دولياتسياسة

نظام يقود لموت الكوكب وإنقراض البشر!

كتب أكرم بزي
الحماسة الإعلامية المنقطعة النظير التي واكبت الانتخابات الأميركية حتى اللحظة، تكاد تكون حدثاً أهم من "الإنتخابات عينها". وهنا لا أتحدث عن الإعلام الغربي والمملوك بمعظمه من العائلات التي تدور في المحور الصهيوني، بل عن الإعلام العربي والذي فتح وسائل إعلامه كافة وبشكل متواصل لاطلاعنا على أدق التفاصيل المتعلقة بها ،وهنا لا استثني أي وسيلة إعلامية ساهمت في هذه التغطية إن كانت في المحور الموالي لأميركا أو المحور الآخر.
لا شك أن الحدث الانتخابي المهم على مستوى الكرة الأرضية يحظى باهتمام العالم أجمع ، أن انتخاب رئيس أقوى دولة في العالم تتحكم بمصير "ملايين" لا بل "المليارات" من البشر، يجب أن تفرد له مساحات واسعة من "الميديا" لمعرفة "مصير" البشرية… أوليس المنتخب سيتولى حقبة تمتد لمدة أربع سنوات يتحكم فيها بمصيرهم؟
لوهلة تعتقد أنك يجب أن تميل الى أحد المرشَحين: إما دونالد ترامب أو جو بايدن، لا بل تأخذك الحماسة أحيانا وأنت تشاهد أن تُسر إذا ما ارتفعت مؤشرات أحدهما عن الآخر والعكس صحيح… ولشدة تأثير جائحة "الميديا" الانتخابية اذا جاز التعبير في عالمنا، غاب الاهتمام عن جائحة "الكورونا" الفتّاكة، والتي أودت بحياة 1260000 (مليون وستماية ألف حالة وفاة)، و5900000 و(خمسين مليون وتسعماية ألف إصابة)، ثلاثة وثلاثين مليون إصابة تعافوا منها حتى هذه الساعة على الكرة الأرضية كافة. (المصادر، وسكاي نيوز).
في زحمة الضجيج الإعلامي، يغيب عن أذهان البعض أن كلا المرشحين يتبارزان من منهما يخدم الصهيونية العالمية أكثر ومن منهم يقدم خدمات للكيان الصهيوني الغاصب لنيل رضا اللوبي اليهودي في أميركا والعالم، وبالتالي أياً كان الفائز فهو فاز برضى الصهاينة أولاً وبجمهوره الذي صوت له ثانياً، وهذا ما جرت عليه الانتخابات الأميركية منذ أكثر من خمسين عاماً لغاية الآن. والفائز جو بايدن (حتى هذه اللحظة)، قدم خدماته للحركة الصهيونية طيلة العقود التي خدم بها في الإدارة الإميركية وفي كل المواقع التي تبوأها وصولاً الى الرئاسة الآن.
ففي خطاب له في مجلس الشيوخ الأميركي عام 1986 قال: "اعتقد ان الوقت قد حان لايقاف من يطلبون منا الاعتذار عن دعمنا لإسرائيل، فلو لم توجد إسرائيل لكان على الولايات المتحدة اختراع إسرائيل".
وفي خطاب آخر له قال: "إذا كنت يهودياً سأكون صهيونياً… والدي قال لي إنه لا يشترط أن أكون يهودياً لأصبح صهيونياً لأنني صهيوني بالأصل، إسرائيل ضرورية لأمن اليهود في جميع أنحاء العالم"… وفي تصريح آخر له قال: "إسرائيل تعد القوة الأكبر للولايات المتحدة في الشرق الأوسط… تخيلوا ظروفنا في العالم بدون وجود "إسرائيل" كم عدد السفن الحربية التي ستكون هناك، وكم عدد الجنود الذين سيتمركزون لتحقيق وتأمين مصالحنا".
إذا كان دونالد ترامب جعل القدس عاصمة "للكيان العبري" وقدم ما لم يقدمه أي رئيس أميركي، فصهيونية جو بايدن كفيلة نتيجة قناعاته وعقيدته أن تجعله صهيونياً أكثر من بنيامين نتنياهو، وهنا تهون وتذوب كل مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لخدمة "الكيان العبري" على حساب شعوب المنطقة.
أما نائبته كامالا هاريس فلها من التصريحات بشأن دعم الكيان العبري ما يجعلها أكثر صهيونية من بايدن نفسه. وفي خطاب لها في (AIPAC)، قالت: "يجب الوقوف مع إسرائيل في حروبها مع الفلسطينيين واللبنانيين وغيرهم من شعوب المنطقة".  وحتى في حروب "داعش"  والحرب داخل سوريا يهددان الاستقرار في المنطقة… يجب علينا دعم كل المتأثرين بالعنف والإرهاب ويجب علينا الوقوف مع إسرائيل!… ولهذا السبب انا أدعم تعهد أميركا بتزويد "إسرائيل" بـ 38 مليار دولار من المساعدات العسكرية خلال العقد القادم… (الخطاب طويل نقلته بتصرف) وأعتقد أن هذه المواقف كانت بمثابة بطاقة ترشحها لهذه الانتخابات!.
كل رؤساء أميركا على مر العقود التي حكموا فيها كانوا يتبارون من يخدم منهم أكثر الكيان الصهيوني ومن لم يرد ذلك او يتباطأ كان مصيره السقوط او القتل… يقول أوليفر ستون وهو من أهم مخرجي هوليوود: " في الحروب الثلاثة عشر التي بدأناها في آخر 30 سنة وبكلفة 14 تريليون دولار ومئات آلاف الأرواح التي قضت عن هذه الأرض، تذكروا بأنه لم يكن كل هذا تحت قائد واحد، بل "النظام"، من الجمهوريين والديمقراطيين كلاهما، وسمّه ما تشاء، الصناعة العسكرية، الأمن، المال، الإعلام، أو خليط فهو "نظام" ظل قائما تحت من يقول بأن هذه حروب عادلة مبررة باسم علمنا الذي يرفرف عالياُ فوق حيواتنا، لقد أصبحت دولتنا أكثر إزدهاراُ للعديدين، ولكن وباسم هذه الثروة لا يمكننا تبرير نظامنا بأنه مركز القيم للعالم بينما نستمر بخلق حروب ودمار، وهنا لا حاجة للحديث عن الضحايا، ولكننا نعلم بأننا تدخلنا في شؤون أكثر من 100 دولة من غزو وتغيير أنظمة وفوضى اقتصادية أو الحروب الهجينة والحروب الناعمة، أيا كان اسمها، فهي حرب من نوع ما، في النهاية أصبح نظاماً يقود لموت الكوكب وانقراضنا جميعاً.
لعل ما قاله أوليفر ستون، من أصدق ما قيل في معرض انتقاد السياسة الأميركية والتعبير عنها بأنها أصبحت نظاماً مؤسساتياً له نظرياته ومعتقداته والتي تقوم على مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" (الميكيافيلية) أو"ما أراه حقاً فهوحق لي" (السفسطائية)، والبلطجة، والقتل، والتهديد بالتجويع والعقوبات تحت أي ذريعة ما هي الا أساليب تنتهجها الإدارة الأميركية، لتحقيق مصالحها في العالم أجمع، والبشر بالنسبة لهذه الإدارة عبارة عن مجموعة أرقام ليس إلا ومن يقول غير ذلك فهو يبتعد عن الحقيقة.
وما جرى، ويجري حالياً، في لبنان من فرض العقوبات الاقتصادية على بعض مكونات المجتمع اللبناني وتأثره المباشر بقانون قيصر وآخره فرض عقوبات على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وقبله على غيره من الشخصيات اللبنانية السياسية والاقتصادية ،ما هي الا سياسة تعتمدها أميركا في صلب سياستها على مستوى العالم أجمع. وما لم تستطع أميركا ان تحصل عليه من خلال التدخل المباشر وبالحروب والضغوط السياسية تحاول ان تمارس لعبة التجويع للحصول عليه ولا يهمها عدد الجياع والأطفال الذين سيموتون في العالم بل مصلحة "إسرائيل – أميركا" أهم من كل البشر…
"من ليس معنا فهو ضدنا" ..هذه فحوى السياسة الأميركية في العالم ومن لم يرد ذلك فستصيبه "لعنة أميركا" ولعنة سفرائها وعملائها في العالم.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى