معضلة القطاع العام في حلقه مفرغه (عماد عكوش)
د. عماد عكوش
عانى القطاع العام سابقا وما يزال من التخمة على صعيدي التكلفة والعدد ، وهذه التخمة كانت ناتجة عن حشو الموظفين في الوزارات والادارات دون الحاجة أليها في الكثير منها ، ما انعكس سلبا على أدائها ، وأيضا كانت ناتجة عن اقرار منافع وخدمات وزيادات دون القيام بأي دراسة تحلل وتقيم حجم النتائج ، وانعكاس هذه التخمة في الكلفة على الموازنات ، وبالتالي على حجم الدين العام الذي كان يتراكم بشكل كبير نتيجة للعجز الدائم في الموازنات ، ونتيجة للفساد والذي ادى في النهاية الى تفجر الوضع النقدي والمالي وانهيار الواقع الاقتصادي في لبنان .
في السابق كان مصرف لبنان والدولة قادرين على تثبيت سعر صرف الدولار بما كان يملك مصرف لبنان من احتياطي من العملات الصعبة تجاوزت 50 مليار دولار قبل الازمة ، وبما كانت المصارف تملك من حجم من الودائع تجاوز 180 مليار دولار قبل الازمة ، لكن اليوم اختلفت الامور ، فمصرف لبنان لم يعد يملك احتياطيا من العملات الصعبة تمكنه من تثبيت سعر صرف الدولار ، والودائع تمت سرقتها ، وبالتالي فإن أي زيادة في الرواتب غير مدروسة ستنعكس على الموازنة بشكل سلبي ، وهذا سيراكم العجز في الموازنة ، وسيضاعف الدين العام مجددا ، ما ينعكس على سعر صرف الدولار مجددا .
هذه الدوامة من المرجح ان تستمر لأن موظفي القطاع العام، بشكل عام دون التعميم، لن يقبلوا بالعودة الى الوراء بالقدرة المعيشية ، وحجم الدخل ، هذا من جهة ، والدولة عاجزة عن تلبية هذه المطالب من جهة ثانية ،ما سيؤدي الى الامر المحتوم التالي في حال لم يكتشف لبنان كنزا يغطي هذا العجز :
– إرتفاع مستمر في سعر صرف الدولار الاميركي مقابل الليرة اللبنانية للسنوات القادمة .
– عدم قدرة الدولة على وقف التضخم في الاسعار .
ان التراخي في التعامل مع هذه الازمة سيعطل عمل الادارات العامة لفترة قد تطول وستشمل قطاع التعليم وقطاع الاستشفاء لاحقا، وسنبقى ندور في حلقة مفرغة .