رأي

مشروعية السلطات الدستورية والخطوات المطلوبة

 

لم يعد جائزا أن يتجاهل المعنيون حجم الحراك الثوري اللبناني في مختلف الساحات الرئيسية، وإن حاول بعض القوى السياسية الطائفية أن تصادر "الثورة" من خلال تجمعات حزبية بوجوهها وشعاراتها، لكنها تبقى محاولات "زواريب" أمام صوت الساحات الكبرى!
لا أشك أبدا بكلام أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وبصدقه فيما يتعلق بأحقية الدعوة لتغيير النظام السياسي وإعادة تكوين السلطة بعد "موت النظام" وصار لزاما علينا دفنه.
ولأن السيد نصرالله كان من المبادرين للدعوة الى هيئة تأسيسية للبنان تعيد النظر بطبيعة هذا النظام الطائفي الذي يعتبر "ولاّدة الأزمات والحروب والتبعية إلى الخارج"، فإنه من الطبيعي أن يكون الحزب مع الثورة في مطلبها الإصلاحي الأهم وهو إسقاط النظام الطائفي.
ربما هاجس السيد نصرالله هو التوقيت في لحظة إقليمية ساخنة، وكلامه عن الفراغ مفهوم في هذا الإطار، لكن يمكن للقوى الصادقة الملتصقة بقضايا الناس ،كحزب الله، ضمان عدم إحداث فراغ من خلال البحث بسلة خطوات متكاملة، إبتداء من الكوة التي فتحها الرئيس العماد ميشال عون بقوله أن الحكومة الحالية لم تعد قادرة على القيام بمهامها.
شرعية السلطات الدستورية الثلاثة تكمن في خطوات وقرارات جريئة يمكن إيجازها على النحو التالي:
–  شرعية بقاء الرئيس عون في سدة الرئاسة الأولى تكمن في الدفع بإتجاه تغيير حكومي يترافق مع تشكيل فوري للجنة الوطنية المكلفة دراسة الغاء الطائفية السياسية في لبنان وفقا لما نص الدستور. ولجنة من كبار الدستوريين لإقتراح التعديلات الدستورية الواجب إدخالها على الدستور في ضوء الغاء الطائفية السياسية.
– أما شرعية الرئاسة الثانية فتكمن في إستكمال ما بدأته كتلة التنمية والتحرير الخطوات الآيلة لإقرارا قانون انتخابي خارج القيد الطائفي، على أساس النسبية. وتأكيد الموقف من أن القانون الفاقد للدستورية والتي جرت على أساسه الانتخابات النيابية أنتج مجلسا غير دستوري ومن الواجب إجراء انتخابات نيابية مبكرة.
– أما شرعية الرئيس سعد الحريري في رئاسة الحكومة فتكمن في البحث الجدي بحكومة مصغرة مؤلفة من أصحاب كفاءات لتقود مرحلة إنتقالية تأخذ بعين الإعتبار ما ورد أعلاه إلى جانب بيان وزاري يتضمن: التعهد بإقرار قانون انتخابي خارج القيد الطائفي وإقرار قانون إنشاء مجلس للشيوخ، وهذا فعلا ما كانت قد بدأته كتلة التنمية والتحرير برئاسة الرئيس نبيه بري، والدعوة الى انتخابات نيابية مبكرة إلى جانب تشكيل لجنة وطنية مؤلفة من خبراء مشهود لهم، لإعادة النظر في النموذج الاقتصادي اللبناني القائم على الريع والخدمات وأنتج هذا الكم من الفوارق الاجتماعية والطبقية.
لا نشك في وطنية التظاهرات، لكن في كل ثورات العالم هناك حالات تشارك لأهداف نبيلة يقودها شرفاء وأخرى لأهداف خبيثة يقودها لصوص وهناك مال نظيف وهناك مال مشبوه، وهذه الحالات تتصادم في لحظة وصول الثورة الى مراحل متقدمة، وكلنا أمل أن تنتصر الوطنية النظيفة على الأهداف الفئوية المشبوهة.
والأمل الأكبر أن تبتعد العوامل الإقليمية عن المسار الداخلي، لأنه كلما اقتربت مثل هذه التقاطعات كلما اقتربنا من تكرار تجربة العام 1975 التي كلفتنا نحو 20 سنة من الإقتتال الأعمى.


 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى