كتب حلمي موسى من غزة:
المفاوضات في القاهرة للتوصل إلى هدنة واتفاق تبادل للأسرى تتقدم.. لا تتقدم. وسطاء يتحدثون عن تقدم، ومصادر إسرائيلية أيضا تتحدث عن تقدم، وحماس تقول إن “العرض الإسرائيلي” لا يلبي المطلب الفلسطيني بعودة النازحين إلى بيوتهم والوقف التام لإطلاق النار. ويخرج نتنياهو ليعلن أن موعد اجتياح رفح قد تقرر، فتبادر إدارة بايدن إلى الإعلان عن أنه لا علم لديها بأي مواعيد وأنها ضد عملية برية واسعة لإسرائيل في رفح. وهناك من يرى أن الكلام عن عدم التقدم في المفاوضات والتهديد الإسرائيلي باجتياح رفح، ليسا سوى تكتيكات تفاوضية في الطريق إلى صفقة أو تفجيرها.
ولا بد من الإشارة أولا إلى أن في إسرائيل من يحاول، ليس من الآن وإنما من لحظة بدء الحرب، إفشال أي محاولة لوقف الحرب وتبادل الأسرى، وكان نتنياهو على رأس هؤلاء، وما يزال. وقد تم الإعلان عن أن جميع أعضاء كابينت الحرب قبلوا مقترح الحل الوسط الأمريكي إلا نتنياهو. وإذا كان هذا غير كاف فإنه يبدو أن نتنياهو حرض نشطاء في الليكود على المطالبة بإجراء نقاش في االحزب الحاكم “تمهيدا لاحتمال إبرام صفقة، لا تشمل كما يبدو كل “المختطفين” وتسمح بعودة سكان شمال غزة إلى بيوتهم. وطبعا هناك معارضة بن غفير وسموتريتش للصفقة من أساسها إذا كانت تقود إلى إنهاء الحرب. بل أن بن غفير هدد باسقاط الحكومة إذا أبرمت الصفقة وأنه إذا لم تتم مهاجمة رفح فلن يكون لنتنياهو تفويض.
وطلب سبعة من أعضاء كتلة الليكود في الكنيست إجراء النقاش بشكل مستعجل لأن “الصفقة سوف تؤثر بشكل دراماتيكي على تحقيق أهداف الحرب كما حددت”. وأضافوا في رسالة وجهوها لنتنياهو أن “حكومة إسرائيل برئاستك، وضعت أهدافا محددة للحرب وعلى رأسها إزالة خطر أمني من قطاع غزة، والقضاء على حماس كقوة عسكرية وحكومية في القطاع وإعادة جميع المختطفين”. ومضوا قائلين في ترداد كلام نتنياهو لنتنياهو: “قواتنا حققت قسما من الأهداف وألحقت ضررا بليغا بقدرات حماس، لكن المهمة بعيدة عن الانتهاء”. ويشكل هذا الطلب نوعا من العرقلة للصفقة ، داخل الليكود، خصوصا وأن هناك داخل الائتلاف أحزاب تقول بهذه المطالب أيضا.
في كل حال نقل موقع “والا” عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن الاقتراح الوسط الأمريكي يحاول جلب حماس إلى نقطة تبدي فيها مرونة حول عدد وهوية الأسرى الذين تطالب بتحريرهم، وان تقدم قائمة 40 إسرائيلي أحياء لديها مقابل تنازلات إسرائيلية لعودة نازحين إلى شمال غزة. وقد عرض رئيس المخابرات المركزية، ويليام بيرنز، مقترحا جديدا للتجسير على نقاط الخلاف بين حماس وإسرائيل. وتبحث إسرائيل حاليا في المقترح الأمريكي في حين أن حماس أعلنت أنه مقترح إسرائيلي ولا يلبي مطالب الفلسطينيين.
وكان الناطق بلسان الخارجية القطرية ماجد الأنصاري قد أعلن أن “الضغط الأمريكي هام جدا للتوصل إلى صفقة. والاقتراح الذي تجري مناقشته في القاهرة يجسر بشكل غير مسبوق على الفجوات بين الطرفين”. وأعلن مصدر إسرائيلي أن إسرائيل وافقت في محادثات القاهرة على تليين جوهري إضافي في كل ما يتعلق بعودة النازحين إلى شمال غزة. وحسب مصدرين إسرائيليين ثمة تقدم في محادثات القاهرة، ولكن ما تزال هناك عراقيل تتطلب محادثات إضافية.
وفيما تحدث الوسطاء القطريون عن تقدم أشار الناطق بلسان البيت الأبيض جون كيربي إلى أنه تم عرض مقترح جديد على حماس، والأمر يتطلب موافقة السنوار، ولذلك فإن رد حماس يحتاج لعدة أيام”.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الولايات المتحدة تعطي نسبة 60% لاحتمال نجاح الصفقة وفق مقترحها الوسيط بإنهاء قضية الأسرى الفلسطينيين و”مفاتيح” التبادل، مقابل تنازلات إسرائيلية بشأن عودة نازحي الشمال. وقالت إن نتنياهو رفض الإعراب عن تاييده للمقترح الأمريكي على خلفية ضغوط من اليمين، ولذلك سارع مجددا إلى التهديد بعملية واسعة في رفح. وقال نتنياهو “إننا نعمل طوال الوقت لتحقيق أهدافنا، وعلى رأسها تحرير كل المخطوفين وتحقيق نصر ساحق على حماس. وهذا النصر يستلزم الدخول إلى رفح والقضاء على كتائب الإرهاب هناك. وهذا سوف يحدث، وثمة تاريخ لذلك”. ولكن بعد أقل من ساعة على كلام نتنياهو هذا سئلل الناطق بلسان الخارجية الأمريكية عنه فقال: “الولايات المتحدة ليست مطلعة على تاريخ هجوم في رفح”.
وكانت “العربي الجديد” قد نقلت على لسان مصدر مصري مطلع قوله إنه في ما يتعلق بعودة النازحين “جرى إدخال تعديلات على التصور المطروح سابقاً، والذي كان يقضي بعودة 2000 من النساء والأطفال والمسنين يومياً طوال فترة الهدنة، حيث جرت زيادة العدد إلى 6 آلاف يومياً”، مضيفاً: “لكن الخلاف الرئيسي هو الشروط التي حددها جيش الاحتلال بضرورة تفتيش العائدين ومرورهم على نظام مراقبة لفحصهم والتأكد من كونهم من غير المطلوبين، وهو ما تعترض عليه حركة حماس والمقاومة، التي تتمسك بمرور العائدين من دون قيد أو شرط”.
وأضافت “العربي الجديد”: “شهد أول من أمس الأحد لقاءات ماراتونية، حيث اجتمع وفد حركة حماس مع الوسطاء المصريين والقطريين، قبل أن يصل الوفد الإسرائيلي الذي شارك لاحقاً في اجتماع ضم المسؤولين في مصر وقطر والولايات المتحدة الأميركية، لتُوجه بعد ذلك الدعوة إلى وفد “حماس” مجدداً منتصف ليل الأحد، في لقاء استمر نحو 3 ثلاث ساعات، وانتهى عند مطلع الفجر، ليتوجه بعدها وفد الحركة مباشرة إلى العاصمة القطرية الدوحة، على متن طائرة خاصة، برفقة وفد الوساطة القطري، للتشاور مع قيادة الحركة هناك”.
ويتعارض ذلك مع ما نشرته قناة الجزيرة من أن الوسطاء عرضوا مقترحا جديدا في جولة المفاوضات الأخيرة بالقاهرة لوقف إطلاق النار على ثلاث مراحل، وأن المقترح تضمن عودة النازحين المدنيين غير المسلحين إلى شمال القطاع دون تحديد أعدادهم. كذك المقترح تضمن قبول إسرائيل فتح شارعي الرشيد وصلاح الدين وتمركز قواتها على بعد ٥٠٠ متر منهما. المقترح يتضمن إدخال ٥٠٠ شاحنة مساعدات يوميا إلى قطاع غزة بما في ذلك الشمال. والمقترح تضمن إفراج إسرائيل عن ٩٠٠ أسير فلسطيني بينهم ١٠٠ من ذوي أحكام المؤبد في المرحلة الأولى.
عموما ينتظر عودة وفود الأطراف إلى القاهرة اليوم لاستكمال المباحثات، سواء من أجل هدنة المراحل أو من أجل هدنة أيام عيد الفطر كما اقترحتها مصر كنوع من تهدئة لثلاثة أيام.