هيروشيما لبنانيّة… هيروشيما “إسرائيليّة”
الحوارنيوز – صحافة
تحت هذا العنوان كتب نبيه البرجي في صحيفة الديار يقول:
لعلكم تسألون جو بايدن: هل ستزود بنيامين نتنياهو بالقنابل التي جعلت من غزة “هيروشيما القرن” اذا شنّ الحرب على لبنان؟
أغلب ما ينشر من مقالات تحليلية أو بحثية على ضفتي الأطلسي، يشير الى تقارير استخباراتية تتحدث من النتائج الكارثية لمثل هذه الحرب. اتساع مسرح العمليات، التضاريس الطبيعية الوعرة، الترسانة الصاروخية الهائلة لدى المقاومة اللبنانية. التقارير اياها لا تستبعد أن ينفجر الشرق الأوسط، لتضطر الولايات المتحدة الى التدخل، أي السقوط ثانية في ما دعاها البنتاغون “استراتيجية المستنقعات”، وحيث الانزلاق الى الجحيم…
حتماً الشرق الأوسط سينفجر. هذا ما تؤكده جهات لبنانية على صلة بما يحدث على الأرض، كذلك جهات دولية، ما يثير هواجس البيت الأبيض. صقور الكونغرس الذين عادة تتعالى أصواتهم تأييداً لـ “تل أبيب”، يبدون الآن في حال من الارتباك، ليقال أن مسار الأحداث جعل الكلمة الفصل في النظرة الى الحرب للبنتاغون لا للكابيتول.
تحذيرات من بلدان عربية حليفة لواشنطن. أي حرب ضد لبنان ستقابل بطوفان من الصواريخ باتجاه أهداف وصفتها “هاآرتس” بـ “الوجودية”، ما يعني أن ائتلاف الذئاب في “اسرائيل” سيزداد جنوناً، لتتورط الولايات المتحدة في “حفل الجنون” والذي قد يمتد لسنوات، بالنظر للحساسية الجيوستراتيجية للمنطقة في صراع القوى العظمى حول قيادة العالم.
وكنا قد رأينا أنه منذ الأسبوع الأول لغزو غزة، كادت المستودعات “الاسرائيلية” تفرغ من الذخيرة، ما استدعى الرحلات اليومية للطائرات، وأحياناً السفن الأميركية، لتلبية احتياجات الدولة العبرية من الأعتدة والأسلحة.
أي خطوة من هذا القبيل تعني أوتوماتيكياً، أن المصالح الأميركية في المنطقة ستعتبر هدفاً لعمليات عسكرية، بما في ذلك القواعد التي يتواجد فيها آلاف الضباط والجنود الأميركيين. النتيجة فوضى أبوكاليبتية بتداعيات قد تطاول أصقاع الدنيا.
بطبيعة الحال، لا بد أن يطرح الكثيرون السؤال الذي ما زال خافتاً أو مرتبكاً حتى الآن: هل من موقف عملاني لايران اذا تعرّض لبنان للاجتياح؟
اللافت أن هذه المسألة مثار العديد من المقالات الغربية، التي ترى أن خسارة ايران لبنان بعد خسارتها غزة، يعني الانكفاء الجيوستراتيجي والعودة الى “الهضبة الفارسية”، مع الانعكاسات الزلزالية أن على النظام، أو على بيئة المقاومة في لبنان التي تعيش ظروفاً درامية، في ظل دولة هي في حالة موت سريري، وفي ظل تشققات سياسية وطائفية مروعة.
آية الله خامنئي دعا الى “الصبر الاستراتيجي”. السيد حسن نصرالله اعتبر أن الساعة الكبرى لم تدق بعد. هو الذي يدرك بقوة العقل وبقوة القلب، مدى كارثية الوضع المحلي، وكذلك كارثية الوضع الاقليمي. لننتقل الى سؤال بات من الضروري طرحه الآن، بعد انقضاء عام بالتمام على توقيع اتفاق بكين بين السعودية وايران: لماذا لم نلاحظ أي أثر لمفاعيل هذا الاتفاق ـ وبعدما ذهبنا بعيداً في التفاؤل ـ ان على لبنان أو على سوريا، وبطبيعة الحال على اليمن حيث الهدنة التي يبدو أنها كرست حال الحطام في ذلك البلد المعذّب؟
ندرك دور المطرقة الأميركية في وقف أي اتجاه لتسوية الأزمات القاتلة في الدول الثلاث، دون التغاضي عن الوضع العراقي. الأميركيون أرسوا هناك النظام الطائفي بالنسخة اللبنانية، لتدخل بلاد الرافدين في تلك المتاهة الأبدية. أحدهم استعاد الملحمة السومرية الشهيرة ليكتب عن “متاهة جلجامش”. هذا لم يفض فقط الى إنهاك “الروح العراقية”، وانما الى تدمير هذه الروح.
ولكن أين هم السعوديون كأشقاء؟ وأين هم الايرانيون كأصدقاء؟ وهم الذين يعلمون أن الستاتيكو الراهن قد يأتي باحتمالات خطيرة، اذا لاحظنا أي نوع من البرابرة يقودون الدولة العبرية.
اذا اندلعت الحرب، ثمة سلطة في “اسرائيل” أقامت الملاجئ بالتوازي مع حفر الخنادق. في لبنان بدل الملاجئ القبور، لنعرف تحت أي سلطة قيّض لنا أن نتوارث ذلك النوع من القهر، بل ذلك النوع من الموت.
ما يحمينا أن مقابل هيروشيما لبنانية… هيروشيما “اسرائيلية”!!