العالم العربيسياسة

من يقف وراء خطاب مقتدى الصدر ودعوته أنصاره للإنسحاب؟(جواد الهنداوي)

 

د.جواد الهنداوي – الحوارنيوز -خاص
“تُقاس الامور بخواتيمها”، وعلى ضوء هذا المقولة، لايمكن للمرء الاّ أنْ يُثني ويُبارك خطاب السيد مقتدىالصدر، بتاريخ ٢٠٢٢/٨/٣٠ ، والذي جاء ضمن مؤتمر صحفي.
خطاب دعا فيه أنصاره الى الانسحاب من المنطقة الخضراء وانهاء التظاهرات والاعتصام امام مجلس النواب، وأمهلهم ستين دقيقة لتنفيذ توجيهاته.
خطاب ومواقف انهت حالة فوضى واشتباك مسّلح، دامَ ما يقارب ٢٤ ساعة، جعلَ البلاد على شفا حرب اهليّة.
أتخذَ السيد في خطابه ثلاثة مواقف: الأول هو تأكيده على الاعتزال السياسي، وقوله بأنه اعتزال نهائي، وكأنه يشير الى اتباعه و مستمعيه، بأنّ هذا الاعتزال لن يكْ كسابقهِ أو كسابقاته، خاصة وانهُ ( اي السيد ) اقرنَ هذا الاعتزال بالحكم الشرعي.
ادركَ السيد ، ربما ، بأن العمل الحزبي ، والمشوب ( غالباً ) بمخاطر الريبة والفساد وعدم رضا الله و عبادهِ لا تتناسب مع حكمة وورع رجل الدين، ووصايا آبائهِ المُتقين ، لذا ربطَ السيد مقتدى اعتزاله ، هذه المّرة ، بالحكم الشرعي.
الموقف الثاني، وهو الاساس، دعوته لأنصاره بالانسحاب من المنطقة الخضراء، وانهاء الاعتصام وايقاف الاقتتال وتدحرج البلد وانزلاقه نحو حرب اهلية.
واعتقد بأنَّ سماحة السيد السيستاني كان بشكل أو بآخر خلف هذا الموقف. ولطالما تباهى العراقيون شيعة وسُنة و كُرد بدوره، ونعتوه “بصمام الامان”.
وأظّنُ أنَّ التدخل الناعم للمرجعية، وفي الوقت المناسب جداً، كان بصفة تدخل بين رجل دين ( المرجعيّة الرشيدة ) وبين رجل دين ( السيد الصدر ) ، وليس بمثابة ” المرجعيّة الرشيدة مع رجل سياسة وقائد تيار؛ مرجِعْا ظّني هذا لسببيّن: الاول هو موقف سماحة السيد السيستاني بعدم التدخل في الشؤون الحزبية والسياسيّة وعدم التحدث واللقاء مع السياسيين ، لذا كان تدخله ( وهذا توقّع و افتراض ) المباشر او غير المباشر مع السيد مقتدى باعتبار الاخير رجل دين و مجتهدا وليس قائد تيار . و قول السيد مقتدى بانّ اعتزاله نهائي و اخير ، وبحكم الشرع ، يوحي تأثّره بالتدخل السيستاني او بالاشارات او بالعبارات السيستانيّة.
الموقف الثالث الذي وردَ في خطاب السيد هو اعتذاره للشعب ، ما يدلُّ على احساسه وشعوره بخطأ مسار الاحداث ، والذي ( واقصد المسار ) هو من سلوك التيار وسرايا السلام . وهذا ما يّفسر الانتقاد والتوبيخ القاسي الذي وجّهه السيد لسرايا السلام ، و وصفه بأنَّ “القاتل و المقتول في النار ” ووصفه للسرايا ” بالميليشيا الوقحة”. وبالمقابل اشادَ السيد بانضباط قوات الامن والجيش، واشادَ كذلك بالحشد الشعبي.
غابَ كلياً عن خطاب ومواقف السيد لغة الوعيد والتهديد والثورة ومصطلحات الفساد و التبعيّة ، وحّلَ محلها لغة العقل والمنطق و السلام والمصلحة الوطنية العليا.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى