ياسين جابر للحوارنيوز: هذه هي شروط نجاح الخصخصة
دانييلا سعد – الحوارنيوز
يتشاجرالسياسيون حول حجم الخسائر وأسباب الازمات السياسية والمالية والاقتصادية من دون النظر في الحلول والتفكير بطريقة عقلانية. فقد اعتدنا عدم الالتزام بتطبيق الإصلاحات التي من شأنها إعادة الاقتصاد الى مساره الصحيح لوقف حرمان الشعب اللبناني من أدنى حقوقه.
الخصخصة، النقطة الأبرز والتي دائما ما كانت تأخذ حيزا كبيرا من مؤتمرات باريس كافة وصولا الى مؤتمر سيدر.
سابقا، كانت المؤتمرات الدولية، كشكل من أشكال الوصاية الاقتصادية على لبنان ونافذة لمزيد من تراكم الديون، كانت موضع نقاش وانقسام بين اللبنانيين والخبراء، أما اليوم، فيبدو أن ثمة إجماعا بشأنها، ويتمحور النقاش حول الكيفية والأدوات والشروط، بإعتبار أن المساعدات الخارجية قد تكون خيارا لا بديل عنه لإنقاذ البلد، إذا ترافق مع سلة إصلاحات جدية.
غالبا ما شهدنا خلافات بين الافرقاء اللبنانيين حول مقاربة موضوع الخصخصة والهواجس التي ترافقها لجهة استيلاء أصحاب رؤوس الأموال على القطاع العام ،وخاصة على القطاعات الحيوية، أضف الى ذلك هاجس الصفقات والاتفاقات السرية في بلد الهدر والفساد.
"مفهوم الخصخصة غير واضح بالنسبة للكثيرين" ،يقول عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر.
ويرى النائب جابر "ضرورة التمييز بين الخصخصة التي تعني بيع الدولة لنشاط اقتصادي معين إلى القطاع الخاص بالكامل، والخصخصة التي تندرج تحت إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، أي أن يصبح القطاع الخاص شريكاً للقطاع العام، ومساهماً برأس المال وشريكاً في الأرباح، وستسمح هذه الشراكة – يتابع جابر- من جهة أخرى بتحسين إدارة المرفق العام إضافة الى تحسين المداخيل والخدمات التي سيتلقاها المواطن.
من هنا تكمن أهمية قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص بإعتباره إطاراً قانونياً يمنع أي عملية خصخصة مستقبلاً خارج هذا الإطار القانوني.
ويلفت النائب جابر الى أن لبنان قد تعرّف على الخصخصة، أو على دخول القطاع الخاص إلى المرافق العامة منذ زمن ،وقد كانت تجربة تلزيم مرفأ بيروت الى شركة إنكليزية ناجحة جدا. فقد وصل عدد الحاويات التي تصل الى المرفأ الى المليون ما ساهم في تعزيز عمليات الترانزيت.
ويؤكد النائب جابر أن التشريع المتعلق بالخصخصة وبقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص ،هو تشريع للمستقبل يتجاوز البحث عن مخارج للأزمات الراهنة على خطورتها. ويشير في هذا السياق إلى:
"أولا: يمكن للشراكة أن تنطبق على مشاريع جديدة ومبتكرة. فيمكن مثلا اقتراح إنشاء شبكة قطارات وإنشاءات كبرى وحيوية غير موجودة حالياً، تسمح الدولة من خلال هذا المشروع بإعطاء امتيازات لشركات عالمية يكون للدولة جزء من ملكيتها، مثل امتلاك الأرض وحقّ العبور، بينما تستثمر الشركات بالبنى التحتية والتوظيف، وتكون العائدات مشتركة بين الدولة والقطاع الخاص.
ويمكن أيضا اقتراح الاستفادة من مطار رياق من خلال انشاء منطقة حرة وتشغيل خطوط للطيران الصغير الحجم إضافة الى إيجاد قطارات تربطها بالعاصمة.
اقتراح انشاء نفق يصل مرفأ بيروت بمنطقة البقاع، إضافة الى العديد من الاقتراحات والمشاريع الأخرى التي يمكن أن تنفذ بشكل فعّال ومربح للدولة وللقطاع الخاص في آن.
ثانيا: ضرورة أن يترافق قانون الشراكة مع سلّة من القوانين الأخرى التي عادة ما تتلازم مع قوانين الشراكة ومنها:
– قانون الأسواق المالية، الهادف الى إطلاق دور لبنان كمركز مالي لاستقطاب وتوجيه رؤوس الأموال لتأمين التمويل المتوسط والطويل المدى للدولة والشركات في القطاع الخاص.
– قانون المشتريات العامة، بحيث يعتبر اصلاح المشتريات العامة أحد أبرز الإصلاحات الهيكلية الضرورية لتعزيز الحوكمة المالية وتحسين جودة الخدمات العامة، وجذب الاستثمارات وتعزيز الشفافية وعدم التمييز.
– قانون استقلالية القضاء، فلا شك أن تحقيق الامن القضائي للمستثمر يساهم إيجابيا في تعزيز ثقته بالاستثمار في البلد، فمهما كانت العوامل المحفزة موجودة فلا قيمة لها إذا لم يضمن المستثمر وجود قضاء فعال ومستقل يترجم النصوص بما يحقق العدل والمساواة .
ويشدد النائب جابر على "أن العبرة في تنفيذ ما تحدثنا عنه" وهذا يتطلب "قرارا سياسيا جريئا وحازما وجذريا" وأنه في ظل الفساد المستشري والنظام المهترئ فإن "لبنان سيتدهور أكثر".
ويعلق النائب جابر الآمال على "وعي الشعب اللبناني وقدرته على إنتاج طبقة سياسية قادرة على تحقيق الطموحات ببناء دولة القانون والمؤسسات، الدولة الوطنية لا الطائفية، كما نص دستور البلاد". كما يعلّق الآمال على مسؤولية الشعب في إنتخاب طبقة سياسية جديدة " لا أن يعود فينتخب الأشخاص ذاتهم في كل مرة حتى لو كان على علم بالفساد الذي يمارسونه بحق الوطن".
يختم النائب جابر: "القيادة السليمة تكمن في حكومة قوية وفي إدارة شفافة للقطاعات العامة أو لأي قطاع يخضع للخصخصة… وفي ممارسة رقابة صارمة بناء للقوانين الناظمة دون استنساب".