لبنان بين فروض اميركا وعروض ايران (جواد الهنداوي)
د . جواد الهنداوي *
فرض الحصار ،وفرض التدخل ، وفرض العقوبات، وفرض الابتزاز، و الهدف هو اذعان لبنان ،تجويع لبنان، ويحدثونك، اصحاب الفروض، عن حقوق الانسان وعن الحريات والديمقراطية وعن سيادة واستقلال وتنمية لبنان، وعن أمن واستقرار المنطقة.
يبدو ان وسائل الامبريالية والصهيونية في نقل وبناء الديمقراطية في منطقتنا هي الاحتلال، وخلق ونشر الارهاب والفساد، والعقوبات والحصار والحروب ،كما كان الحال ولايزال في العراق وسوريا واليمن وايران ولبنان.
ليس للشعب الامريكي مصلحة في التدخل في لبنان ،ليس له مصلحة في ان تمارس امريكا هذه الفروض على لبنان. مصلحة اسرائيل تقتضي ذلك؛ مصلحة الاحتلال و التوسّع والهيمنة.
ما يعانيه شعب لبنان هو مشهد عار وخزي على العالم المتحضّر، الذي اصدع الروؤس بخطابه السياسي والديمقراطي والاخلاقي، وأَتعَبنا من شّدة حرصه المُزيف على شعب لبنان وعلى دولة لبنان من النفوذ الايراني!
ما يصنعه النفوذ الامريكي في لبنان يذّكرنا بقول الرحمن ،في سورة الكهف ” قُل هل نُنبّئكم بالاخسرين اعمالاً الذين ضّلَ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعاً “.
تَطّنُ الادارة الامبريالية الصهيونية بأن سياسة تجويع وحرمان وقهر وظلم الانسان ستحقق اهدافهم السياسية المرسومة، لم يتعظوا من مآلات و نتائج ما صنعوه في المنطقة، وبذريعة تحجيم نفوذ ايران، وتعظيم نفوذ اسرائيل، وحصدوا خلاف ما زرعوا.
ما تفعله امريكا وعملاؤها من السياسيين الفاسدين في لبنان والمنطقة سيرتدّ ُعليهم سلباً . يدركُ عامة الشعب في لبنان وفي المنطقة أنَّ مَنْ يحاصر ويجوّع لبنان امريكا وليس ايران. ايران تُقدّر الظرف الذي يعيشه لبنان ،تبادر وتعرض و لا تفرض مساعدات لما يحتاجه لبنان من كهرباء و وقود و خدمات. وقد قالها سماحة السيد حسن نصر الله في خطابه الاخير في ٢٠٢١/٦/٨ ، باستعداد ايران لمّد لبنان بما يحتاجه من وقود ، كما اكّد سماحته باستعداد حزب الله لتولي المهمّة واستقبال البواخر الايرانية في مرفأ بيروت.
ما قاله سيد المقاومة بخصوص ازمة الوقود هو اعلان وتثبيت موقف صريح و واضح للتاريخ وامام الشعب اللبناني، مفادهُ بأنَّ المقاومة قادرة وعلى استعداد لتزويد لبنان بما يحتاجه من وقود. اراد السيد حسن نصر الله، من تصريحه، أنْ يضع دولة لبنان واحزابها السياسية امام مسؤولياتهم. لا يسعى حزب الله الى أنْ يحلُ محل الدولة في لبنان، ولا الى اضعافها. حزب الله، الذي عزّزَ مقومات الدولة بتحرير الارض وترسيخ السيادة، لايمكن ان يعمل على تقويضها.
حسناً فعل العراق، بقراره الذي اتخذه في مجلس الوزراء يوم ٢٠٢١/٦/٩، بزيادة الى الضعف كميات الوقود المخصصة الى لبنان، وبغض النظر عن حيثيات القرار، إنْ كان بارادة عراقية او بسماح امريكي او بتوصية امريكية.
يدرك ُ حزب الله وحلفاءه بأنَّ الوقت في صالحهم وغير مناسب للتصعيد ، وخاصة بعد انتصار المقاومة في غزّة، وبعد فشل استراتيجية الارهاب في المنطقة، وحرص واستعجال المملكة العربية السعودية على الخروج من مستنقع الحرب في اليمن.
أولويات حزب الله وحلفائه ، كما نعتقد، هو الحفاظ على الامن والسلم الاجتماعي وتشكيل الحكومة والحيلولة دون انهيار الدولة.
تصريحات و مواقف حزب الله في لبنان، تجاه ما يواجهه لبنان، يُعّبرُ عن اهتمام وتعايش يومي لمعاناة الشعب، ويكاد يتميّز الحزب بهذا الاهتمام مقارنة بصمت مطبق للأحزاب وللكيانات السياسية اللبنانية الاخرى.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل