إقتصادرأي

مخاطر المقالع والكسارات على البيئة والتوازن الطبيعي(غادة حيدر)

 

غادة حيدر* – الحوارنيوز خاص


مهما حاول المشترع أو حاولت السلطة التنفيذية وضع ضوابط لعمل المقالع والكسارات والمرامل، سيبقى الأثر السلبي لعمل هذه المؤسسات طاغياً، فكيف إذا كنا في بلد تراجع فيه حضور الدولة وأجهزتها الى أضعف مستوياته، والرقابة والمحاسبة غابتان.
التأثير السلبي لإستثمار المقالع والكسارات والمرامل على البيئة بشكل عام وعلى مصادر المياه بشكل خاص، لا يختلف عليه اثنان، لا سيما عندما تكون مخصصة لتوفير المادة الأولية لصناعة الترابة والتي يمكن أن تستمر لمدة طويلة تناهز القرن؛ وأنه يشكل اعتداءً على توازنات الطبيعة والبيئة وعندما يكون عشوائياً ويغلب عليه طابع الاعتداء بإستعمال المتفجرات ونهب الموارد بالمبالغة في الحفر وتجويف الجبال والتلال والصخور الكلسية الصديقة للمياه، وقضم رؤوسها وقممها دون وعي وإدراك للأضرار التي تنتج عن هذا الاستثمار.
من هنا كان تنظيم استثمار المقالع والكسارات والمخططات التوجيهية بموجب نصوص قانونية تبدأ بتصنيف المناطق بغاية حمايات الغابات والاشجار والجبال ومصادر المياه السطحية والجوفية، وأنشيء لهذا الغرض مجلس وطني للمقالع والكسارات ضمن إطار وزارة البيئة ويرأسه الوزير وتتمثل فيه مختلف الوزارات المعنية بنتائج هذا الاستثمار: الطاقة والمياه، الزراعة، التنظيم المدني، الآثار والمالية، …
ويتولى مهمة اصدار وضع الضوابط والموافقة على إعطاء تراخيص استثمار، شرط إعادة تأهيل المواقع وتحليلها وزراعتها. ومتابعة الالتزام بإعادة التأهيل هذه.
لكن السؤال هنا: إلى أي حد يلتزم أصحاب الرخص بشروط الترخيص؟
هناك العديد من هذه الشركات تخالف نص الترخيص لجهة أعادة التجليل أو التشجير أو التتريب وليس هناك من يراقب ويحاسب..

أمًا بالنسبة لنوعية الأضرار التي يمكن أن تلحق بالبيئة والطبيعة والغابات ومصادر المياه فهي:
تلويث الهواء بالغبار والضجيج، انتهاك قواعد الطبيعة وآلياتها في إعادة التوازن كما هو الحال بالنسبة رؤوس الجبال والقمم التي تلعب دوراً في الاستمطار عند اصطدام الغيوم المتكاثفة بها، أو في إحداث انكسارات وتفسخات في الطبقات الجوفية نتيجة التفجير وتغيير مسار مجاري المياه والمسارب التي تغذي الأحواض الجوفية للمياه والينابيع. أضف القضاء على الغابات والاشجار المعمرة، وتلويث مصادر المياه والأنهار وضفافها. ويجب أن لا ننسى الأضرار التي تنتج عن جرف طبقات الرمل التي تحفظ جذور أشجار الصنوبر وغيرها، وتلعب دوراً الاسفنجة التي تمتص وتحتفظ بكميات كافية من مياه الامطار وتسمح بإمتصاصها وتسربها مع الوقت لتغذية جذور الاشجار والمصادر الجوفية للمياه.
لا بد من التذكير بدور المجلس الوطني المقالع والكسارات في تأمين التوازن بين الحاجة للبحص والرمل لحاجات البناء والمشاريع الانشائية، الذي ينتج عن الاستثمار ضمن الحدود المعقولة التي تحفظ الطبيعة والبيئة ومصادر المياه وتحول دون نضوبها وتلوثها وغيرها من الاضرار التي يمكن ان تلحق بها، على أن تقترح البدائل المتاحة مثل توفير الرمال والترابة من مصادر خارجية.
أما عن الزلازل فهناك إمكانية أن ينتج عنها إحداث فجوات هائلة يمكن ان تخلق او تغير احجام الانهار والبحار.
إن وزير البيئة هو المسؤول الأول عن متابعة هذه الملفات وهذا لا يعفي البلديات من المسؤولية ولا القضاء في حال تكون لديه ملف أو شكوى.
* باحثة رئيسة جمعية غايا البيئية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى