سياسةمحليات لبنانية
قالت الصحف:أجواء تفاؤلية بقرب تشكيل الحكومة ..والباخرة الإيرانية في المياه السورية
الحوار نيوز – خاص
أبرزت الصحف الصادرة هذا الصباح أجواء التفاؤل بتشكيل الحكومة ،لا سيما كلام رئيس الجمهورية للوفد الأميركي ،لكن هذه الأجواء ظلت مشوبة بالحذر ،في وقت أشارت صحيفة الأخبار الى دخول الباخرة الإيرانية المحملة بالنفط المياه الإقليمية السورية .
-
وكتبت صحيفة “النهار” تقول: هل يكون تبشير بعبدا أمس بتشكيل حكومة جديدة قبل نهاية الأسبوع الحالي بمثابة محاولة تخدير إضافية لم تعد تنطلي اثارها على الرأي العام المحلي والخارجي، ام تكتسب جدية هذه المرة؟ في انتظار الموعد الجديد الذي يحكى عنه تبقى الشكوك ماثلة بقوة نظراً الى التناقضات الصارخة بين الكلام الدعائي الاستهلاكي والواقع الذي يثبت يوماً بعد يوم عدم إنارة الضوء الأخضر أمام الولادة الحكومية. وإذ “قيل” ان الولادة الموعودة السعيدة للحكومة باتت عالقة فقط على الوساطة الساخنة التي يتولاها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم والتي بلغت آخر مراحلها في التوسط بين بعبدا والرئيس المكلف نجيب ميقاتي حول آخر حقيبتين عالقتين وهما الشؤون الاجتماعية والاقتصاد، تصاعدت الشكوك حول منحى التسريبات فيما لم يحدد أي موعد بعد للقاء الرابع عشر بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس ميقاتي، كما ان التوتر الشديد الذي عاد يظلل علاقة بعبدا بعين التينة لا يدعو الى ترجمة التفاؤل المصطنع ناهيك عن السجال المتصاعد بين بعبدا ورؤساء الحكومات السابقين. وثمة من لم يستبعد ان يكون التبشير بالحكومة ارتبط بلقاءات المسؤولين مع وفد الكونغرس الأميركي اذ لوحظ ان التوقعات المتفائلة بتأليف الحكومة في نهاية الأسبوع انسحبت على لقاءات الوفد مع الرؤساء.
مع ذلك فان المعطيات التي ترددت مساء أمس اشارت الى نجاح اللواء ابرهيم في تذليل عقدة الحقائب المتبقية فيما تبقى العقدة الام المتعلقة بتعيين الوزيرين المسيحيين الأخيرين في تركيبة الـ 12 وزيرا مسيحيا ومن يسمّيهما.
وفي المعلومات المتوافرة لـ”النهار” تتوزع حكومة الـ24 وزيرا حتى الان على
رئيس ونائب للرئيس و22 حقيبة:
نجيب ميقاتي رئيساً الحكومة، نائب الرئيس سعادة الشامي (القومي).
حصة امل وحزب الله (5 شيعة):
– وزير المال: يوسف خليل
– الاشغال: علي حمية (حزب الله)
– الثقافة: القاضي محمد مرتضى
– العمل
– الزراعة: عباس الحاج حسن
حصة رئيس الجمهورية
– وزير الخارجية عبد الله بو حبيب (ماروني)
– وزير الدفاع موريس سليم (ارثوذكسي)
– الطاقة وليد فياض (ارثوذكسي)
– العدل هنري خوري (ماروني)
– الشؤون الاجتماعية رفول البستاني (ماروني)
– الاقتصاد (كاثوليكي)
– الصناعة (الطاشناق)
– الشباب والرياضة (درزي)
– المهجرين (اقليات وتوافقي)
– السياحة (كاثوليكي توافقي)
حصة الاشتراكي
– التربية: عباس الحلبي (درزي)
حصة المردة
– الاتصالات: جوني القرم (ماروني)
– الاعلام: جورج قرداحي (ماروني)
حصة الرئيس ميقاتي والرئيس الحريري ضمناً:
– وزير الداخلية: بسام المولوي
– الصحة: فراس الابيض
– البيئة: ناصر ياسين
– التنمية الادارية
ووفد الكونغرس الاميركي الذي زاره في القصر، في حضور السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا، عرض رئيس الجمهورية للاوضاع في البلاد ولتوجهات المرحلة المقبلة واكد انّ هناك تقدماً على صعيد تشكيل الحكومة، وشكرهم على الدعم الأميركي للجيش اللبناني. وتحدث عون عن ايام فاصلة عن التأليف حيث ان الحكومة قد تبصر النور نهاية الاسبوع او مطلع الاسبوع المقبل.
رد رؤساء الحكومة السابقين
في المقابل ردّت مصادر رؤساء الحكومة السابقين على البيان المعمم بلسان “مصادر مطلعة على أجواء بعبدا” فقالت: فيما عملية تشكيل الحكومة لا تزال تدور في الحلقة التعطيلية المعروفة، رغم كل الجهود التي يبذلها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، لجأت “اجواء بعبدا”، كما وصفت نفسها، الى تسريبات جدلية مجتزأة وفي غير مكانها الصحيح في محاولة للتعمية على الوقائع الدقيقة. وتوضيحاً للحقيقة، وحسماً للجدل نقول: إن الرئيس المكّلف، في حديثه التلفزيوني الاخير عن مسؤولية رئيس الحكومة أمام مجلس النواب انطلق من نص المادة 64 التي تقول” رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة يمثلها ويتكلم باسمها ويعتبر مسؤولاً عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء، ويطرح سياسة الحكومة العامة أمام مجلس النواب”.
وإن موقف رؤساء الحكومات السابقين المعبّر عنه في البيان الاخير الذي اصدروه، بشأن مسؤولية رئيس الجمهورية في موضوع انفجار مرفأ بيروت، انطلق من كلام رئيس الجمهورية نفسه الذي قال فيه انه تلقى قبل اسبوعين من تاريخ وقوع الانفجار تقريرا عن المواد المتفجرة المخزّنة في مرفأ بيروت، ولم يبادر إلى طرح الأمر من خارج جدول الأعمال في مجلس الوزراء، كما لم يدع بصفته رئيساً لمجلس الدفاع الاعلى، الى عقد اجتماع للمجلس لدرس التقرير واتخاذ الاجراء المناسب بشأن هذه المواد، ولم يتابع الأمر مع من أشار إليهم بمتابعة أمر هذه الكميات الكبيرة والخطيرة من المواد القابلة للتفجير من أجل الحؤول دون وقوع المحظور. هذا علماً أنّ القاصي والداني يعرف أنّ فخامته، ومنذ فترة طويلة، يتدخل بالأمور الصغيرة والكبيرة- وبشكل يومي- ولكنه تغاضى عن هذه المسألة الخطيرة.
إنّ بيان رؤساء الحكومة السابقين، أكد وبوضوح شديد على أهمية رفع الحصانات أياً تكن وعن الجميع ودون أي استثناء، لكي تأخذ العدالة الكاملة مجراها، وبالتالي يتحرر القضاء اللبناني من أية قيود تحول دون أدائه لعمله بتجرّد وفعالية من اجل كشف جميع جوانب هذه الجريمة الإنسانية والاقتصادية للبنان واللبنانيين، وليس فقط الاكتفاء بالتركيز على التقصير الوظيفي. هذا علماً أنّ رؤساء الحكومة السابقين كانوا أو من طالب بلجنة تحقيق دولية لكشف جميع جوانب هذه الجريمة الكبرى، وذلك صباح اليوم التالي لهذا التفجير الإجرامي”.
وفد الكونغرس
أما وفد الكونغرس الأميركي فأوضح باسمه رئيس الوفد السيناتور كريستوفر مورفي ردا على سؤال لـ “النهار” في مؤتمر صحافي مصغر عقده الوفد في مطار بيروت بعد انتهاء جولته في بيروت ان الولايات المتحدة هي أكبر داعم للجيش اللبناني وسننقل الى واشنطن توصيات لدعم تدريب الجيش عند الحدود ودعمه في الرواتب. أما السيناتور ريتشارد بلومنتال فوصف “حزب الله” بانه ” سرطان متفش يجب استئصاله ” وشدد على انه لا ينبغي على لبنان الاعتماد على إيران لحل ازماته خصوصا في باخرة الفيول”.
بيان المطارنة
أما على صعيد المواقف الداخلية من الوضع الراهن فاكتسب بيان مجلس المطارنة الموارنة برئاسة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي امس دلالات خطيرة داخليا وخارجيا اذ اعلن ما يشبه النداء التاريخي الشهير للمطارنة عام 2000 ودعا الى التعبئة الشعبية ضد محاولات الانقلاب على الطائف ومحاولات إزالة لبنان وقال ان: “الآباء يقفون مع أبنائهم وبناتهم ومع اللبنانيين جميعهم بذهولٍ وغضب وألم أمام هذا التمادي غير المسؤول في سوء إدارة المصالح العامة والمال العام، وأمام تفاقم الأزمة السياسية، بحيث بات تشيكلُ حكومةٍ شأنًا مستحيلاً على رغم مرور أكثر من سنةٍ على تعذُّر هذا التشكيل لأسبابٍ تحاصصية معيبة لأصحابها. وهم إذ يُحذِّرون من مغبة ما يجري ويُخفي انقلابًا على الميثاق الوطني والدستور واتفاق الطائف، وفق ما أشار إليه صاحب الغبطة، يُحمِّلون المعنيين في الدولة، تبعات الكوارث المتتالية التي يتسبّبون بها”. وأضاف: “يرى الآباء أن لبنان الحرية والسيادة والاستقلال وسلامة الأراضي بات على مشارف الزوال، وأن ثمة قوى إقليمية ومحلية تابعة لها وراء ذلك. ويدعون شعب لبنان إلى التصدي لها بما أُوتِي من قوّة، ومهما بلغت التضحيات. فالقضيّة اليوم إنما هي قضيّة المصير وبالتالي قضيّة حياةٍ أو موت. لذا يناشد الآباء المجتمع الدولي المبادرة سريعًا إلى احترام القرارات الدولية المُتعلِّقة بلبنان والعمل على تنفيذها بقوّةٍ وحزم، إسهامًا في حماية بنية الدولة اللبنانية، ومصيرها ومصير أهلها، بعيدًا عن الحسابات والتجاذبات الدولية والإقليمية التي لم تدفَعْ بلبنان إلا إلى الخراب”.
مساعدات أممية
وسط هذه الأجواء أعلنت الأمم المتحدة تخصيص عشرة ملايين دولار من أجل شراء الوقود لمستشفيات ومحطات مياه في لبنان. وقال الأمين العام المساعد لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية مارتن غريفيث في تغريدة عبر “تويتر” إن “الشحّ في الوقود والكهرباء يهدد خدمات الصحة والمياه الأساسية في كامل لبنان، ما يضع آلاف العائلات في خطر مواجهة أزمة إنسانية”. وبناءً عليه، ستخصّص الأمم المتحدة، وفق ما جاء في البيان ستة ملايين دولار لمساعدة 65 مستشفى في لبنان فضلاً عن منشآت صحية أساسية وصيدليات ومستودعات تخزين مبردة”.
ورصدت الأمم المتحدة كذلك أربعة ملايين دولار لتأمين الوقود لضمان “استمرارية” خدمات صحية والمياه والصرف الصحي، ويتضمّن ذلك تأمين المحروقات لأربعة محطات ضخّ مياه تخدم أكثر من ثلثي السكان في بيروت والبقاع وجنوب البلاد وشمالها. ومن شأن هذه المساعدة أن تدعم 2,3 مليوني شخص عبر ضمان أن “يكون هناك ما يكفي من وقود لاستمرار عمل محطات المياه”.
-
وكتبت صحيفة “الأخبار” تقول: الباخرة الإيرانية المحمّلة بالمازوت، التي أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في ذكرى عاشوراء أنها انطلقت من إيران، وأن وجهة حمولتها النهائية ستكون لبنان، دخلت المياه الإقليمية السورية أمس. وبحسب مصادر متابعة للقضية، فإن حمولة الباخرة ستُنقل بالصهاريج من سوريا إلى لبنان، بعد تفريغها في أحد الموانئ السورية. وبحسب المصادر، فإن جزءاً من حمولة الباخرة سيقدّمه حزب الله هبةً إلى المستشفيات الحكومية ودور الرعاية، على أن تتولى شركة خاصة الإعلان عن آلية البيع للمؤسسات الخاصة ومولّدات الكهرباء. وبحسب المصادر، فإن سفينتين ستصلان تباعاً بالآلية نفسها، من دون أن تكشف ما إذا كانت محمّلة بالمازوت أو بالبنزين أو بالاثنين معاً، “مع احتمال انطلاق سفينة رابعة من إيران قريباً”.
قرب دخول المحروقات الإيرانية إلى لبنان يتزامن بعد إعلان وفد الكونغرس الأميركي، الذي غادر بيروت أمس، أن بلاده “تسعى إلى حل أزمة المحروقات في لبنان، ولا داعي لاستيراد النفط الإيراني”. والعبارة نفسها سبق أن قالتها السفيرة الأميركية في بيروت، دوروثي شيا، بعد ساعات على إعلان نصر الله انطلاق الباخرة الأولى من إيران. وفد لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي، برئاسة السيناتور كريس مورفي، كان قد التقى أمس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، والرئيس المكلف تأليف الحكومة، نجيب ميقاتي، وقائد الجيش العماد جوزف عون، إضافة إلى “ممثلين عن المجتمع المدني والسياسي”، بحسب بيان السفارة الأميركية.
وفي مطار بيروت، عقد الوفد مؤتمراً صحافياً كشف فيه رئيسه أنه سمع من الرئيسين عون وبري معلومات عن ولادة الحكومة قبل نهاية الأسبوع الجاري. فيما قال عضو الوفد ريتشارد بلومنتال إن حزب الله سرطان يجب استئصاله. واستبق الأخير الانتخابات النيابية التي ستُجرى عام 2022، جازماً بأنها “ستأتي بأشخاص ونشطاء جدد إلى السلطة”.
تفاؤل حكومي
حكومياً، تخيّم الأجواء الإيجابية على تصريحات مختلف القوى السياسية الشريكة في الحكومة المقبلة، بعد دخول المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، على خط التفاوض بين الرئيسين عون وميقاتي. وبحسب مصادر سياسية رفيعة المستوى، فقد حُلّت عقدتا حقيبتَي الداخلية والعدل، لتنحصر المشكلة في مطالبة الرئيس نجيب ميقاتي بالحصول على واحدة من حقائب الاقتصاد والشؤون الاجتماعية أو الطاقة. ويقول ميقاتي إنه يريد إحدى هذه الحقائب لكي يكون مشاركاً، عبر ممثل له، في المفاوضات التي ستُجرى مع صندوق النقد الدولي، وإنه يفضّل “الاقتصاد”. وفيما سيستمر إبراهيم في مسعاه بين الرئيسين، تبيّن أن الاتفاق على “الداخلية” أدى إلى ترشيح القاضي بسام المولوي لتولّيها. أما العدل، فتوافق عون وميقاتي على أن يحملها القاضي هنري خوري، بعدما سقط ترشيح القاضية ريتا كرم، فيما عاد الرئيسان ليتفقا على اسم السفير السابق عبد الله بوحبيب ليتولى وزارة الخارجية.
وكانت المفاوضات قد شهدت خلافاً على اسمَي وزيرين مسيحيين جرى التفاهم عليهما بعدما عُرِضت على رئيس الجمهورية مجموعة أسماء، انتقى منها مجموعة أقلّ عدداً، ليتولّى ميقاتي اختيار اسمين منها.
وقالت المصادر إن الإيجابية التي يُحكى عنها ليست نتيجة مبالغات، إلا أن ذلك لا يعني أن مسار التأليف ليس قابلاً للعرقلة.
مصادر في التيار الوطني الحر أكّدت أن “تأليف الحكومة لا يجب أن يتجاوز نهاية الأسبوع، أو في أي وقت قبل ذلك إذا ما ثبت الرئيس ميقاتي على موقفه”.
وعزت تأخر التأليف الى “التقلب المستمر، رفضاً وقبولاً” لدى ميقاتي. إذ “ما إن يتم الاتفاق على اسم مثلاً، حتى يعود الى رفضه قبل أن يتراجع عن الرفض ليعود الى القبول… وهكذا”. وهذا ما حصل لدى اقتراح رئيس الجمهورية اسم القاضي هنري خوري لوزارة العدل، إذ رفضه الرئيس المكلف، فاقترح عون اسم القاضية ريتا كرم التي وافق عليها ميقاتي، قبل أن يغيّر الأخير موقفه ويستقبل خوري ثم يبلغ عون موافقته عليه. والأمر نفسه ينطبق على توزّع الوزارات وعودة الرئيس المكلف عما سبق أن وافق عليه.
وتساءلت عن سبب “تضخيم الكلام المفبرك” عن المطالبة بالثلث المعطل، و”ما إذا كان لتصوير تأليف الحكومة على أنه انتصار لطرف حقّق ما يريده على طرف لم ينل ما كان يطالب به؟”، لافتة إلى أن الرئيس المكلف “لمس منذ اليوم الأول أن لا مطالب لدى رئيس الجمهورية في ما يتعلق بالثلث”.
-
وكتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: ميزان الأزمة، “طابش” على كل الموبقات، التي لم يعد يعرف المواطن معها لمن يشكو امره، وخصوصاً انّه يواجه إرادات مجرمة لإذلاله في كل مجالات حياته، تتشارك فيها السلطة وحكّامها، مع لصوص الاحتكار والتهريب والسوق السوداء. واما ميزان التأليف، فيتخبّط في حالة صعود وهبوط، ولم يرسُ بعد على حدّ معيّن، يتوقف معه التأرجُّح المتواصل والمحيّر، بين هبّة ايجابيّة باردة تؤشّر الى إمكان الشفاء من مرض التعطيل، وبين هبّة سلبيّة ساخنة ترفع من حرارة الملف الحكومي، الى حدود يُصبح معها غير قابل للشفاء، على ما هو حاصل في هذا الملف المستعصي على الحل، في غياب الإرادة الجدّية للتوجّه نحو هذا الحل وتوليد حكومة طال انتظارها لاكثر من سنة.
حالة الصعود والهبوط هذه، حوّلت ملف التأليف الى “دوّيخة” تقوم على أحجيّة معقّدة يصعب فكّها او حلّها، مع المناخات المتناقضة التي تضخّها الاطراف المعنية، بحيث لا يعرف أياً منها الذي يعكس المناخ الحقيقي الطاغي على ملف التأليف؛ فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، تحدّث بالأمس عن ايجابيات من شأنها ان تسرّع بولادة الحكومة، وقبله قارب رئيس المجلس النيابي نبيه بري ملف التأليف بسلبية واضحة، تنفي وجود اي ايجابيات او مؤشرات مشجعة حول ولادة وشيكة للحكومة، فيما توازت ايجابيات عون بموقف مناقض لرؤساء الحكومات السابقين، ومن بينهم الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، اشاروا فيه الى انّ عملية تشكيل الحكومة ما زالت تدور في الحلقة التعطيلية المعروفة، في اتهام مباشر لرئيس الجمهورية.
كيف هي الصورة؟
موقف الرئيس عون بالأمس، أحدث دوياً في المشهد الحكومي، وأشاع في اجوائه علامات استفهام حول ما اذا كان مبنياً على معطيات مشجعة امكن تجميعها في الساعات الماضية؟ ام انّه مجرّد تكرار للموقف الرئاسي التقليدي الذي يعبّر عنه في كل مناسبة، ويعكس فيها الرغبة الرئاسية في تشكيل حكومة في اقرب وقت ممكن؟ وهي الرغبة التي لم تُترجم حتى الآن رغم السيل من المواقف الرئاسية التي توالت منذ بدايات الفراغ الحكومي قبل نحو سنة؟
بالتأكيد أنّ الجواب الشافي لدى رئيس الجمهورية، لكن مجريات الملف الحكومي، وحركة الاتصالات التي احاطت به منذ مطلع الاسبوع الجاري، تعكس دوران هذا الملف حول نفسه، في غياب ارادة جدّية لكبح هذا الدوران. فالرئيسان عون ميقاتي عقدا 13 لقاءً فاشلاً، بدا جلياً معها انّ احتمال تفاهمهما على حكومة بات اقرب الى المستحيل، على ما يُجمع المطّلعون على الاسباب الحقيقية لهذا الفشل.
حتى انّ التسريبات التي سبح فيها البلد على مدى الايام الثلاثة الاخيرة، عن افكار وطروحات وملاحظات نقلها وسطاء واصدقاء على خط الرئيسين، افتقدت الى من يؤكّد ما حُكي عن اختراق محتمل، او تبنٍ رسمي له، بما جعله مشكوكاً فيه، ومجرّد كلام متطاير في فضاء الأزمة الحكومية، حتى يثبت العكس، ويقترن بإيجابيات جدّية وملموسة تفتح باب التأليف، غير تلك الإيجابيات الوهمية التي أطلقت العنان لها بعض الغرف السياسية من المحيط القريب من الفريق الرئاسي، على غرار ما كان يحصل ابّان فترة تكليف الرئيس سعد الحريري، وآلت في نهاية الأمر الى اعتذاره، بعدما ثبت انّها لم تكن سوى غيوم حاجبة لشروط ومعايير تعطيلية للتأليف.
مهمة مستحيلة
المشهد الحكومي كما يلخّصه المطلعون على خفايا الاتصالات، يعكس حقيقة انّ الوسطاء قد تعبوا فعلاً من الصعود الى القصر الجمهوري، والنزول الى بناية “البلاتينيوم”، وفي جعبتهم محاولات أخيرة لكسر جدار التعطيل، والنفاذ منه الى تسويق بعض الأسماء لعلهم يشكّلون الحل الوسط، لكن ثبت بالملموس، انّ تلك الاسماء لا تشكّل مفتاح القفل الحكومي. فأيقن الوسطاء في خلاصة حركتهم أنّهم في “مهمة مستحيلة” أبعد من أسماء وحقائب وزارية.
تلك المهمة، اصطدمت بالحائط منذ البداية، على ما يؤكّد المطلعون عن كثب على حركة الوسطاء، بقولهم: “دعونا لا نلف ولا ندور، او نضحك على انفسنا، او نغش بعضنا البعض او نضيّع وقتنا، ونضيع بإسم من هنا، وحقيبة وزارية من هناك، فطالما انّ لغم “الثلث المعطّل” مزروع في طريق الحكومة فلا أحد يحلم بحكومة”.
وجزم هؤلاء المطلعون بأنّ العقدة لا تزال هنا، ونقطة على السطر، فالتأليف لا يتمّ بالمراسلة ولا يحتاج لا الى وسطاء ولا الى الاستعانة بأصدقاء، فالمسألة في منتهى البساطة، تحتاج الى إرادة جدّية بالتأليف، لا تبدو موجودة حتى الآن، فضلاً عن انّه لو كانت هناك نيّة فعلية بالتراجع عن “الثلث المعطل”، لاتّفق الرئيسان عون وميقاتي وولدت الحكومة فوراً”.
اللقاء الرابع عشر
على انّ السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الاجواء؛ على اي اساس سيُعقد اللقاء الرابع عشر بين عون وميقاتي؟
اجواء الرئيس المكلّف تؤكّد انّه ماضٍ، حتى الآن، في بذل مساعيه وجهوده لتأليف حكومة سريعاً، ولا يرى انّ الباب مقفل على الحلول اذا ما جرى تقديم المصلحة الوطنية على كل ما عداها. الّا انّ الجديد في هذه الاجواء، هو انّ ميقاتي يعوّل من بداية تكليفه على كل ايجابية ممكنة تفتح باب التأليف، فيما ما ينبغي ان يكون معلوماً هو انّ هامش المهلة التي حدّدها الرئيس المكلّف لنفسه لتشكيل حكومة إنقاذ متوازنة، قد أصبح في أضيق حدوده، ولم يعد هناك متسع من الوقت لمزيد من الدوران في الحلقة المفرغة.
وفيما يصرّ الفريق الرئاسي على الرئيس المكلّف التعامل بإيجابية مع الايجابية التي يبديها رئيس الجمهورية، يبرز في الاجواء الميقاتية تأكيد بأنّ الايجابية هي الاساس التي يتعاطى من خلاله الرئيس ميقاتي مع ملف التأليف منذ تكليفه تشكيل الحكومة. وهذه الايجابية يفترض ان تُقابل بإيجابية توازيها بما يفضي الى التعجيل بتشكيل الحكومة دون أي ابطاء، تبدأ مهامها في ايجاد العلاجات للواقع اللبناني المرير.
لو بدها تشتي..
وفي موازاة الايجابيات التي تحدث عنها رئيس الجمهورية امس، قالت مصادر سياسية مسؤولة لـ”الجمهورية”: “ثمة مثل شعبي يقول “لو بدّها تشتي غيّمت”، فحتى الآن لم يبرز في أفق التأليف ما يؤشر الى خرق، فهل نُزع لغم الثلث المعطل؟ فإذا كانت تلك الإيجابيات حقيقية وتتجاوز الثلث المعطّل والإصرار عليه، فهذه علامة خير يُفترض ان تُترجم بولادة حكومة اليوم أو غداً على أبعد تقدير. الّا اذا كان القصد من الحديث عنها هو التنصّل من المسؤولية، والقول انّ السلبيات والتعطيل في مكان آخر، فمعنى ذلك بعدنا مطرحنا، وفي أي حال، علينا ان ننتظر ما ستحمله الأيام المقبلة”.
تشجيع اميركي
وبرزت في هذه الاجواء زيارة الوفد النيابي الاميركي، التي انطوت جولاته على تأكيد اميركي بدعم الجيش والشعب اللبناني، وإبداء الحرص على استقرار لبنان، وضرورة ان تتضافر جهود القادة اللبنانيين والتعجيل في تشكيل حكومة تلبّي تطلعات وطموحات الشعب اللبناني وتضع الحلول اللازمة للأزمة في لبنان، مشدّداً على ان ليس هناك ما يبرّر تأخير هذه الحكومة.
وفي ختام جولاته عقد الوفد مؤتمراً صحافياً في مطار بيروت، حيث أكّد المتحدث بإسم الوفد السيناتور كريس مورفي، أنّ “من غير المسموح عدم تشكيل حكومة”، لافتاً الى انّ الولايات المتحدة ستستمر بالمساعدات التقليدية للبنان”. وقال انّ “الوفد يتطلع إلى أخبار مفرحة عن تشكيل حكومة جديدة”، وامل في حصول تغيير في الانتخابات المقبلة مع بروز أشخاص وقادة جدد.
وإذ اكّد “اننا سنستمر في دعم لبنان”، معتبرًا أنّ “الفساد نمط في الحكومة اللبنانية وهذا غير مقبول، وأنّ أي عضو في الحكومة يتورط في قضايا فساد ستُفرض عليه عقوبات أميركية”.
واشار الوفد الى انّ “حزب الله منظمة ارهابية”، معتبراً انّ “حزب الله يخلق الدمار في المنطقة وهو سرطان ينتشر في لبنان”. ولافتاً الى انّ الحزب منظمة ستستحوذ على جزء من مال النفط، وهذا لن يحلّ أزمة الوقود في لبنان”. وقال مورفي: “لا داعي لاعتماد لبنان على الوقود الإيراني. وأي وقود يجري نقله عبر سوريا خاضع للعقوبات، وواشنطن تبحث عن سبيل لأداء ذلك من دون عقوبات”.
عون: الحكومة قريباً
على انّ اللافت للانتباه في هذا السياق، ما ابلغه الرئيس عون للوفد الاميركي، بأنّ عملية تشكيل الحكومة الجديدة قطعت شوطاً كبيراً والكثير من العقبات قد ذُلّلت”، معرباً عن امله في “ان تُشكّل الحكومة هذا الاسبوع”، لافتاً الى انّ “من ابرز المهمات المطلوبة منها هي اجراء إصلاحات واطلاق عملية النهوض الاقتصادي، لمواجهة تداعيات ما شهده لبنان خلال الأعوام الماضية من أحداث تراكمت فوق بعضها البعض وادّت الى الوضع الصعب الذي يعيشه اللبنانيون راهناً”. كما اكّد عون أنّ “الانتخابات النيابية سوف تجري في موعدها في ربيع 2022، وسنسهر على ان تتمّ في أجواء من الحرية والنزاهة، لانّ الحياة الديموقراطية تستوجب تجديداً في السلطتين التشريعية والتنفيذية، تحتاج اليه الحياة السياسية في لبنان الذي ينتقل من مرحلة الى أخرى بعد سلسلة إخفاقات حصلت منذ العام 1990 وحتى اليوم”.
بري يأمل بحكومة
بدوره، اعرب الرئيس نبيه بري للوفد الاميركي عن أمله في “انجاز حكومة في القريب العاجل”، مشدّداً على “الالتزام بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها”.
وعن السياسة الاميركية في المنطقة، أكّد رئيس المجلس في الشأن الفلسطيني على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وضرورة عدم إبقاء اسرائيل إستثناء، وإلزامها بتنفيذ القرارات الدولية خصوصاً القرار الاممي 1701. كما اكّد “ضرورة حصول لبنان على إستثناءات تضمن حرية حركة الاستيراد والتصدير عبر حدوده البرية مع الشقيقة سوريا، بما يساعده في حلّ الكثير من الازمات الاجتماعية والحياتية الضاغطة على الشعب اللبناني”.
وكان بري قد ترأس إجتماعاً طارئاً للمجلس المركزي في حركة “امل” خُصّص لمناقشة الاوضاع العامة في لبنان، لا سيما السياسية والتداعيات الناجمة عن تفاقم الازمات المعيشية والحياتية والصحية. كما ناقش المشاركون في المجلس شؤوناً تنظيمية وإتخذ القرارات الملائمة في شأنها ومنها تأجيل المؤتمر العام للحركة لمدة أقصاها سنتان.
وأكّد الرئيس بري في مداخلته أمام اعضاء المجلس المركزي: “انّه ممنوع تحت أي عنوان من العناوين على أي أحد كائناً من كان في تنظيم الحركة وفي أي موقع مسؤولية كان أو على ضفافه، ان تسول له نفسه بأن يلقي بسيئاته الشخصية والنفعية في مياه نهر حركة “أمل” الذي هو الناس، وهي اي الحركة، مسؤولة أمامهم وعنهم وليست مسؤولة عليهم”. أضاف بري: “الحركة كانت وستبقى ضمانة وحدة لبنان، وأبناؤها شموعاً ورواداً وكوادر، كما هم طليعيون في مقاومة عدوانية اسرائيل أيضاً سنكون طليعيين في خدمة الناس والتخفيف عن آلامهم بالإمكانات المتاحة، وطليعيين في حفظ كرامة لبنان والانسان، على قاعدة: “وتعاونوا على البر والتقوى”.
رؤساء الحكومات: هجوم
ولفت في موازاة الكلام عن ايجابيات حكومية، ردّ من رؤساء الحكومات السابقين على رئيس الجمهورية، ببيان ذُيل بتوقيع “مصادر رؤساء الحكومة السابقين” رداً على “البيان المعمّم بلسان مصادر مطلعة على أجواء بعبدا” اشارت فيه الى انّه “فيما عملية تشكيل الحكومة لا تزال تدور في الحلقة التعطيلية المعروفة، رغم كل الجهود التي يبذلها الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، لجأت “اجواء بعبدا”، كما وصفت نفسها، الى تسريبات جدلية مجتزأة وفي غير مكانها الصحيح في محاولة للتعمية على الوقائع الدقيقة”.
واوضحت المصادر، إنّ الرئيس المكّلف، في حديثه التلفزيوني الاخير عن مسؤولية رئيس الحكومة امام مجلس النواب انطلق من نص المادة 64 من الدستور، كما انّ موقف رؤساء الحكومات السابقين المعبّر عنه في البيان الاخير الذي اصدروه، بشأن مسؤولية رئيس الجمهورية في موضوع انفجار مرفأ بيروت، انطلق من كلام رئيس الجمهورية نفسه الذي قال فيه انّه تلقّى قبل اسبوعين من تاريخ وقوع الانفجار تقريراً عن المواد المتفجرة المخزّنة في مرفأ بيروت، وتغاضى عن هذه المسألة الخطيرة”.
واكّدت المصادر على رفع الحصانات عن الجميع ودون أي استثناء، ولفتت الى انّه لا يجوز الاستمرار في استهلاك الوقت الحرج في السجالات التي لا طائل منها، ويأملون أن يتمّ فوراً ومن دون إبطاء تشكيل الحكومة المطلوبة وفق المعايير والأعراف الدستورية والمقتضيات الوطنية”.
المطارنة: حياة او موت
الى ذلك، وفي موقف لافت، اكّد المطارنة الموارنة في بيان بعد اجتماعهم الشهري امس، الوقوف مع اللبنانيين بذهول وألم أمام التمادي في سوء إدارة المصالح العامة والمال العام، بحيث بات تأليف حكومة شيئاً مستحيلاً رغم مرور سنة. محذّرين ممّا يجري ما يخفي انقلاباً على الطائف، ومحمّلين المعنيين في الدولة تبعات الكوارث التي يتسببون بها. وأعلنوا رفضهم الإذلال الممنهج للمواطنين، ودعوا الى عدم احتكار السلع الحياتية لجني أرباح غير مشروعة أمام وجع الناس، ولإحالة المحتكرين على المحاكم وتوزيع المواد المصادرة على المحتاجين ومنع التهريب على الحدود.
ورأى المطارنة “أنّ لبنان الحرية والسيادة والاستقلال وسلامة الأراضي بات على مشارف الزوال، وأنّ ثمة قوى إقليمية ومحلية تابعة لها وراء ذلك”. ودعوا شعب لبنان “إلى التصدّي لها بما أُوتِي من قوّة، ومهما بلغت التضحيات. فالقضيّة اليوم إنما هي قضيّة المصير وبالتالي قضيّة حياةٍ أو موت. لذا يناشد الآباء المجتمع الدولي المبادرة سريعًا إلى احترام القرارات الدولية المُتعلِّقة بلبنان والعمل على تنفيذها بقوّةٍ وحزم، إسهامًا في حماية بنية الدولة اللبنانية، ومصيرها ومصير أهلها، بعيدًا عن الحسابات والتجاذبات الدولية والإقليمية التي لم تدفَعْ بلبنان إلّا إلى الخراب”.