بين تجربتي فنزويلا ولبنان:الرقابة على الصرف وطفلها غير الشرعي
المحامية ايزابيل فرنجية – فنزويلا
"الدولار الموازي". الحجم الذي يتم فيه تسعير العملة في السوق السوداء والذي يتحكم بالسياسة الاقتصادية لأي بلد وتأثيرات ذلك على الأسواق والأوضاع الإجتماعية ،هي نتيجة للرقابة التي تفرضها الحكومات دون قياس متواز لتداعيات وانهيار الدورة الإقتصادية.
هذه الآليات للأسواق الموازية تزيد من الفساد الذي يحدث أثناء تطبيقه، وفنزويلا خير شاهد على ذلك وما زالت ضحية هذه السياسة.
ورغم حُسن النيات والرغبة لإنقاذ الإقتصاد إلا "أن العواقب مميتة"، على حد تعبير الرئيس الراحل شافيز .
إن الأهداف الأساسية للرقابة قد أتت لمنع هروب رأس المال، ومنع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وحماية الصناعة الوطنية ومع ذلك ، بعد كل هذا الوقت من الواضح أنه لم يتم التوصل إلى أي منها.
من الواضح إذن ، كما أظهرت التجربة التاريخية، أن ضوابط الصرف في النهاية لا تضبط أي شيء وتولد دائمًا أسواق سوداء كعملية ردة فعل لتخصيص مبالغ قليلة بطريقة تقديرية للأسواق تنتهي باحتكارها مجموعات مجرمة إقتصادياً وتعم حالة من الفساد والحصيلة يتم تشويه الجهاز الإنتاجي الإقتصادي بأكمله.
بهذا المعنى، من المنطقي والأساسي أن نستنتج أنه بدون مراقبة الصرف، لن تكون هناك سوق سوداء للنقد الأجنبي أو على الأقل السعر المحدد لن يتحكم بجميع المعاملات الاقتصادية، وسيكون هذا السوق بمثابة مرجعاً بقيمة قريبة جدًا من سعر الصرف الحقيقي الذي يحدده العرض والطلب وتحت إشراف السلطة النقدية للبنك المركزي لأنه تحت أي ضغط سياسي يصبح الدولار الموازي، في الواقع، السلطة النقدية المطلقة.
هل يستفيد الأب مما يفعله ابنه اللقيط؟
بالطبع نعم. حقيقة في حال وجود الرقابة على الصرف، ونظراً إلى أن كل سيطرة تولد سوقا سوداء، يقودنا إلى التأكيد على أنه في نهاية هذه القصة، يستفيد الأب من الابن اللقيط ، بمعنى أنه تستفيد الدولة من هذا الفرق لتأمين و تسديد المستحقات الداخلية انما بالعملة المحلية. وبهذا المعنى، يجب ألا يغيب عن البال أن السيطرة مبنية على هذا النمط من التبادل بالإضافة إلى تسعيرات الصرف في السوق الموازية، فمن المستحيل أن ينمو الاقتصاد ويتطور بناءً على هذا التشوه ولو أن تطبيقه، مؤقت ولمدد قصيرة.
في الختام، يولد السوق الموازي لصرف العملات العديد من المشاكل والتشوهات والفوضى في الاقتصاد، خاصة للمواطنين العاديين، أولئك الذين لا يملكون الوسائل للوصول إلى المجموعة المحتكرة التي تستفيد من نظام تخصيص العملات.
إن التلاعب في سعر الصرف الموازي وغير القانوني بمثابة سلاح يضر بشكل كبير بشعب بأكمله في إطار حرب غير تقليدية. ربما تم اختبار استراتيجيات من هذا النوع واستخدامها في سياقات أخرى. في هذا الصدد ، سيكون من المثير للاهتمام إجراء تحليل مماثل لسلوك ال BLUE Dolar في الأرجنتين منذ عام 2011 ،وصفحات المافيات في فنزويلا ك dolar today والعديد منها وتحليل ما إذا كانت هناك علاقة بين تقيم هذا الدولار و الإستحقاقات الداخلية للسلطة أمام أية قرارات سيادية .
في فنزويلا، على سبيل المثال، ليس لدى البنك المركزي القدرة على مواجهة مثل هذا الوضع المعقد، بسبب غياب الاحتياطيات والسياسات الدولية التي تحافظ على قيمة البوليفار. كما أنه غير قادر على تصميم هدف موضوعي لسعر الصرف، وتصويب جميع جهوده لضمانه بسبب تصعيد الإجراءات التي تتخذها حكومة الولايات المتحدة، ما يقيد العلاقات مع البنوك والوكلاء الاقتصاديين في معظم أنحاء العالم، خوفًا من ادراجهم على اللائحة السوداء، فتبتعد عن الشركات المرتبطة بفنزويلا، فترمي بتأثيرها المباشر على التلاعب بالسياسة النقدية.
ما من قوة عظمى أو متوسطة مثل الصين وروسيا وتركيا وإيران لديها الوسائل المالية التي تصل فوراً دون قيد أو شرط إلى فنزويلا دون تحدي العقوبات المالية الدولية.
لذا، فإن هجمة سعر الدولار لا تعتبر حدثاً بسيطاً مقترناً فقط في سياسة تقرير سعر الدولار محلياً ،انما يتجاوز التحليل التقني لربطه بالأمن الإقتصادي لبلدان تتصدى وتناهض مشاريع إقليمية سياسية ذات هوية إمبريالية ، ولبنان حالة من هذه الحالات، والأيام المقبلة كفيلة بأن تظهر معالم الصراع الحقيقي .