
الحوارنيوز – صحافة
كتب د.عمر نشابة في صحيفة الأخبار:
مع استعداد مجلس الوزراء للتطرق إلى ملف التعيينات لملء الشواغر في مؤسسات الدولة، يكثر الحديث عن غلبة السياسة والاعتبارات الاجتماعية والعلاقات الشخصية والتدخلات الخارجية على المعايير القانونية.
البيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام ركّز على «معايير الجدارة والكفاءة والمناصفة بين المسيحيّين والمسلمين دون تخصيص أيّ وظيفة لأيّ طائفة»، من دون الإشارة الى وجوب احترام قانون «تحديد آلية التعيين في الفئة الأولى في الإدارات العامة وفي المراكز العليا في المؤسسات العامة» (القانون الرقم 7 تاريخ: 03/07/2020). قبله، تعهّد رئيس الجمهورية جوزف عون في خطاب القسم بأن «نعيد هيكلة الإدارة العامة وبالمداورة في وظائف الفئة الأولى»، علماً أن إعادة هيكلة الإدارة العامة تحتاج إلى قانون يعدّل القوانين النافذة، ولا يجوز دستورياً تجاوز القانون الحالي استجابة لطموحات الرئيسين أو لمشيئة السفارات، بل لا بد من العودة إلى المجلس النيابي انطلاقاً من المبدأ الدستوري «الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة».
حُددت معايير تعيين المدراء العامين بموجب القانون (الرقم 7 تاريخ 03/07/2020)، وهي تركّز على الدور الأساسي لمجلس الخدمة المدنية ومكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، وعلى وجوب احترام ملاك الموظفين والتسلسل في التدرّج، وهو ما لا يحظى باهتمام السواد الأعظم من الطبقة السياسية التي تحبّذ الشعبوية والتعيينات من خارج الملاك لاعتبارات فئوية سياسية وطائفية ومناطقية، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية.
القانون يلزم بوجوب احترام ملاك الموظفين
والتسلسل في التدرّج
وفق المعايير، ينبغي أولاً على كل وزير أن يرسل «فوراً» كتاباً يذكر فيه شغور منصب المدير العام إلى مجلس الخدمة المدنية ووزارة التنمية الإدارية. وتُحدّد مواصفات التعيين وشروطه من قبل مجلس الخدمة المدنية بالتنسيق مع الوزير المختص و«التنمية الإدارية».
ينص القانون بوضوح على أن الأولوية في ملء الشغور «تُعطى لموظفي الفئة الثانية من داخل الملاك الإداري العام». ويضع مجلس الخدمة المدنية لوائح بموظفي الفئة الثانية المؤهّلين للتعيين في الفئة الأولى، وتُبلّغ هذه اللوائح إلى الوزير لتحديد موعد لإجراء المقابلات الشفهية، على أن يعود لمجلس الخدمة المدنية إبلاغ الموظفين المؤهّلين بموعدها.
تُجرى المقابلات الشفهية في مجلس الخدمة المدنية من قبل رئيسه والوزير المختص ووزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية «أو ممثّل عنهما من داخل الإدارة» (أي إنه لا يمكن أن يكون ممثّل الوزير مستشاراً خاصاً مثلاً من خارج الإدارة). وتوضع لائحة بأسماء المرشحين الثلاثة الأوائل وفقاً لترتيب العلامات التي نالوها، ويرفع الوزير اللائحة إلى مجلس الوزراء الذي يطّلع عليها ويختار اسماً منها لتعيينه في الوظيفة الشاغرة.
وإذا لم تجر تسمية أيّ من المرشحين المؤهلين الثلاثة من داخل الملاك، يقوم مجلس الخدمة المدنية ومكتب وزير التنمية الإدارية بالتنسيق مع الوزير المختص بتحديد مواصفات التعيين وشروطها، ونشرها في ثلاث صحف محلية وعلى الموقعين الإلكترونييْن للوزارة المختصة ووزارة التنمية الإدارية، كما يعلن عنها لصقاً على أبواب الوزارتين ومجلس الخدمة المدنية. وتُقدّم طلبات الترشيح عبر استمارة على الموقع الإلكتروني الخاص بوزارة التنمية الإدارية، ولا تُقبل الطلبات المقدّمة باليد «أو لأي جهة رسمية أخرى». فلا يحق للمرشح، مثلاً، أن يقدّم طلب الترشيح إلى الرئيس عون أو الرئيس سلام.
عملية الفرز الأولية لطلبات الترشيح تتم إلكترونياً وفقاً لمواصفات التعيين وشروطه، وتصدر بنتيجتها جداول بيانية بالطلبات المقبولة دون أن تتضمن أسماء المرشحين والمعلومات الشخصية. على أن يتولى مكتب وزير التنمية الإدارية التدقيق فيها، ويعد تقريراً بعملية الفرز الأولية، يتم إيداعه مجلس الخدمة المدنية والوزير المختص، ويتضمن اللوائح الرقمية للطلبات المقبولة، ولوائح اسمية للطلبات غير المقبولة مع تبيان أسباب ذلك.
بعدها تتولى لجنة مؤلّفة من ممثل عن كل من الوزير المختص ووزارة التنمية الإدارية ومجلس الخدمة القيام بعملية فرز ثانية للطلبات المقبولة وفقاً لمعايير الاختصاص والكفاءة والمؤهلات والشهادات وسنوات الخبرة وتنوعها، واللغات الأجنبية وغيرها. وتبقى أسماء المرشحين المقبولين غير معلنة حتى إجراء المقابلات الشفهية على أن يتم فقط تزويد مجلس الخدمة المدنية بالأسماء عند تحديد موعد المقابلات التي يجريها رئيس مجلس الخدمة والوزير المختص ووزير التنمية الإدارية «في مجلس الخدمة المدنية» (وليس في السراي الحكومي أو في الوزارات).
وتختار اللجنة ثلاثة أسماء تُرفع وفقاً لترتيب العلامات إلى الوزير المختص في مهلة أسبوع من تاريخ انتهاء المقابلات الشفهية. ولا يطّلع رئيس مجلس الوزراء، بحسب القانون، على الأسماء إلا بعد انتهاء تسلسل الإجراءات المذكورة آنفاً وبعد أن يرفعها إليه الوزير المختص تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء لاتخاذ قرار التعيين.
فهل سيحترم رئيس الحكومة القاضي نواف سلام القانون، أم ستكون آلية التعيينات الإدارية مماثلة لآلية تشكيل الحكومة؟