العالم العربيرأيسياسة

على ابواب بدء مرحلة التحرير والتشبيك: أسئلة تجذير الوعي والأمر الواقع لوحدة الساحات والمعركة (علي يوسف)

 

كتب علي يوسف – الحوار نيوز

نسمع كثيرا هذه الأيام ممن يُسمّون محللين وخبراء ، يتناوبون على  اجهزة التلفزة تكرار تعبير” وحدة الساحات  “في اطار التعبيرعن  انتقال وحدة المواقف لمحور المقاومة الى وحدة التحرك والتنسيق الكامل في مواجهة العدو الإسرائيلي، وللقول ان المقاومة البطلة والتاريخية  في الضفة  عندما يتم دعمها ببعض الصواريخ التي تنطلق من غزة  في حالات محددة لها علاقة بالعدوان الاسرائيلي على غزة ،اضافة الى الصواريخ التي انطلقت من لبنان وتلك التي انطلقت من الجولان المحتل والتي تأتي في نفس السياق ..تعني  تحقق وحدة الساحات.

مع التقدير ان وراء هذا التوصيف نوايا طيبة و صادقة وروحية مقاومة عالية، إلا أننا  في مرحلة باتت تحتم علينا الدقة في معركة الوعي لعدم الوقوع في افخاخ الاستسهال، ولنكن قادرين على تحقيق رؤية واضحة  للواقع الذي نحن فيه ومؤشرات التغييرات التي حصلت وتحصل ويُتوقع حصولها وكيف نواكب كل ذلك  للوصول الى  تحرير فلسطين وبالتالي تحرير  العالم العربي والاقليم من الغدة السرطانية الصهيونية – الاميركية – الغربية  والوصول الى تشابك عربي إقليمي متمشرق وتنموي يحقق الكرامة والحرية والاستقلال والسيادة والتنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية ، وصولا الى تحقيق الازدهار والتطور والرفاهية للشعوب العربية والاقليمية والمتشابكة معها…مع ما تعني كل كلمة من هذه الكلمات..

والاسئلة التي تفرض نفسها هنا :

-هل وجود اكثر من ساحة في المعركة يحقق الانتصار ؟

– وما هي المقومات التي تسمح لنا بالقول ان هناك اكثر من ساحة تشارك في المعركة ؟

-وما هو الفارق بين المواجهة الدفاعية وبين معركة  التحرير ؟

-هل  اطلاق صواريخ  من خارج الضفة وتحت شعار الاعتراض على الاعتداءات على المصلين تعني تحقيق وحدة الساحات ؟

-والأهم من كل ذلك هل هناك رؤية سياسية موحدة لمحور المقاومة  تشكل مرجعية لمشروع التحرير ؟  

-هل يكفي التنسيق  في المواقف وفي دعم  المقاومة الفلسطينية بأجزائها العسكرية وأجزائها السياسية  ،دعمها جميعا ،في مواجهة الاعتداءات  الإسرائيلية للقول ان الساحات موحدة في معركة التحرير الشاملة ؟

– هل هناك رؤية موحدة للتغييرات الدولية والاقليمية ومشروع جبهوي للتعاطي مع هذه المتغيرات وتحديد الادوار والمواقع فيها بما يتوافق مع مشروع التحرير ؟

-هل هناك رؤية لما يجب ان يُعمل لملء الفراغ الذي سيُحدثه احتمال الانهيار السريع  للمشروع  الاميركي – الصهيوني – الغربي الذي سيكون انهيار الكيان  احد ابرز وجوهه؟

-هل هناك مشروع لمعالجة ما يعاني منه محور المقاومة في معظم دوله من حالات انهيار مركزية الدولة وانقسامات وفوضى مؤسسات وانهيارات اقتصادية وانقسامات وولاءات متنوعة بفعل الحصارات وما سُمّي ثورات  كان هدفها اثارة كل التناقضات وتحقيق الفوضى التي تمنع  القدرة على المبادرة وابقاء كل المحور في حالات الدفاع والمعالجات الترقيعية للمشاكل  وضرورات ما سُمّي ببدعة  ” التوافق ” السخيفة  والمُعبّرة عن العجز لأخذ كل خطوة ؟!

-والسؤال المهم الذي قد يختصر معظم الاسئلة ما هي رؤية محور المقاومة لمرحلة ما بعد التحرير الذي بات قريبا وقريبا جدا ،وهل دول محور المقاومة مهيأة للاستجابة لمفاعيل هذا التحرير ؟

-والسؤال الذي  قد يُوجّه لي،وهو سؤال محق واساسي: كيف ولماذا ارى التحرير قريبا رغم كل ما تضمنته الاسئلة السابقة من إلقاء الضوء الضمني على عدم جاهزية محورالمقاومة لهذا التحرير ومفاعيله ؟

الأمر الواقع لوحدة الساحات والمعركة

 

قبل البدء بالإجابة على الأسئلة انطلاقا من السؤال الأخير لا بد من الاشارة الى :

أ-ان القصد من هذا المقال ليس ابدا التشكيك  في المقاومة ودورها ومستقبل هذا الدور الذي سيتوج بالتحرير .. بل هو  من باب تجذير الوعي على اسس تتجاوز الحماسة غير العلمية والفكرية كما تتجاوز السطحية، واللتين  تعتمد الحملات المضادة عليهما في المواجهة ، أكانت حملات ناتجة عن انتماء ام  عن حقد وليد غيرة العاجز المؤدلجة ..

ب-ان نجاح  المعركة مع العدو لا يحددها عدد الساحات. ففي حرب ال٦٧ ضرب العدو ٣ جيوش عربية اساسية واحتل أراضي في مصر وسوريا والاردن  دفعة واحدة !!!

ج-ان  الكيان الصهيوني المفتعل هو جزء من نتائج “سايكس بيكو” التي  كانت نتاج تحولات دولية كبرى  بعد الحرب العالمية، وقسّمت المنطقة وزرعت الصراعات فيها واوجدت الكيان الصهيوني كقوة ضاربة لكل من يطمح من دول المنطقة الى الاستقلال والتنمية خارج الحدود التي يرسمها الغرب ، وللسيطرة على  ثروات المنطقة  وعلى طريقة التصرف بها واستثمارها ….

د-ان  التحرر من هذا الكيان  ليست مصلحة فلسطينية فقط، بل مصلحة عربية وحتى اقليمية ومباشرة، ومسؤولية التحريرهي ليست من باب دعم ما اصطلح على تسميته القضية الفلسطينية، بل هو مسؤولية مباشرة عربية وحتى إقليمية، ان لم نقل إنسانية، من باب كونها قضية حقوق وعدالة وانسانية …

ه- ان المرحلة الاخيرة من المؤامرات على المنطقة  خلال السنوات الماضية جاءت بعد الاجتماع الثلاثي الذي حصل في سوريا وضم الرئيس الايراني احمدي نجاد والرئيس السوري بشار الاسد وامين عام حزب الله السيد نصرالله ،والذي أُعلن فيه عن  بداية تأسيس محور المقاومة… ورغم ان هذه الخطوة كانت ذات طابع هجومي، الا أن عدم ارتكازها الى خطة هجومية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار الواقع واحتمالات التطورات، وبحيث اكتفت بالاتفاق على التنسيق ودعم المقاومة .. هذا الامر سمح لمحورالاعداء بالهجوم واعادة محور المقاومة الى حلبة الدفاع وفقدان القدرة على المبادرة والتي استمرت فترة طويلة تم خلالها اثارة كل تناقضات المنطقة وتدمير مركزية سلطات الدول، واحداث فوضى ودمار كبيرين جدا ومحاولات تيئيس وتشوهات سياسية واستحداث عداوات وهمية منها طائفية ومنها عربية -عربية ، ومنها اقليمية فتسارعت حملة التطبيع مع العدو.. الخ. 

و- وبعد ان استعاد محور المقاومة زمام المبادرة بالهجوم على  مجموعات الارهاب الاميركية – الصهيونية- الغربية وتحقيق الانتصارات عليها، دخلنا واقعا جديدا  في وقت تميز  بنشوء معطيات  اساسية :

١-تكامل بنى تحتية مقاومة لمحور المقاومة تمتد من ايران الى الحشد الشعبي في العراق الى سوريا، دولة وجيشا ومجموعات مقاومة شعبية ،الى المقاومة في لبنان، الى المقاومة في فلسطين  المحتلة بكل تنوعها  العسكري والشعبي في الضفة وغزة والاراضي المحتلة منذ العام ١٩٤٨…

٢- بدء تحولات عالمية كبرى لإيجاد توازن دولي جديد  بين الشرق  وبين الغرب..

٣- تعزز دور القوى الاقليمية الكبرى  دولاً و محاور في رسم معادلات التوازن الجديد  سياسيا واقتصاديا وبشريا ….

 

التحرير..والمستقبل

 

انطلاقا من الوقائع التي ذكرت  وانطلاقا من وانسجاما مع الاسئلة التي طرحتها والتي خلصت فيها الى حتمية التحرير القريب لا بد من  التأكيد على الاستنتاجات الآتية :

أ-ان الكيان العدو أُنشىء في مرحلة تغييرات كبرى، وكل ما شهدته المنطقة كان لتأمين استمراره  وسيطرته واذعاننا لوجوده ودوره..

ب- ان صراعنا معه بدأ بالشكوى والبكاء وإظهار الغبن ثم المقاومة لتثبيت الحقوق ، وصولا  الى الإنجاز الكبير في تحقيق قدرة الردع … أما الآن فقد أصبحت قدرة الردع وراءنا وبتنا نملك قدرة المواجهة والتحرير…

ج-اننا امام مرحلة التغييرات الكبرى، ومسيرة التمشرق تسير بسرعة من الحرب الأوكرانية الى الاتفاق الايراني – السعودي- الصيني الى بدء العمل للمصالحات الاقليمية وخصوصا التركية السورية والمصالحات العربية، وخصوصا السورية – السعودية ،الى بدء انهاء الحرب على اليمن ،الى تراجع  مسيرة التطبيع مع العدو،  إلى اشتعال المقاومة الفلسطينية على جبهات مدعومة  …ناهيك باحتمال الحرب التايوانية المستجد……

د-اننا امام مرحلة تاريخية يفوز فيها من يحجز مكانا ً على  طاولة رسمها، ومن يملك الرؤية لاستخدام  قدراته في اللحظة التاريخية والسياسية  الملائمة….

ه- يترافق كل ذلك مع وقائع ومظاهر انهيارات في بنيان الكيان الصهيوني وتراجع وارتباكات في السياسات الاميركية والغربية ،واننا انطلاقا من الواقع  المستجد لوحدة الساحات والمعركة، أمام فرصة تاريخية للإنقضاض على “سايكس بيكو” بكل مفاعيله ونتائجه عبر توحيد جبهوي لمحور المقاومة والمستجد من حلفاء ،مدعوماً  من  محور التمشرق بفعل المصلحة وقوة الواقع والدور…

ز-انها بداية مرحلة انهاء ظروف انشاء الكيان الغاصب للانطلاق الى التحرير الشامل لفلسطين والعالم العربي وتحقيق التشابك الاقليمي التنموي….

ح-إلا ان كل هذه المعطيات بكل ايجابياتها تفرض علينا  كمحورمقاومة الاسراع وبإلحاح إلى وضع رؤية واضحة لمسار الهجوم المقبل لتحقيق التحرير بكل حيثياته، بما في ذلك كيفية التعامل مع الحالات الشاذة المعيقة في دول المحور والمعروفة  كما هو الحال  في لبنان مثلا…

ويبقى الأهم الأهم هو الرؤية لما بعد التحرير الآتي بأسرع  من كل التوقعات…..

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى