محمد هاني شقير -الحوارنيوز -خاص
لا تزال قضية المواد الغذائية المدعومة على جميع أصنافها موضع أخذ ورد، وتسود عند اللبنانيين أجواء من الامتعاض والتساؤلات المشروعة عمن يستفيد حقًا، فيما الغالبية العظمى منهم لم تشعر أنها مستفيدة من هذه الميزة التي تحولت الى طامة كبرى جراء الذل والإهانة التي يتعرضون لها للحصول على ليترين من الزيت وبقدرهما من السكر.
وما يزيد الطين بلة هو الأسعار المرتفعة جدًا للحوم وضياع، إن لم نقل ضبابية الدعم المخصص لسوق اللحوم والإلتباسات الكثيرة المحيطة بذلك السوق، ولا سيما أن تجار هذه المادة خاضوا منذ أيام معركة مسلحة في اللعازارية بعد أن خرجوا من وزارة الاقتصاد يضربون كفًا بكف نتيحة الغبن الذي يصيب بعضهم والحظوة التي نزلت على بعضهم الأخر لأسباب أصبحت معلومة لدى أوساط جميع تجار اللحوم.
فقد ذكرت مصادر مطلعة للحوارنيوز أن نحو ثلاثماية مليون دولار اميركي هي القيمة الاجمالية لمبالغ الدعم الذي وفرته وزارتا الزراعة والاقتصاد والتجارة للشركات المستوردة للمواشي واللحوم بهدف توفير هذه السلع الى اللبنانيين بأسعار مدعومة، فيما تشير المعلومات المستقاة من المواطنين الى أنهم لم يستفيدوا من هذه الخدمة إلا لمامًا، والأنكى أن القصابين انفسهم يشتكون قلة حصولهم على اللحم المدعوم، أو انهم يستفيدون بأسعار تتجاوز الأسعار الرسمية بقليل.
لقد استفادت من خدمة دعم اللحوم عشرات المؤسسات على مساحة الاراضي اللبنانية، وقد حصلت الحوارنيوز على لائحة بهذه المؤسسات والمبالغ التي تقاضتها من بيانات مالية -مصرفية والتي جاءت على النحو التقريبي التالي:
قبل الازمة، بضع ألوف من الدولارات ،وبعد الأزمة تجاوزت حصتها الخمسين مليون دولار، كشركة نخلة للإستيراد والتصدير ( ديب نخلة وشركاه). وتبين في معلومات خاصة للحوار نيوز ان اصحاب هذه الشركات المحظية استفادوا بطرقٍ ملتوية من هذه الخدمة حيث عمدوا الى :
-تحويل اموالهم الى الخارج.
-بيع بعض هذه اللحوم بأسعار غير مدعومة.
-تهريب بعض هذه المواد، وبيعها الى الأسواق الخارجية وحرمان الشعب اللبناني منها.
وبعضها جرى توفير غطاء قوي له بواسطة أحد متعهدي لعبة كرة القدم والذي تربطه بقوى نافذة خارج الوزارة وداخلها علاقات ومصالح زبائنية.وهذا ما أعلنه صراحة رئيس اتحاد القصابين وتجار المواشي معروف بكداش، في كتاب وجهه الى كل من وزير الزراعة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور عباس مرتضى والمدير العام لوزارة الاقتصاد الدكتور محمد ابو حيدر ( لماذا المدير العام وليس وزير الاقتصاد؟)، مستغربا توجيه الوزير مرتضى “انذارا شديد اللهجة لجميع المستوردين بمخالفة القانون”.
وجاء في رد بكداش:
“معالي الوزير،
نحن نعلم وانتم تعلمون ان هناك تجارًا مخالفين، ومنهم تجار جدد دخلوا على المهنة حديثا وأخذوا اذنا بالاستيراد، ومن ثم اخذوا الدعم المالي. النقابة ليست مسؤولة عنهم وانتم السلطة المسؤولة، وكي لا تشمل الجميع نتمنى عليكم وضع النقاط على الحروف وتسمية المخالفين بالاسماء ومن ثم اخذ الاجراءات اللازمة بحقهم وحق من اعطاهم الاذن بالاستيراد كي يعلم الرأي العام من هو الصالح ومن هو المخالف”.
واكد ان “لكل مواطن حقوقا وعليه واجبات، فهل من المنطق ان نطالب الصالحين بواجباتهم قبل ان نعطيهم حقوقهم. المنطق يقول ان نعطي الحقوق ومن ثم نطالب بالواجبات، اما اذا كان المطلوب ان ندفع بمستوردي المواشي الحية الملتزمين بالقوانين الى الانهيار والافلاس ويبقى المخالفون للقوانين احرارا دون حساب فهذا موضوع آخر”.
وسأل: “ألا يكفي يا معالي الوزير احتجاز اموال اللبنانيين بالمصارف ومن ضمنهم اموال المستوردين بعد ان أتحفنا حاكم المصرف المركزي بهندساته المالية التي أدت الى انهيار الوضع الاقتصادي وقد اصبح ينطبق علينا المثل القائل يرضى القتيل ولا يرضى القاتل”.
وقال: “الامور لا تحل بهذه الطريقة، لذلك يجب وضع اليد على المشكلة من اجل معالجتها. ونحن نعلم ان هناك مستوردين لم تصلهم حقوقهم ونذكر بعضهم على سبيل المثال لا الحصر، خليفة لايفستوك 3 بواخر، راسم تريدنيغ كومباني باخرتان، بردوني تريدينغ كومباني باخرة، والفهد لتجارة المواشي وفاروق العشي واحمد المصري وغيرهم الخ..”. وتابع: “ان تصريحكم شمل الجميع وصور للرأي العام ان هذا القطاع والعاملين في هذا المجال بأنهم قطاع طرق”.وختم: “معالي الوزير كن منطقيا بعيدا عن القاء التهم جزافا، واعط الحق لاصحابه وبعدها سم الامور باسمائها بعد دراسة ملفات المستوردين الموجودة في وزارة الزراعة ووزارة الاقتصاد ومراجعة مصرف لبنان كي نعلم من أخذ حقوقه من الدعم ومن لم يأخذ، وليعلم الجميع والرأي العام من هو المخالف كي تمنعه وزارتكم من أخذ الاذن بالاستيراد واحالته للقضاء المختص.
وايضًا اصدرت شركة المصري للمواشي بيانًا اعتذرت فيه عن عدم قدرتها على تسليم اللحوم المدعومة كونها كانت تسلمها لتجار الجملة من مالها الخاص ولغاية يومنا هذا لم تتحصل من مصرف على الدعم المخصص لهذه الخدمة وبالتالي فهي تكون قد جازفت بشروعها بهذه الخدمة على حسابها الخاص.
وتسأل مصادر مواكبة اذا كان المبلغ الذي خصص لدعم سوق اللحمة حتى يومنا هذا قد وصل الى نحو ثلاثمائة مليون دولار، فكم يكون قد نال منه اللبنانيون؟
مخالفات وشبهات كافية لتتحرك الهيئات الرقابية والنيابات العامة وتدقق في كشوفات الشركات ولوائح مبيعاتها في الداخل اللبناني ومعرفة مدى التزامها بشروط الاستفادة من سياسة الدعم … فهل تفعل؟
زر الذهاب إلى الأعلى