هل بدأت الحرب على المقاومة من الشرق والداخل؟(نسيب حطيط)
د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
يبدو أن الحرب مستمرة على المقاومة ،وهي بدأت في أيلول 2024،بمجزرة “البايجر” وأعقبها إغتيال “السيد الشهيد” ثم حرب “الستين” يوماً والتي أستطاعت المقاومة ان تصمد فيها وتُفشل الإجتياح البري والجوي الإسرائيلي وقدمت 25,000 شهيد وجريح ، لكنها تعرّضت لضربة إستراتيجية قاسمة بعد سقوط سوريا بيد “جبهة تحرير الشام ” (النصرة سابقاً) والتحالف الأميركي –الإسرائيلي-التركي .
فبدل ان تكون سوريا ساحة إمداد ودعم ،تحوّلت الى ساحة حصار ومواجهة مع توظيف إمتداداتها اللبنانية التي تسابقت لإعلان البيعة والولاء لزعيمها ” ابو محمد الجولاني” وتقديم الخدمات والتطوّع لإرشاده في كيفية حصار المقاومة سياسياً وعسكرياً ومذهبياً، وصولاً للإستعداد للشراكة معه “كرفيق” حيث وزّعت أميركا ،المهام وفق التالي:
– تكليف بعض القوى السياسية اللبنانية من 14 اذار والمجموعات الإسلامية المتعدّدة( خارج تيار المستقبل ودار الفتوى) بالمهمة الإعلامية وتحريك الشارع والمطالبة بنزع سلاح المقاومة واطلاق الموقوفين الإسلاميين ،وصولاً للمطالبة بمحاكمة المقاومين الذين قاتلوا في سوريا لمواجهة الجماعات التكفيرية .
– تكليف “جبهة تحرير الشام” بصفتها السلطة الحاكمة الآن، بتأمين الدعم العسكري والمالي والضغط السياسي على القوى السياسية اللبنانية وعلى الحكومة وعلى الوزراء والمسؤولين الأمنيين بشكل إفرادي، بسبب الحالة الهشّة التي تعيشها الحكومة اللبنانية ، لكونها حكومة “تصريف اعمال” بغياب رئيس للجمهورية ومقاطعة القوى المسيحية.
إن المرحلة الثانية من الحرب على المقاومة من الشمال والشرق والداخل تتكامل وتتقاطع مصالحها مع الحرب الإسرائيلية على المقاومة التي لم تنته بعد، ولا يزال العدو يملك 30 يوماً للإنسحاب الكامل مع تهديده بتمديد هذه المهلة، نتيجة الأوضاع المستجدة في سوريا التي أنقلبت لصالحه ،مقابل خسائر المقاومة!
ان المؤشرات الاولى لهذه الحرب ،تبعث على القلق وتدق ناقوس الخطر، خاصة ضد المقاومة وأهلها والوطنيين اللبنانيين والمسلمين السنّة والمسيحيين المعارضين للفكر التكفيري، وبدأت أولى مؤشرات الحصار للمقاومة ومن خارج السياق ، إعلان عدم “لبنانيّة” مزارع شبعا واعلانها “ارضاً سوريّة” من دون تقديم اي وثيقة وبالنيابة عن الحكومة اللبنانية ومجلس النواب، وكأن تصريحاً صحفياً لشخصية سياسية،يكفي لتغيير هوية المزارع او تثبيتها، وذلك لسلب المقاومة احدى أوراق القوة، وكانت هذه أول طلقة بوجه المقاومة في مخزن بندقية “جبهة تحرير الشام”،ثم جاءت عمليات تسليم اللاجئين والفارّين السوريين، سواء كانوا عسكريين او مدنيين، ومخالفة القوانين الدولية والإنسانية والأخلاقية وبشكل يتناقض عما تعاملت معه الحكومة اللبنانية مع معارضي النظام السابق، واستقبلت الحكومة التي تسيطر عليها قوى المقاومة وحلفاؤها، مليوني نازح من المعارضين للنظام، وفيهم الآلاف من النصرة وداعش ولم تعتقلهم وتسلمهم للنظام!
تقود أميركا الحرب ضد المقاومة على الجبهتين الإسرائيلية والسورية والداخل اللبناني ،قبل الإمساك بالسلطة وفرض رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة والوزراء ،ثم تعديل قانون الإنتخابات المقبلة، لكسر احتكار الثنائية للتمثيل النيابي والحكومي والإداري. ويبدو أن أاميركا وبعد نجاحها في سوريا والعراق، ستبادر لإشعال الشارع ضد المقاومة وتحويل لبنان في المرحلة المقبلة الى “ولاية تابعة لجبهه تحرير الشام”، مع التذكير ان “الشام” تعني(سوريا ولبنان وفلسطين والعراق ، ما يعني ان لبنان ضمن مهام الجولاني) وذلك باختيار وتطوّع بعض القوى السياسية، خوفا او طمعاً او إنتقاماً!
على قوى المقاومة ،أن تبادر لإتخاذ بعض الخطوات القانونية على مستوى الحكومة، طالما انها ما زالت في موقع القرار والذي يمكن ألا تعود اليه في الحكومة الجديدة بعد انتخاب رئيس الجمهورية، وعندها لا ينفع الندم والإحتجاج ومن هذه القرارات:
– إصدار قرار بترحيل النازحين السوريين المعارضين لنظام الأسد(ماعدا العمال والطلاب…) لإنتفاء الاسباب الموجبة لنزوحهم، وإستلام السلطة من الجهة التي يؤيدونها وتكليف الأجهزة الأمنية بإغلاق مخيماتهم وإعلام مفوضية اللاجئين حتى لا يكونوا الذراع العسكرية للجولاني في لبنان،لسد عجز القوى السياسية اللبنانية.
– إصدار قرار بتسريع محاكمة الموقوفين الإسلاميين وغيرهم من المظلومين، وإطلاق سراح من تثبت براءته وعدم اصدار عفو عام يطلق سراح المجرمين او الإرهابيين الذين خططوا وشاركوا بالتحضير للعمليات الإنتحارية ضد المدنيين اللبنانيين او قتلوا عناصر وضباط الجيش اللبناني و القضاة.
الأشهر المقبلة، أشهر ساخنةٌ ومفصلية، وعلينا الإستعداد لها بعقلانية وحكمة وشجاعة ودون خوف او انهزام …لأن الحرب لم تنته بعد…