجميع كل هذه الأساطيل الأميركية والإنكليزية والفرنسية لدعم “إسرائيل” المدججة بالأسلحة الفتّاكة من الرصاصة حتى القنايل النووية (400 قنبلة)؟
للوهلة الأولى عندما تتخيل هذا المشهد، تعود بك الذاكرة الى كتب التاريخ و”الآرمادا الإسبانية”، وهي البحرية الإسبانية التي كانت تشكل الأسطول البحري الإسباني (الذي كان لا يقهر بحسب جنرالات الجيش الأسباني).
تصريحات الرئيس الأميركي والرئيس الفرنسي والمستشار الألماني ورئيس الوزراء البريطاني، تبدو وكأننا أمام معركة استعمارية جديدة، من خلال ما عبروا عنه من خلال تصريحاتهم المؤيدة بالمطلق “لإسرائيل” ودعمها بأنواع الأسلحة المدمرة المختلفة واطلاق يد “إسرائيل” في تدمير قطاع غزة وارتكاب المجازر دون هوادة، أو كأننا أمام “آلهة العصر الحديث”، الذين يريدون لنا أن نلقي لهم بالأضحية من دماء الأبرياء والرضع (نحن بالنسبة لهم كما يقولون باللغة العبرية “غوييم” أي حيوانات).
النقاشات تدور بين المستشارين العسكريين وجنرالات أميركا (فرقة دلتا أقوى فرق الجيش الأميركي) و”إسرائيل” حول وضع الخطط المناسبة لاجتياح غزة، والاجتياح البري يؤجل يوماً بعد يوم وينتهي الأسبوع الثالث على عملية “طوفان الأقصى” وما زالوا ينتظرون! ترى ألم تحارب جيوش أميركا في جبال تورا بورا (الغبار الأسود) شرقي أفغانستان وفي نيكاراغوا وفي فيتنام وفي مصر وسوريا ولبنان… وفي … الخ؟ أليس لديهم الخبرة الكافية؟ أم أن غزة لها حساباتها الخاصة؟ يريدون لنا أن نصدق أنه ثمة عقدة ما لا يستطيعون فكها، أم أن هناك شيئاً ما يدبر خلف كواليس الأروقة السياسية والدبلوماسية والتي يراد منها فرض خرائط جديدة أين منها لبنان.. لا أعلم؟
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قال بالأمس: “هناك مخاطر أن يصل النزاع الدائر في غزة الآن إلى لبنان وإلى الضفة الغربية”.
ووزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن قال: ” أي نزاع واسع النطاق ستكون له تداعيات وخيمة على المنطقة وعلى العالم”.
والمندوب الروسي في مجلس الأمن فاسيلي نيبنزيا قال: “النزاع في غزة قد يؤدي إلى إبتلاع المنطقة وهناك مخاوف من اتساع نطاقه”.
وسائل الإعلام “الإسرائيلية” روجت انه على “إسرائيل” الاستعداد لأسوأ السيناريوهات، حيث ستضطر إلى القتال على جبهتين في وقت واحد (الشمالية والجنوبية)”.
المؤشرات الخطيرة تتوالى تباعاً، ودائرة النيران تتسع، ومن الجيد أن يبدأ الحراك السياسي في لبنان، ومن الجيد أيضاً ان تبدأ الاتصالات بين السياسيين على اختلاف انتماءاتهم وتنوعهم لأخذ التدابير اللازمة فيما لو توسعت الحرب في المنطقة، ولكن من الجيد ايضاً أن يعوا أنه إذا تم اجتياح غزة وتمت هزيمة حركة “حماس”، سيكون الدور القادم على لبنان، لأن لبنان بات الخاصرة الأقوى على جانب “إسرائيل”، ولأنه ممنوع أن يكون في المنطقة من يقول “لا” لإسرائيل ولأميركا.
والسؤال المفصلي… لماذا لا يتداعى الأقطاب والنخب السياسية في لبنان للإلتقاء (وهذا الحد الادنى) للوصول إلى توافق حول كيفية مواجهة هذه المرحلة المقبلة؟ أوليس الكل يعمل لمصلحة البلد، والكل يبدي استعداده للتضحية بالغالي والنفيس لأجل لبنان وقيامة لبنان؟
البلد ينتظر جحيماً قادما. هذا ما يبشر به الدبلوماسيون على اختلاف مشاربهم، والسياسيون عندنا لا هم لهم سوى المناكفات والنكد السياسي.
الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط كان سباقاً إذ قال: “الداخل اللبناني يستطيع أن يوحّد الصفوف وأن ينبذ الأصوات المقيتة والكريهة، لأن هذه المرحلة هي الأخطر التي تهدد لبنان”. وذكّر بأنه “في الماضي كان ثمّة بعض الضوابط وبعض القوى التي تتدخل من أجل وقف الحروب في لبنان، وساطات، لجان مشتركة وعربية وغير عربية، اليوم لا شيء، أصدقاء الأمس، الغرب، اضمحلوا، والعالم العربي في حالة ضياع، لذلك نستطيع أن نقوم في لبنان بجهد جبار “.
الحراك السياسي القائم الآن ما زال في حده الأدنى، والآن الفرصة سانحة للبنانيين لتحصين بلدهم وسط هذه العواصف واعادة ترسيم الخرائط من جديد، فلماذا لا يتم التوافق على اسم شخصية سياسية رئيساً للجمهورية؟
فالمرحلة تتطلب رئيساً قوياً يستطيع مواجهة مخططات التوطين الفلسطيني وعدد النازحين السوريين، ويستطيع القول “لا” في اللحظة المناسبة ويقاوم المشاريع المرسومة للبنان. فمشروع جاريد كوشنير صهر الرئيس ترامب ما زال مطروحاً (توطين الفلسطينيين مقابل رشوة مالية بمليارات الدولارات).
وبتاريخ 7/11/2022، قالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف “إن لبنان مفتوح على كل السيناريوهات، بما فيها تفكك كامل للدولة، وإن اللبنانيين سيضطرون على الأرجح إلى تحمل المزيد من الألم قبل تشكيل حكومة جديدة، ونحن أيضاً نضغط بشكل مباشر على القادة السياسيين هناك لإنجاز عملهم، وعاجلاً أم آجلاً سينفجر الوضع من جديد، وهذا النوع من الضغط هو الأسوأ، الذي قد يواجهه القادة السياسيون”.
الكل يعلم أن “إسرائيل” فوق قوانين المجتمع الدولي وتضرب بها عرض الحائط، فلا يظنن أحد أن لبنان بمنأى عن التغوّل الصهيوني الذي نراه في قطاع غزة، وإذا لم يكن لبنان محصناً لمواجهة هذه المرحلة فلن نرى أحدا يقف الى جانبنا.. لا سمح الله.