رأيمنوعات

مفاهيم خادعة في حكايا الأحزاب والطوائف والخرافات(أحمد عياش)

د.أحمد عياش – الحوار نيوز

صغيراً، كنت أظنّ أن بلدتي تختصر حكايا العالم، وكنت اظن وعبر متابعة التلفاز ان ما يعرض من مشاهد ليست الا من واقع عالم موازٍ آخر، الى حين ابتعدت يوما في البراري مع رفاق لي من ضيعتي ،حبّا بالاستكشاف .

ما إن دخلنا وسط كرم زيتون كبير حتى التقينا راعيا وابنه يديران قطيعا من الخراف والاغنام. اقتربنا من الراعي لنسأله عن ماء للشرب فنادى ابنه بيار ان يجلب لنا ابريق ماء من فخار من عربة لهما يجرها حمار

عندما وددنا شكر الأب، سألناه عن اسمه فقال، جورج.

اصبت بالدهشة.. فلطالما اعتقدت ان أسماء كل الفقراء والفلاحين والمزارعين، علي وحسن ومحسن وعباس وجعفر!

من اين اتانا اسم بيار و اسم ابيه جورج!

واستمرينا في رحلتنا حتى وصلنا الى مدفن مختلف عن مقبرة بلدتنا التي يسمونها الجبانة ، اشكال الأضرحة مختلفة البناء والألوان، وبينها رسومات وتماثيل جميلة، قرأنا اسماء الموتى فاصابتني الدهشة اكثر، لطالما ظننت ان جيلبير وسمعان وميشال وجان وكلوديت وماري لا يموتون مثلنا.

لطالما اعتقدت ان الموت يصيب فقط زينب وفاطمة و حسين ومحمد.

كان المطلوب ان اغادر بلدتي لاغيّر الكثير من قناعاتي ومن افكاري التي ظننتها حقائق.

عرفت ان الناس كلها متشابهة بالآهات وبالانين، وان باستطاعة اي كان مهما كان اسمه ان يبتسم وان يضحك وان يرقص وان يغني ان شاء ذلك.

ان الجميع تحكمهم اوهام لا تسبب غير الالم ،واعتقادات لا تؤدي الا الى كوارث ،وعادات لا تؤدي الا للتصادم، ومعابد لا تنطق الا بالاحقاد ضد الآخر ،وسياسيون لا يعزفون الا على قيثارة الاختلاف ليحكموا، وان كل من ظنناه عقائديا اكثر او ثوريا اكثر وجدناه في الحقيقة دمويا اكثر واكثر

كان المطلوب ان اغادر بلدتي قليلا وان افكر بهدوء لأعرف كم نحن نخدع انفسنا في حكايات الطوائف والاحزاب والخرافات

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى