حروبسياسة

يوميات لاجئ فلسطيني كان “كريما” في وطنه :هكذا انقلبت حياتي في غزة !

 

الحوار نيوز – حرب غزة

🔹إسمي سعيد محمد الكحلوت. متزوج ولدي أربعة أطفال . أحمل درجة الدكتواره في الصحة النفسية، و أحب عملي جداً ،بل امارسه كهواية .

 

🔹انا أيضا كاتب و قاص أكتب المقالات و القصص القصيرة و لي كتب منشورة  شاركت في معارض عالمية للكتاب وقد  جابت قصصي عواصم مختلفة ،و كتبتُ عشرات المقالات المنشورات على مواقع مختلفة (يمكنكم البحث عنها)

 

🔹أعتز بعضوية الاتحاد العام للكُتاب و الأدباء الفلسطينيين.وأهوى التصوير و شاركتُ مؤخراً في معرض للصور بلندن بصور من الحياة اليومية لغزة تحت الحصار.

 

🔹لي بيت  جميل تبلغ مساحته ٢٠٠م٢ أعتنيت جداً في تفاصيل بنائه ، في داخله مكتبة تحتوي على ٨٧٨ كتابا أحفظ أسماءها كما احفظ اسماء أطفالي ، الكتب فيها مبعثرة ،لكن يمكن ليدي ان تصل لأي منها إن احتجته حتى في الظلام .

 

🔹في العاشر من أكتوبر الماضي ،أي ثالث يوم الحرب، انقلبت حياتي رأساً على عقب.

 

🔹دمرت الطائرات المقاتلة البيت وحولته إلى ركام و ضاعت كتبي بين الحجر والحديد  .وأمسيت انا و أسرتي مُشردين نبحث عن مأوى نحمي به أجسادنا وأحلامنا من شظايا القصف .وانفصلت عن أسرتي الكبيرة وقطعت الحرب  الاتصالات معهم .

 

🔹الآن و بعد أكثر  ستين يوم من الحرب أعيش مرة أخرى تجربة اللجوء التي عاشها أجدادي قبل ستة و سبعين سنة ،و قد سجلتُ في مدرسة للنازحين .

 

🔹أصلي الفجر ثم أسير في الظلام ،تنبح علينا الكلاب الضالة ،ويعضنا البرد القارص. أحمل في يدي عبوات كبيرة و أتوجه لمحطة المياه ،أصطف في طابور طويل جداً يقول الرجل الأول فيه انه أتى هنا منذ  منتصف ليل  الأمس.

 

🔹بعد ساعتين أحصل على ٣٢ لترا  تقريباً من المياه، أحمل عبواتها بيدين مُجردتين وأعود لاهثاً لمكان لجوئي بعد قطع مسافة تصل إلى كيلو متر .

 

🔹أغسل وجهي بكوب صغيرة من الماء وأعطي تعليمات مُشددة لأسرتي بأن يحافظوا على كل قطرة ماء ليكفي الماء للشرب والطبيخ والنظافة لليوم التالي .

ثم أشعل الحطب_الباهظ الثمن،و أعد الشاي ، بعد انقطاع القهوة . أشرب الشاي و أتناول فطوري ثم أتوجه للعمل في عيادة الصحة النفسية بالحي الذي نزحت إليه .

 

🔹في طريق العودة قد أقف في طوابير أخرى للحصول على قليل من ( الملح،السُكر،الخميرة، الدقيق، الأرز… و أشياء بسيطة وسخيفة جداً  يمكن لأي “ريبوت” القيام بها في العالم ابن القحبة)

 

🔹أعكف هذه الأيام على كتابة رواية جديدة ، و أنتظر صدور مجموعتي الجديدة “رُبع رغيف” والتي وثقتُ فيها صعوبة حصول المواطن العربي على سُبل الحياة ،كما يحدث معنا الآن .

 

🔹أقضي الليل تحت القصف في الكتابة على الورق و القراءة من الجوال  .وأنا كما قال سميح القاسم “لا أحب الموت لكني لا أخاف منه”.

 

🔹و أخشى يوما ما أن أضطر لاستخدام الورق الذي أسجل عليه روايتي الجديدة في إشعال النار لإعداد الطعام  لاطفالي ،فالحياة أولويات والضرورة أحياناً لها أحكام كافرة .

 

🔹نسيت أن أخبركم عن طابور طويل آخر أنتظم فيه لأشحن جوالي،  لأعود بعد ست ساعات أصطف في ذات الطابور لأستلمه . يكون قد شحن فيها شحنة(٦٨%) في أحسن الأحوال قد لا  تكفيني إلى ما تبقى من ليل طويل جدأ جداً جداً .

 

🔹أحب الحياة و الكتابة و كتب الصحة النفسية و الفلسفة والأدب والتاريخ والمذكرات والسير الذاتية ،و أعشق رائحة العطر  والقهوة  التي صارت مستحيلة بفعل الحرب._

 

🔹قبل الحرب كنت أمشي  لمدة ساعة و نصف، مشواراً يومياً من البيت  إلى البحر بصحبة محمود درويش و أم كلثوم.

أشتاق للحياة التي كنت و ما زلت أحبها .. لكن الحرب حولتها إلى مستحيل .

 

🔹أسجل هذا النص فجر اليوم  الثامن  والستين للمذبحة و كلي أمل بالعودة لليوم السابق للسابع من أكتوبر.

 

🔹ولأقول للعالم الذي ما زال يستمتع خلف  الشاشات العملاقة بالنظر إلى عداد الضحايا الذي تجاوز حتى كتابة هذه الشهادة حاجز  ال٢٠ ألفا :  إننا لسنا أرقاما، فكل واحد فينا قصة، وكل قصة تحمل معها عشرات الأبطال المشاركين في صياغة البداية والعقدة و النهاية .

 

🔹و لأردد ما قاله محمود درويش: ” على هذه الأرض ما يستحق الحياة “، و نحن نستحق الحياة رغم كل هذا العبث .

 

🔹عاش الفلسطيني أينما حل عظيماً (حياً وميتاً) ومات من خذله صغيراً (حياً و ميتاً) .

 

( منقول عن الفيسبوك)

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى