أرماندو مراد – كراكاس
يزداد دور الاغتراب اللبناني أهمية في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها وطننا لبنان.
الاغتراب اللبناني يزخر بكبار رجال الأعمال حول العالم وبكفاءات علمية في مختلف القطاعات، وهي تحتل مراكز متقدمة في مجالات الادارة والاقتصاد والعلوم والطب والهندسة والطاقة الخ….
لم يبخل الاغتراب يوماً في دعمه للإقتصاد الوطني اللبناني متى توفرت فرص آمنة للإستثمار، والى ذلك بقى على تواصل مع اهله والمؤسسات الخيرية محاولا المساعدة في كل وقت وعند كل أزمة.
لكن الآن نحن في وضع مختلف.
فنحن في لبنان نعيش في شبه انعدام لمؤسسات الدولة. نعيش لحظة انهار فيها الاقتصاد، او يكاد. انهار فيها القطاع المصرفي، انعدمت فيها شروط الحد الأدنى من إعادة النهوض الاقتصادي في ظل تراجع الخدمات الضرورية للإنتاج والمنافسة في أسواق الخارج.
كيف لنا أن ننهض؟
اللبنانيون اليوم يتطلعون إلى التطورات الاقليمية الايجابية، أهمها التفاهم السعودي- الايرانى الذي أعاد خلط الاوراق في المنطقة وخلق نوعا من الصدمة الايجابية. نأمل ان تترجم نتائجه إيجابًا على الوضع اللبناني ابتداء من الاستحقاق الرئاسي الى الازمات الاقتصادية والماليه والسياسية وآخرها الأزمة الاجتماعية والاصطفافات الطائفية البغيضة التي أظهرتها سجالات “التوقيت” حتى عدنا إلى مرحلة ما قبل تأسيس الجمهورية اللبنانية والتساؤل:
اي لبنان نريد؟
والجواب البديهي للعقلاء:
نريد تطبيق الدستور وتنفيذ اصلاحات اتفاق الطائف واصدار المراسيم التطبيقية للقوانين الاصلاحية النائمة في الأدراج.
نريد كل ذلك قبل الذهاب الى فكرة المؤتمر التأسيسي او الفدرالية.
ونريد تغيير ومحاسبة الطاقم السياسي الحالي، كل بحسب تورطه، ونريد تفعيل أنظمة المحاسبة والرقابة وأن يمارس القضاء دوره كسلطة مستقلة.
نريد أن يشعر اللبنانيون، مقيمين ومغتربين، بنعمة وشرف الانتماء الى لبنان.
نريد مشاركة فعالة للمنتشر في السلطتين التشريعية والتنفيذية.
ونريد أن يشعر الاغتراب بأن دوره موضع تقدير، لا ان نتعامل معه كبقرة حلوب!
لقد خسر المغتربون ودائعهم وطار جنى العمر والسلطات لا تكترث وغير مستعدة لتقديم حلول.
السلطات اليوم ضائعة لا تعرف ماذا عليها أن تفعل.
مع أن ثمة تجارب حول العالم يمكن الاستفادة منها.
ومن أولى الخطوات أن تبدأ هذه السلطات بطمأنة اصحاب الحقوق، ولو بعمليات جراحية مصرفية وجذرية وقيصرية.
أما اغترابياً فأستعيد بالذاكرة دور الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم حيث كانت عبر التاريخ مؤسسة ذات تمثيل حقيقي ودور وطني – اغترابي له وزنه وحضوره على غير صعيد.
من المؤسسين الاوائل الى السادة ( مع حفظ الألقاب) جورج طرابلسي، أنور الخليل، أنطوني ابراهام، ولاحقا: أحمد ناصر، مسعد حجل، بيتر الأشقر، وصولا ألى الولاية الحالية. كان الاغتراب غنيا بوجوه اعطت من قلبها وبذلت من ذاتها في سبيل الاغتراب والوطن…
فهل الجامعة اليوم ببرامجها، قبل هيئاتها التمثيلية، هل هي قادرة على لعب دور تاريخي ومفصلي؟
أين هي برامج الجامعة؟ وماذا حققت من شعارات غير بعض الشكليات دون أن تمس فعلا مصالح الاغتراب.
دورٌ يعيد للمغتربين ثقتهم بمؤسساتهم وبالتالي مؤسسات الوطن الدستورية..
دورٌ يعيد للإغتراب بعض حقوقه المهدورة وبعض أمواله المنهوبة؟
دورٌ يعيد للبنان وجهه الخارجي المتألق ثقافياً وحضارياً.
إن تعزيز دور الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم أمر حيوي، شرط أن تكون الجامعة قادرة على احتضان كافة المغتربين وقادرة على استيعاب طاقات هائلة، أظن أنها أكبر من أطر الجامعة الضيقة.
لقد وصلنا الى قعر البئر ويخطئ من يرى ان الحل سيأتي من الخارج، من مؤسسات دولية او من مساهمات دول صديقة كانت أم شقيقة .. الحل السياسي من الداخل، والاقتصادي أيضا، والاغتراب كفيل بالإنقاذ شرط أن تتوفر له ضمانات وسلطة محترمة ولديها نية الإنقاذ الفعلي. إن الخارج ينتظر التغيير منا، فهل فعلنا؟