الحوار نيوز – خاص
منح ملك بلجيكا لويس فيليب ليوبولد ماري، الوسام الملكي الأرفع برتبة كوموندور للدكتور كامل مهنا رئيس “مؤسسة عامل الدولية” ومنسق عام تجمع الهيئات الأهلية التطوعية، “تكريمًا لمسيرته المكرسة للعمل الإنساني، على مستوى لبنان والعالم، وبناء جسور السلام بين مختلف مكونات المجتمع، ونقل تجربة “عامل” إلى الغرب، في سبيل بناء عالم أكثر عدالة وأكثر إنسانية”.
تم تقليد الوسام للدكتور كامل مهنا، بتاريخ 11 ديسمير/ كانون الأول 2023، في مبنى سفارة بلجيكا في بيروت من خلال السفير البلجيكي كون فيرفاك، مُكلفًا باسم وزير خارجية بلجيكا، وذلك خلال حفل رسمي شهد تكريم مجموعة من الشخصيات السياسية والاجتماعية والريادية اللبنانية، مُنحت هذا الوسام تكريمًا لمساهماتها في مجالات التنمية والريادة والعمل المدني البنائي على صعيد لبنان والعالم.
وقد أدلى السفير البلجيكي فيرفاك بكلمة حول المكرمين وعطاءاتهم للمجتمع والإنسانية، ووصف فيرفاك الدكتور كامل مهنا بأنه صاحب السيرة النضالية المدهشة، ومثال الإنسان الملتزم والعامل بجد وصدق، من أجل قيم الحرية والعدالة والمساواة، معتبرًا أن الشراكة التي تجمع “مؤسسة عامل الدولية” بالحكومة البلجيكية هي خير نموذج لشراكة الغرب بالشرق، لما فيها من مصلحة للناس وسعي للإصلاح وحماية حقوق الإنسان في كل مكان وزمان.
وتحدث الدكتور مهنا بالنيابة عن المكرمين، متوجهًا بالتحية والشكر إلى ملك بلجيكا لويس فيليب ليوبولد ماري، والسيدة الحاجة لحبيب، وزيرة الشؤون الخارجية البلجيكية وشؤون التجارية الخارجية الأوروبية، و”بالطبع إلى سعادة الصديق العزيز السفير فيرفاك في بيروت، لرعايتهم العمل الإنساني وسعيهم لدعم لبنان، من خلال مساندة “عامل” وباقي شركاء بلجيكا، ليكونوا قادرين على الاستجابة لحاجات الناس، وصون كرامتهم، وتأمين حقوقهم، في وقت يمر فيه لبنان بظرف صعب وحساس، مشيرًا إلى أهمية البرامج الإنسانية التي تقودها “مؤسسة عامل الدولية”، بدعم من بلجيكا، في مجال تأمين الحقوق الأساسية وحماية المرأة، في أكثر المناطق تهميشًا من لبنان.
وقال مهنا: “أغتنم هذه الفرصة للتذكير بالتحديات التي نواجهها هنا في لبنان. من انتفاضة 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، التي تميزت بالدور الرائد للنساء والشباب اللبنانيين الذين انضووا خلف العلم اللبناني، من أجل دولة حرة وديمقراطية ومدنية، إلى انهيار الدولة، وإفقار الغالبية العظمى من الشعب اللبناني، ناهيك عن مشكلات النازحين واللاجئين، الذين باتوا يمثلون أكثر من نصف سكان لبنان. وصولًا إلى انفجار مرفأ بيروت الذي دمر جزءًا كبيرًا من العاصمة، وتسبب بخسائر بشرية ومادية هائلة، وبقي قضية من دون حل حتى يومنا هذا”.
وذكّر مهنا بما يمر به الجنوب حاليًّا من حال اضطراب كبير، “فمركز “عامل” في الخيام، الذي تعرفونه جيدًا، استهدف مؤخرًا بنيران إسرائيلية. كما أن علينا أن نشعر جميعًا بالقلق إزاء العنف الشديد الذي يمارس على السكان الفلسطينيين، وخصوصًا في غزة، حيث لا يمكننا أن نقبل الموت الوحشي لآلاف الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء، أو استهداف البنية التحتية الصحية. كل هذا يشكل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي الذي ندينه بشدة. فاستقرار المنطقة برمتها يعتمد على إيجاد حل عادل للمشكلة الفلسطينية”، وحيّا مهنا في هذا السياق، موقف بلجيكا الرسمي والشعبي اتجاه هذه الإبادة التي ترتكب بحق قطاع غزة، واتجاه حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره في عالم يزداد قسوة وظلماً، حيث الفقراء يزدوان فقراً والأغنياء يزدادون غنى، والمعتدين يمعنون في الاعتداء وحقوق الشعوب معلقة بيد النظام العالمي المتوحش.
كما ذكّر مهنا بالحاجة إلى تضامن دولي، في هذه الأوقات الصعبة، حيث يواجه العالم تحديات غير مسبوقة، وإلى توحيد القوى لتقديم حلول للمشاكل المعقدة في العالم. وإذ يرى أن الطريق صعب يعتبر أنه بالإمكان المضي قدمًا معًا، معتمدين على صداقات قوية جدًا، نسجت على مر السنين، بين لبنان وبلجيكا أولا. وبين “عامل” وبلجيكا ثانيًا، “من خلال المشاريع التي ننفذها معًا لمصلحة الفئات الضعيفة ومحاربة الظلم وعدم المساواة”.
وتابع مهنا: “أتذكر صديقي السفير السابق الرائع مارك أوت الذي زار مراكز “عامل” في البقاع، عندما كان يقدم المشورة لوزير الخارجية البلجيكي، وانضم اليوم إلى معركتنا على رأس “عامل” بلجيكا. وبعد ذلك، سعدنا بالترحيب بك، أيها السفير الصديق والعزيز، في مناسبات عديدة مع زوجتك العزيزة، في مراكزنا، وخصوصًا في الجنوب. واعلم أننا نعتبرك جزءًا من عائلتنا الكبيرة”.
وأعرب مهنا عن فخره، وزملائه، بهذا الوسام. مؤكدًا: “بالنسبة إلي، فإن التمييز الذي تمنحونه لي اليوم يرمز إلى هذا التضامن الدولي، هذا الجسر الذي يجب أن يقوم بين بلدان الشمال وبلدان الجنوب، وفي الاتجاهين. على أن “عامل” تفتخر بافتتاح مكتب لها في بلجيكا لدعم الأشخاص الأكثر حرمانًا، ومواصلة مهمتنا بقوة أكبر، من أجل بناء عالم أكثر عدالة وإنسانية، فأنا تمسكت بالأمل والعمل خلال مسيرتي، ولا أؤمن بالمستحيلات، لذلك فإن نضالي من أجل دولة العدالة الاجتماعية في لبنان، ومن أجل بناء عالم عادل ومتساوٍ لن يهدأ ولن يكل. أشكركم على تكريمي من ضمن ثلة من العاملين للإصلاح والتنمية، وبشكل خاص أشكر الناس الذين نعمل معهم من خلال “مؤسسة عامل الدولية”، فهم قوتنا وجذورنا في الأرض”.
وأشار مهنا إلى أن ما تقوم به “عامل” في لبنان ومن خلال فروعها المنتشرة في بعض الدول، إنما نابع من فلسفتها ورسالتها التي تقوم على أن الإنسان دومًا هو الهدف وهو المحرك في كل قضية، وأن أي عمل إنساني يجب أن يكون تحرريًّا ونهضويًّا، ضد كل أشكال الاستعمار الجديد والفوقية، ويكون منحازًا للفئات الشعبية، يعمل معها، ومن خلالها، لتحقيق التنمية التي هي شرط الديمقراطية، كما يجب أن يكون ملتزمًا بقضايا الشعوب العادلة، وفي المقدمة قضية فلسطين، حتى يكون هذا العمل إنسانيًا بالفعل.
وتوجه مهنا إلى الحضور بالقول: “إن مهمة “عامل” لا تقتصر على توفير البرامج التنموية والإنسانية، في مراكزها الـ30 وعياداتها النقالة، بقيادة 1500 عامل وعاملة منتشرين حول لبنان، بل إن عامل هي حركة اجتماعية للتغيير، مهمتها وضع أسس التغيير الاجتماعي والسياسي في البلاد، عبر بناء الثقافة الجديدة، والرؤية النهضوية المستمدة من فهم الواقع ودروس الميدان، لأن “عامل” لا تقوم بلعن الظلام، بل هي منشغلة بتمكين الناس لإيجاد الضوء الكامن في دواخلهم، وإطلاق طاقاتهم، لبناء العالم الذي نحلم به. لذلك ندعوكم إلى أن تكونوا جزءًا من هذه الحركة، إذا كنتم تؤمنون بهذا الحلم”.
وأضاف: “سنبقى نقاتل من أجل بناء دولة مدنية ديمقراطية وإنسان مواطن في لبنان، وفي ظل خطابات التفرقة والعودة إلى الانتماءات الأولية الضيقة في منطقتنا، سنبقى نعمل على تعزيز ثقافة المواطنة والديمقراطية، وتحرير الناس من كل أشكال الظلم والارتهان والتبعية”.
وأنهى كلامه بتوجيه الشكر لزوجات وأزواج المكرمين والمكرمات وعائلاتهم وأصدقائهم المدعوين، وتحية لزوجته فايدة لدعمها المستمر ولعائلته ولروح ابنه بشار والعاملين والعاملات في عامل وللصداقة بين لبنان وبلجيكا.