هل يقدم “نواب التغيير” على كسرالتوزيع الطائفي للرئاسات الثلاث؟ (كارول شبلي تويني)
كارول شبلي تويني – الحوارنيوز
مع صدور نتائج الانتخابات النيابية واقتراب موعد انتخاب رئيس للبرلمان اللبناني، كثر التساؤل حول مدى جواز انتخاب الرئيس من خارج الطائفة الشيعية.
فالبعض قال إن الدستور ووثيقة الوفاق الوطني قد لحظا التوزيع الطائفي للرئاسات الثلاث. ولكن قراءة سريعة للمادة ٩٥ من الدستور التي تناولت التمثيل الطائفي في الوظائف العامة، تنفي هذا الكلام وتبدده. وبغياب النص القانوني، مال البعض الى اعتبار هذا الأمر عرفاً له صفة القاعدة القانونية الملزمة، خصوصاً ان السلطة سمحت لنفسها منذ الاستقلال الاستمرار في تخصيص رئاسة الجمهورية لماروني ورئاسة الوزراء لسني ورئاسة البرلمان لشيعي.
ولمعرفة ما اذا كان توزيع الرئاسات عرفاً لا يجوز مخالفته، لا بد اولاً من توضيح ماهية العرف وشروطه.
بداية ان لبنان دولة تعتمد القانون المدوّن وتلجأ الى الاعراف القانونية في حالات محددة. فيجوز العودة الى الاعراف في القانون التجاري على سبيل المثال وليس الحصر، بينما الأمر مرفوض كلياً في قانون العقوبات انطلاقاً من مبدأ ان لا عقوبة من دون نص.
والعرف وفق ركنيه المادي و المعنوي هو اعتياد الناس على إتباع سلوك معين في مسألة معينة، مع تولد الإعتقاد لديهم بضرورة احترامه واعتباره قاعدة قانونية تقتضي معاقبة من يخالفها.
وليتحول السلوك الى عرف يشترط ان يكون عاماً، قديماً ومستقراً في الاذهان، ثابتاً من دون انقطاع، غير مخالف للنظام العام والاداب العامة وذات صفة ملزمة.
وبما ان احترام النظام العام يستوجب احترام القوانين وعلى رأسها الدستور،
وبما ان مقدمة الدستور اكدت على ان “لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل »،
وبما انه ورد فيه ايضاً ان “كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دون ما فرق بينهم »، مما يسمح لهم بتبوء اي منصب او وظيفة عامة عند توفر الكفاءة،
وبما ان المادة ٩٥ من الدستور اقرت بضرورة الغاء الطائفية السياسية، وكون توزيع الرئاسات الثلاث على الطوائف الكبرى هو في صلبها،
فإن التوزيع الطائفي يعتبر مخالفة للدستور ولمبدأ المساواة، وبالتالي لا يجوز اعتباره عرفاً ،وانما تقليد مبني على تعميم الطائفية البغيضة التي ما برحت تمزق اللحمة بين اللبنانيين وتمنع وصول الاكفاء وتبقي على المحاصصة والامتيازات على اساس الانتماء الطائفي.
وطالما ان الدستور لم ينص على تخصيص الرئاسات الثلاث لطوائف معينة ،
وطالما ان التوزيع المتبع ليس عرفاً بل تعد على حقوق اللبنانيين،
فإن الترشح لمنصب رئاسة البرلمان من خارج الطائفة الشيعية أمر طبيعي كما هو أمر مرغوب به في حالة الرئاستين الاخريين.
فهل يقدم نواب التغيير الذين بنوا شعبيتهم على اقناع الناس بنبذهم للطائفية على كسر هذا التقليد؟
لننتظر ونر!