مذبحة العلويين في سورية. .مذبحة الشيعة في لبنان؟؟ (نبيه البرجي)

الحوارنيوز – صحافة
تحت هذا العنوان كتب نبيه البرجي في صحيفة الديار:
قد يكون علينا الاعتذار من هولاكو لما ارتكبه من فظاعات في العراق. مؤرخ الدولة العباسية موفق سالم الجوادي قال “ان الطرقات، والميادين، فاضت بدماء الرجال والنساء والأطفال. وكان البعض يعتصمون على سطوح منازلهم، فيلحق بهم الجنود ويذبحونهم، لتجري الميازيب بدمهم”. الاعتذار لأن ما فعله العراقيون بالعراقيين أشد هولاً مما فعله الغزاة المغول.
وقد يكون علينا الاعتذار من تيمورلنك لما ارتكبه من فظاعات في سورية. قال ابن اياس، في كتابه “عجائب الآثار في التراجم والأخبار” عن حلب، لم يكن أمام المارة الا أن يطؤوا على الجثث “حتى قيل إنه بنى من رؤوس القتلى عشر مآذن”. أما حين فتح دمشق “أحرق الجامع الأموي، وذبح سكانها جميعا، باستثناء الحرفيين والمهرة الذين نقلهم الى سمرقند لتزيينها واعمارها”. الاعتذار لآن ما فعله، ويفعله، السوريون بالسوريين، يتعدى بكثير ما فعله القائد الأعرج.
نعرف من هو، وما هو، أحمد الشرع، الذي يتعامل معه العرب والغرب على أنه بطل من أبطال التحرير والديموقراطية، منذ أن كان رجاله على السفوح الشرقية يدفنون جنودنا وهم أحياء. ولو تسنى لهم النزول الى المدن والقرى لتحولت الى مقابر. لكن الرجل نزع العمامة الأفغانية، وأحل محلها الطربوش العثماني، ليعد السوريين بجمهورية أفلاطون، ولكن بتكشيرة الحجاج بن يوسف. هل تغيير غطاء الرأس يعني تغيير الرأس؟
لا أثر لرجاله (الأشاوس) في الجنوب السوري. يعلم أنه اذا ما بعث بواحد منهم الى هناك لما بقي للحظة في “قصر الشعب”. لا رصاصة، ولا كلمة، في وجه من يقضمون الأرض السورية. قضيته الآن مطاردة “فلول النظام”، وازالتهم وعائلاتهم من الوجود. هذا هو الاسلام السياسي الذي تجلى في “ابهى” صوره في الجزائر حين كان رجال “الجبهة الاسلامية للانقاذ” يقتلون الشرطي وذويه، وأبناءه، وحتى جيرانه. تماماً ما يحدث الان في مناطق الساحل السوري. لماذا هذه المناطق بالذات؟ فقط لأن بشار الأسد ينتمي الى طائفة الأكثرية فيها.
الشاشات تتتحدث عن تحريره لسورية. تحريرها من العلويين أم من الاسرائيليين؟ قطعاً، لا ندافع عن بشار الأسد، ولا عما فعلته الأجهزة، بالأساليب الهمجية اياها. لكن الشرع قال بـ “دولة القانون”. ما يحدث في الشوارع، وفي الأزقة، من قتل عشوائي فاق همجية المغول. وكنا نتمنى لو حوكم من يوصفون بـ “فلول النظام”، وهم بالملايين، أمام القضاء، لا قتلهم أمام أطفالهم، في منازلهم، وأن يعلقوا على المشانق في ساحة المرجة، تماماً كما فعل جمال باشا السفاح.
على وقع صيحات “الله أكبر” (هل تصل الصيحات الى الله؟) يتحول الساحل السوري الى جهنم. لا شيء يدعى “الرأي العام العالمي”. هناك فقط الرأي العام الغربي الذي وقف الى جانب اسرائيل في ابادتها لأهل غزة، بحجة أن الدولة العبرية تدافع عن أمنها، وعن وجودها. حتى إننا لم نسمع أي كلمة حول ما يحدث في سورية من أنطونيو غوتيريتش، وهو العاشق لأفكار ابن بلده البرتغالي خوسيه ساراماغو حين يقول “من يقتل الأطفال كمن يقتل الأزهار، ومن يقتل الأزهار يقتل الملائكة”. هنا عبارة “الله أكبر” هي المفتاح المقدس للمقبرة.
لنتذكر قول الياباني ياسوناري كاوباتا (نوبل في الآداب) حين زار هيروشيما “لكأن العالم مات هنا”. الآن تموت سورية. الطوائفية مثل القبائلية مصيبتنا الكبرى. هل كان أدونيس ونزار قباني ومحمد الماغوط وعمر أبو ريشة، وحنا مينا، يعرفون ما هي طوائفهم، ويعرف الناس ما هي طوائفهم؟ ذلك النوع البربري من الاسلام السياسي هو الوباء العظيم. أنظروا الى وجوههم. هل هي وجوه كائنات بشرية حقاً؟
وحين تموت سورية، ماذا يحدث للبنان؟ حالنا حال. حين تنعدم الثقة بين الطوائف، لتحل محلها الكراهية. كثيرون تحدثوا عن “حروب الآخرين على أرضنا”. لم يسألوا عن السبب. اكتفوا بالبريق اللغوي، والبريق السياسي، للعبارة. ما من سلطة في لبنان حاولت أن تنقلنا من ثقافة الطائفة الى ثقافة الدولة. نحن على أرضنا جاليات طائفية، وكل طائفة تابعة لمرجعية خارجية. ثم نتحدث عن حروب الاخرين على أرضنا. اللبنانيون، بكل طوائفهم، يقاتلون من أجل الآخرين.
في سورية، طلبت السلطة الجديدة من العسكريين في المناطق العلوية تسليم اسلحتهم. وحين سلموها بدأ مسلسل القتل والخطف والتنكيل، وحتى الصرف من الوظائف ومنع الرواتب للموت جوعاً اذا لم تكن هناك طريقة اخرى للموت. طائفة بكاملها في قبضة ياجوج وماجوج.
هذا وقت للصراحة، لأقصى ما تقتضيه الصراحة. نخب شيعية ترى أن ما تتعرض له الطائفة، وليس فقط “حزب الله” أو البيئة الحاضنة، وفي ظل التبدل الدراماتيكي في التوازنات الداخلية، والاقليمية، يثير التوجس من السيناريوات الخاصة بنزع سلاح الحزب. مذبحة للشيعة على غرار مذبحة العلويين في سورية؟ تابعوا ما يحدث من الكابيتول في واشنطن الى أحاديث الظل (وتحت الثريات) في لبنان. هذا ما يريده الأميركيون، وما يريده الاسرائيليون.
حملة السكاكين الطويلة في لبنان وراء الباب…