رأي

بلد استيراد التركيب والازمات والحلول.. يتحول “دولة فاشلة”(علي يوسف)

فكر الاستيراد اعمق من مشاريع بناء وطن ودولة….

 

 

كتب علي يوسف – الحوار نيوز

 

تختلف الآراء حول نتائج الاجتماع الخماسي في الدوحة  الذي خصص  لبحث ومعالجة الأزمة اللبنانية ،وحول ما اذا كان نعى المبادرة الفرنسية ام  صوّبها  ام أعاد الأزمة الى نقطة الصفر أم أنه جنح نحو التصعيد وغيرها من الآراء ….

إلا أن كل ردود  الفعل على تنوعها كانت تؤكد  ان جميع الأطراف اللبنانيين، ومن دون استثناء أحد ،مسؤولين واحزابا وطوائف ووسائل اعلام وصحافيين وحتى مواطنين ، كانوا ينتظرون نتائج هذا الاجتماع  ليروا اذا ما كان سينقذ لبنان من ازمته،وحصة كل طرف في مشروع الانقاذ ،وحجم  ارباح كل طرف على الطرف او الاطراف الأخرى في المشروع المرتجى، ام  ان الاجتماع  سيفشل في الوصول الى هذا الهدف ،وما هي الخطوات التي سيقررها المجتمعون لرسم المستقبل في  لبنان، على الاصعدة كلها ،من انتخاب رئيس للجمهورية الى الحكومة الى ما يُسمى الاصلاحات والتي تُخفي جميعها ما لا يقال علانية، وهو الى اين سيساق لبنان ؟

 

كل هذه الهمروجة السمجة والمذلة من اجتماع  الدوحة  الدولي العربي، الى نتائج الاجتماع، الى المواقف اللبنانية على اختلافها ،كلها تدل  بوضوح كامل على ان لبنان ليس دولة،وانه لا يكفي الكلام  والشعارات، لا عن رفض دولة ضمن الدولة ،ولا عن الدولة القوية ولا عن الدستور والمؤسسات ،ولا عن الحوار والتوافق ولا عن انتظام  عمل المؤسسات ولا عما يُسمى سيادة  ولا عن حماية لبنان والمعادلات ،ليكون لبنان دولة  ذات سيادة حقيقية تتمع برؤية للأمن القومي ،تنطلق من الجغرافيا السياسية والانتماء والهوية الواضحين، وتأخذ بعين الاعتبار التوازنات الدولية والاقليمية والدور الذي يُفعّل قيمها المضافة والانظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والادارية والمؤسساتية التي تتلاءم مع كل ذلك بما يحقق  الحداثة والتنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية  والبيئية   ..

 

ان الطريق للوصول الى بناء دولة ووطن ومواطنية ، هو في حوار وطني حقيقي من دون اي تدخل خارجي، يُشكّل ما ذكرته حول شروط  وجود دولة وسيادة برنامج هذا الحوار،لأن ما يُسمى الحوارات على القطعة ، اي رئيس جمهورية  ثم حكومة ثم اصلاحات ثم سياسة دفاعية ثم تعيينات  ثم العلاقة مع سوريا ثم النازحين ثم اي عروبة نختار، عروبة التطبيع ام عروبة بوصلة فلسطين والتحرير الخ…كل ذلك من ضمن المشروع التحاصصي الطائفي المتوافق مع النظام التركيبي اللبناني المتعدد المصالح والانتماءات والتوجهات والادوار ،والذي يحتوي في تكوينه  عناصر قوة البقاء بالتوازن التعطيلي وعناصر الانفجار واستيراد التفجيرات وكذلك تصديرها للمحيط  ..

ان  مثل هذه الحوارات وان ادت في فترات استقرار الصراعات الدولية او الاقليمية الى حالات استقرار واحيانا انتعاش، الا أنها لا ولن تعدو ان تكون غير وضعيات مؤقتة وتترك اللبنانيين بمثابة “اعدقاء”،اي اقل من اصدقاء او أعداء، يُؤجلون ممارسة العداء  ويتكاذبون وفاقا وحبا في جلسات السمر او على الشاشات .. وتكون السلطة عبارة عن تركيبة حصصية تدير الازمات المتنوعة وتخدم مافيات النفوذ في القوى المتحاصصة …اما  في شأن الهموم السيادية الوطنية والقومية فيأخذ كل من الفئات اللبنانية دوره المستقل فيها بحسب انتمائه وتتعالى الاتهامات بالخيانة  والتبعية بسهولة، وكأنها مخالفة سير،لتُؤكد فقدان الهوية والانتماء …..

 

نقول وبكل صراحة: لقد سقطت ادعاءات بلد الرسالة والبلد الانموذج وبلد  الحوار وبلد التعايش وبلد التوافق وبلد الحريات وبلد الاعلام وبلد النظام المصرفي الرائد ….

سقط البلد المركّب وتحول الى دولة فاشلة لا اخلاقية تحكمه مافيات نفذت اكبرعملية نصب في التاريخ  لودائع ومدخرات اللبنانيين ،وانهارت فيه كل المؤسسات وبقايا الادارات الفاشلة والقضاء المشوه الارتباطات والعامل على القطعة ،وغابت رئاسة الجمهورية وتحولت الحكومة الى اداة هزلية تعمل فقط لخدمة المافيات، وتحول مجلس النواب الى مؤسسة عاجزة ولكنها تؤكد على النظام التركيبي لما يُسمّى  لبنان ، وعلى  عجز هذا النظام عن بناء اي مقومات دولة …ووقف الشعب يُعبر عن وحدة مأساته  وينقسم في كل شيء ليُعبّر عن عمق انقساماته وتناقض انتمائه وولاءاته .

ان اي اعادة” توافق”على معالجات القطعة يُشكل امعانا في اذلال الشعب اللبناني المتنوع،  مهما  شعر البعض بارتياح لحجم حصتهم  في التوافق .. !!

 المطلوب الخروج من  عقل وفكر الاستيراد العميقين  … استيراد تركيب البلد واستيراد الهوية واستيراد الانتماء واستيراد  النظام واستيراد الازمات واستيراد الحلول المؤقتة واستيراد التوازنات واستيراد التوترات واستيراد العصابات وقبول ذلّ المافيات ، بل والنصرة له بحسب الانتماء الطائفي والسياسي  …..

 

اما ان نجلس لحوار كامل لبناء دولة ووطن او لنعلن اننا عاجزون عن بناء دولة ووطن حقيقيين، ولندعو الى  ضم لبنان الى سوريا بحكم الجغرافيا السياسية ….

وقبل حفلة الاستنكار والاستهجان والاستغراب لما اقول على الطريقة  اللبنانية لنفكر قليلا  بواقعية..  البلد الذي يسعى معظم من يسكنون فيه  لجنسية أخرى، هم ليسوا مواطنين،وهم لاينتمون الى لبنانيتهم الا كجزء من عصبية فئوية .. وكل من يرضى بأن يحصل اجتماع دولي او عربي لبحث  ازمة بلده  وينتظر القرارت والتوجيهات من هذه الاجتماعات هو ليس بمواطن لبناني، بل هو شخص يعيش في لبنان..والأمثلة كثيرة على هذا النحو ..

اقولها على طريقة “قل كلمتك وامش”،  مع تأكيد انني مع حوار لبناء دولة ووطن حقيقيين في لبنان بالمعايير التي ذكرت. .

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى