رمضانياتمنوعات

حصاد رمضان 2024 : نجاحات وإخفاقات درامية

 

الحوار نيوز – مسلسلات رمضان

 

نشرت صحيفة “الأخبار” في عددها الصادر اليوم تقريرا واسعا اليوم عن الدراما الرمضانية لهذا العام ،أعدته تهاني نصار وعبد الرحمن جاسم ولبنى سليمان،وتضمن قراءات في عدد من المسلسلات التي عرضت على الشاشات العربية.

  وجاء في التقرير:

لم يكن موسماً درامياً ناجحاً هذا العام باعتراف كثيرين. لعلّ هذه الجملة تختصر كل ما يمكن أن يُقال عن سباق درامي اتّسم بأعمال متسرّعة، ومتكلّفة مليئة بالكليشيهات في مقاربة قضايا اجتماعية مهمّة، وفوق هذا بانت الحاجة إلى مؤلّفين وكُتّاب نصوصٍ محترفين، فمهما عظمت مهارة المؤدي/ الممثل، يبدو واضحاً أنّ المشكلة أكبر من أن يغطيها بأدائه.

اخترنا لكم هنا ما أعجبنا من الأعمال التي شهدها موسم رمضان 2024، والتي نالت منها مصر حصّة الأسد.

 وهذه نجاحات الموسم

 

 «تـــاج»

حُكي الكثير عن المسلسل السوري الأهم لهذا العام. نجمه الأوّل وأحد أفضل المؤدين/الممثلين في الوطن العربي حالياً تيم حسن بذل مجهوداً كبيراً كي يأتي مسلسل «تاج» (كتابة عمر أبو سعدة ــ وإخراج سامر البرقاوي) كما يحلم ويحب. نجاح مسلسل العام الفائت «الزند: ذئب العاصي» مع الكاتب عمر أبو سعدة والمخرج سامر البرقاوي، شجّع حسن على تكرار التجربة، لكن التسرّع وبعض الرعونة في النص المكتوب وبعض الأخطاء في الصنعة الدرامية لم تسعف المسلسل. ربما كان يجب أن يكون من 15 حلقة فقط، وربما كان يجب أن تكون الشخصيات محفورة بعناية أكثر. لكن هذا لا يعني أبداً أن أبو سعدة لم يبذل مجهوداً يُحسب له، ففي عصر الكتابة الدرامية الرديئة حالياً هو أفضل من غيره بكثير. أبرز ما ميّز العمل فهو مهارات ممثليه، وهذا ما رفع من قيمته، كلّ من شاركوا فيه تقريباً قدموا أداء متميّزاً جداً، بدءاً ببطلَيه تيم حسن وبسام كوسا في أداءٍ متفوّقٍ جداً، وصولاً إلى فريق العمل الذي بدا أنه يعرف تماماً ماذا يريد المشاهد أن يرى، فقلّما رأينا ممثلاً أخطأ في دوره، اللهم إلا إذا جرّه النص إلى ذلك. لذلك، يمكن اعتباره واحداً من أفضل مسلسلات هذا العام من دون منازع، أدائياً على الأقل.

 «الحشاشين»

انتهى عكس ما بدأ! مسلسل «الحشاشين» الأكثر إثارة للجدل هذا الموسم (كتابة عبد الرحيم كمال ــــ إخراج بيتر ميمي)، تجاوز سريعاً، وخصوصاً داخل مصر، الانتقادات المتعلقة باستخدام اللهجة المصرية وبعدم الالتزام بالوقائع التاريخية. الجمهور الذي تمسك بمتابعة رحلة حسن الصباح (كريم عبد العزيز) حتى النهاية انحاز أكثر إلى الدراما التي تميّزت بعدد من مصادر القوة، حيث الإيقاع السريع والأحداث المهمة من حلقة إلى أخرى، إلى جانب الاعتماد على عدد كبير من الممثلين الجيدين، من مختلف الأجيال. لم يعتمد «الحشاشين» فقط على كاريزما النجم المصري البارز، بل نجح بيتر ميمي في إسناد الأدوار حتى الصغيرة منها لممثلين بارزين، ليتألق كثيرون منهم كأحمد عيد، وميرنا نور الدين، وسوزان نجم الدين، وأحمد عبد الوهاب، وعمر الشناوي، وسامي الشيخ، وعمر زريق، ونضال الشافعي. وفي الوقت نفسه، حافظ ميمي على مستوى غير مسبوق من الجودة التقنية ظهرت في مشاهد العمل، وخصوصاً المعارك لتكون مواقع التصوير من جهة والمؤثرات البصرية من جهة أخرى سبباً رئيساً في جعل «الحشاشين» أحد أبرز أعمال رمضان 2024 بعيداً من قضيته الشائكة التي ألقت بظلالها على نقاشات النخبة من المشاهدين.

 «مسار إجباري»

يعدّ «مسار إجباري» (كتابة أمين جمال ومحمد محرز ومينا بباوي، وإخراج نادين خان) واحداً من اكتشافات هذا العام بالتأكيد. المسلسل الذي امتد على 15 حلقة، تميّز بكونه خلطة لطيفة وسريعة تجمع بين ممثلين شابين يعدان بالكثير هما أحمد داش وعصام عمر، وكاتب جيد هو باهر دويدار الذي عرفه الجمهور مع مسلسل «الاختيار» (2020)، ومخرجة شابة تعمل بجدية هي نادين خان. تميّز العمل بأنّه قدّم علاقة صحيحة وصحيّة بين الأشقاء، هذا من جهة، ومن جهة أخرى ابتعد بشكل حقيقي عن منطق «العصابات» و«البلطجية» واقترب من الشارع الحقيقي. يُضاف إلى هذا شرير مؤدى باحترافية من رشدي الشامي، فضلاً عن إضافات جميلة مثل بسمة وصابرين، ومي الغيطي في أداء احترافي جداً. طبعاً، لا يمكن الحديث عن العمل كما لو أنه «ليالي الحلمية» أو «لن أعيش في جلباب أبي»، لكنه بالتأكيد من أفضل مسلسلات هذا العام، وخصوصاً مع الأداء العفوي، والبريء والسلس من أبطاله، بالأخص أحمد داش، الذي أثبت أنه من أفضل المؤدين الشباب حالياً.

 «صلة رحم»

انتهاء عرضه مع انتصاف سباق رمضان 2024 لم يقلل من الجدل الدائر حوله، فأحد معايير نجاح أي مسلسل هو امتداد تأثيره، وهو ما حققه «صلة رحم» (كتابة محمد عشام عبية ــ إخراج تامر نادي). ليس هذا العمل الأول الذي يناقش قضية تأجير الأرحام، لكنه وضعها في سياق درامي وإنساني نجح في جذب الانتباه، لتكون ردود الفعل على حلقته الأخيرة واسعة جداً مقارنةً بباقي المسلسلات التي انتهت حلقاتها في التوقيت نفسه. بل إنّ السؤال المحيّر الذي انتهت به الأحداث، طُرح بشكل متكرر سواء على الأبطال في الحوارات الإعلامية أو غيرها: لمَن الطفل الذي وصل قبل لحظات من وفاة والده؟ هل هو للأم البيولوجية أم الأم الحاضنة؟ قدم «صلة رحم» شخصياته من طينة بشرية، مليئة بالأخطاء. لا توجد شخصية مثالية واحدة في المسلسل بمن في ذلك «الشيخ جابر» المتديّن الذي لم يتورّع عن حبس زوجته الممرضة اختصاصية عمليات الإجهاض. تصرف يبدو قانونياً وأخلاقياً، لكنه لم يحترم العشرة ولم يجتهد لمنع حبسها. هذا الانقسام حول موقفه تكرّر كثيراً مع البطل الرئيسي «حسام» الذي سعى طوال الأحداث إلى إنجاب طفل تعويضاً لزوجته التي فقدت حملها بسببه. وعلى المنوال نفسه، ظهرت باقي الشخصيات بأكثر من وجه مثلما هي في الحياة، لا المسلسلات التي تقدم الأبطال كملائكة أمام الجمهور.

وهذه إخفاقاته

كليشيهات من التيك توك ومشاهد عنف ودموية ووحشية مجانيّة، وقصص غير منطقية، وشخصيات خالية من العمق، وأداء باهت بسبب النصّ المتهالك. تلك هي أبرز المشكلات التي شابت المسلسلات التي نعرضها هنا ونرى أنّها لم تعبر خطّ النجاح رغم الضجّة التي أحدثتها على صفحات السوشال ميديا.

 «ولاد بديعة»

يمكن اعتبار «ولاد بديعة» (كتابة علي وجيه ويامن الحجلي ــ إخراج رشا شربتجي) واحداً من خيبات الأمل الكبرى هذا العام. كان من المتوقّع أن تكون النتيجة مغايرة مع هذا الصف من الممثلين المهرة من نوع سلافة معمار، محمود نصر، سامر إسماعيل، نادين تحسين بيك ومخرجة من طراز رشا شربتجي. ظهرت أخطاء العمل الكارثية في كثيرٍ من النواحي: اعتمد على كليشيهات من التيك توك وسواها، وكان هناك الكثير من مشاهد العنف والدموية والوحشية التي لا ضرورة لها، والقصة المشربكة وغير المنطقية في كثير من الأحيان، وفوق كل هذا بعض المشاهد التي لم تراعِ الحيّزَين الزمني والجغرافي. باختصار، ورغم الضجة الكبيرة التي يحدثها صنّاع العمل على السوشال ميديا حوله، إلا أنه سيُنسى شأن كثير من الأعمال المشابهة، لكن ما يحزن المشاهدين بالتأكيد أنّ هذا الكم الهائل من الموهبة ضاع بهذه الطريقة وهذا الاستهتار.

 «ع أمـل»

في «ع أمل» (كتابة ندين جابر ـــ إخراج رامي حنا) برز منذ البداية اعتماده على قصة/ نص يحاول وبشكل مسطّح تناول قضايا رئيسية ومصيرية في المجتمعات العربية. هذه القضايا الكبرى التي لا يجوز بأي شكل من الأشكال تسطيحها كالعلاقات الزوجية المرضية والقتل والتخلّف والظلم الأسري التي سعت كاتبة المسلسل ندين جابر إلى خلطها مع بعضها من دون أي منطق، معتمدةً على الكليشيهات المتكررة والمعتادة. النقطة الثانية تمثلت في بطلة العمل ماغي بوغصن. تحاول الممثلة اللبنانية التأدية، وهذا يحسب لها، وتغيّر من جلدها بالتأكيد، لكن يعوزها الكثير من التدريب، وهذا ليس عيباً، وليست مشكلة غير قابلة للحل، فمنى زكي أحضرت العام الفائت مدرباً شخصياً للتمثيل كي تدخل في شخصيتها في مسلسل «تحت الوصاية». تعاني بوغصن بشدة في إعطاء ملامح حقيقية لشخصياتها، وجاء النص المنهك والمهلهل للكاتبة جابر كي يكمل على المسلسل وعلى أداء بوغصن.

 «العربجي 2»

يمكن وصف «العربجي 2» (كتابة عثمان جحى ومؤيد النابلسي ــــ إخراج سيف السبيعي) بأنّه مسلسل الصراخ المستمر بين جميع أبطاله. فعلياً يمارس جميع أبطال هذا العمل بجزئه الثاني الصراخ على بعضهم البعض. يشعر المشاهد بأن بطل العمل أي باسم ياخور لا يستطيع الكلام من دون أن يصرخ عليه. يمكن اعتبار ياخور واحداً من أفضل الـmethod actors في الوطن العربي، وليس أدواره في «ضيعة ضايعة» و«الخربة» وسواها إلا دلالة وتأكيداً على ذلك. هنا وقع الممثل الماهر ضحية نصٍ منهك متكرّر ومعاد للكاتبين عثمان جحا ومؤيد النابلسي. بدا النص بلا روح ولا قلب معاً، وهذا ما جعله يحاول أن يقلّد نجاح العام الفائت المتوسط، وهو حتى لم يحصّله. يمكن اعتباره سقطة وتراجعاً لأبطال العمل، مع مشاركة مجموعة قديرة من الممثلين المهرة، أمثال ياخور وسلوم حداد وديمة قندلفت، لكن للأسف لم يقدموا أي شيء جديد.

 «نظرة حب» و«نقطة انتهى»

يستحق «نظرة حب» (كتابة رافي وهبي، وإخراج حسام علي) و«نقطة انتهى» (الصورة/ كتابة فادي حسين ــــ إخراج محمد عبد العزيز) الحديث عنهما في فقرة واحدة، ذلك أنّهما يشتركان فعلياً في المشكلات نفسها. النص المهلهل والمكتوب بغير احترافية مع فادي حسين (نقطة انتهى)، ورافي وهبي (نظرة حب)، والأداء المتراجع لنجوم العمل السوريين المحترفين عادةً أمثال عابد فهد (نقطة انتهى) وباسل خيّاط (نظرة حب). كلا الممثلين يؤديان بشكل تكراري وباهت، وبطريقة غير واضحة أو منطقية، فيما يغيب الممثلون اللبنانيون أدائياً في هذه الأعمال، مع العلم أن كارمن بصيبص تحاول التأدية في «نظرة حب»، لكنّ النص لم يعطها فرصة، والأمر نفسه حصل مع الماهرة ندى أبوفرحات التي تحاول، لكن بدا أن قيود النص كان ثقيلة حدّت من مهاراتها. يخيّب العملان الأمل لأنهما كانا يمتلكان كل فرص النجاح، إذ تمتّع «نقطة انتهى» بنجوم من طراز أنس طيارة، و«نظرة حبّ» بجفرا يونس، لكن ذلك لا يشفع البتة للعملين ولا يعطيهما أي فرصة للنجاح بسبب الأداء الباهت لأبطال العمل، والقصة الضعيفة والمستهلكة، ناهيك بالاستسهال في الصنعة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى