“الشراء العام” غطاء قانوني للصفقات !!!(عماد عكوش)
بقلم د. عماد عكوش – الحوار نيوز
بعد صدور القانون رقم 244 تاريخ 29 تموز 2021 (قانون الشراء العام) تأملنا خيرا بأن كل المناقصات ستتم بشفافية تامة ، وان دفاتر الشروط ستكون متوفرة للجميع لمعرفة تفاصيلها وهل يمكن من خلالها التلاعب على المال العام كما حصل في الكثير من المناقصات سابقا، وأدى الكثير منها الى تحميل الدولة والخزينة اللبنانية الكثير من الاعباء ،والامثلة على ذلك كثيرة، منها شركات الاتصالات الخليوية ، شركات المعاينة الميكانيكية ، شركة البريد ، شركات الخدمات الكهربائية ، شركات الخدمات في المرافئ البحرية والجوية و”البارك ميتر” التي خسرت الدولة اللبنانية من خلالها عشرات ملايين الدولارات .
اليوم يتم اعادة الكرة عبر هيئة الشراء العام والتي ما زالت تعتبر دفتر الشروط قدس الاقداس وسرا من اسرار الالهة ، لا يمكن الاضطلاع عليه الا من قبل المشاركين في المناقصة او من حظي برضا وزير الوصاية او رضا اصحاب القرار في هيئة الشراء العام .
ان استمرار اخفاء دفاتر الشروط عن الجمهور ما زال مستمرا، وبالتالي فإن هناك خوفا دائما من وقوع الدولة مرة ثانية في مخاطر بنود هذه الدفاتر وأفخاخها ،والتي غالبا ما يتم اعدادها وفقا لشروط السياسيين، ومن يقوم للاسف باعدادها ليسوا مؤهلين لهذه الوظيفة ولا يملكون لا الخبرة ولا العلم الذي يؤهلهم لإعداد هكذا دفاتر . هذه الدفاتر هي الركن الاساسي في عدم الوقوع في الفساد والهدر لاحقا ،واستمرار منعها عن الجمهور يعني ان الوضع ما زال على حاله ، واصدار القانون 244 لن يكون له اي أثر. فعدم نشر دفاتر الشروط على صفحة هيئة الشراء العام بالتفصيل يعني انها شريكة بالجريمة .
الجريمة الاخرى التي ترتكبها هيئة الشراء العام هي عدم اعداد دراسة جدوى او تقييم للمؤسسة المنوي عرضها للمناقصة العامة Due diligence )) قبل عرضها على الجمهور ، وتهدف هذه الدراسة الى معرفة المداخيل الحقيقية أو المقدرة لهذه المؤسسة ، كذلك الارباح المتوقعة لها ، ويمكن تقدير ذلك من خلال السيرة التاريخية لعملها أو لعمل مؤسسات مشابهة وبناء على افتراضات موضوعة لهذه الغاية .
كل ذلك لغاية اليوم للأسف لا يحصل، وبالتالي فإننا ما زلنا ندور في نفس حلقة الفساد السابقة ، وما زلنا خاضعين لنفس الطبقة التي تدوّر الزوايا كما تريد هي ، وتضع الشروط المناسبة لها هي ، وبالتالي فإن الدولة لن تحقق المبتغى من كل هذه المناقصات المشبوهة سلفا .