سياسةمحليات لبنانية

ما هو سر صمت الاتحاد العمالي على القرارات المؤلمة للحكومة ؟

 

التقشف والقرارات الصعبة هما عنوان المرحلة المقبلة التي تروّج لهما الحكومة اللبنانية للقادم من الأيام، وهذا يشي بأنّ ذوي الدخل المحدود والمتوسّط هم من سيتحمّل الوزر عن باقي فئات الشعب اللبناني، في حين سيتمّ إعفاء أصحاب الثروات ومراكميها من تلك القرارات وهي ستنزل عليهم بردًا وسلاما.
والملفت للنظر هو التلازم بين مواقف الحكومة وصمت الاتحاد العمالي العام؛ هذا الاتحاد الذي يفترض فيه تمثيل الفئات (ذوي الدخل المحدود والمتوسّط) التي تبشّر الحكومة بتحميلها وزر ما وصل إليه البلد من أزمات، وهي نتيجة التحاصص الطائفي والنهب والفساد الذي استشرى ولا يزال منذ بزوغ فجر اتفاق الطائف ولغاية اليوم.
مردّ التناغم بين الحكومة او الحكومات المتعاقبة والاتحاد العمالي العام هو التحاصص الطائفي ذاته الذي يحكم تركيبة المؤسستين (الحكومة والاتحاد)، فما كُرّس بّعيد اتفاق الطائف، من طائفية ومذهبية، استفحلت مع الأيام والسنين، فأصابت كلّ مفاصل البلاد والعباد، سحب نفسه على الاتحاد العمالي العام وتركيبته، ولكن ليس عن طريق الصدفة أو العدوى كما قد يّخيّل للبعض أو لكثيرين، إنّما هو بفعلة مقصودة وحصل تحت ضوء النّهار ولم يُخطط له بليل.
بُعيد إضراب الأيام الثلاثة الذي نفّذه الاتحاد العمالي العام، وأدى إلى إسقاط حكومة الرئيس المرحوم عمر كرامي في الشارع مع بداية صيف ١٩٩٢، وتشكّلت على إثرها حكومة الرئيس المرحوم رشيد الصّلح، وكُلّف الوزير الأسبق عبد الله الأمين وزيرا للعمل، آذن ذلك بتطييف (من طائفة) الاتحاد، إذ طرح الأمين مشروع هيكلية نقابية جديدة، الأمر الذي رفضه الاتحاد العمالي العام، لأنه (أي مشروع الهيكلية) كان يتألف من 96 مادة منها 36 مادة تسمح لوزارة العمل التدخّل بالشؤون الداخلية للنقابات، الأمر الذي يتعارض مع المادة 56 من قانون العمل والمواثيق الدولية التي تضمن الحريات النقابية، وكذلك مع مقدمة الدستور اللبناني وشرعة حقوق الانسان”.
وتابع الأمين توجهاته تجاه الاتحاد العمالي العام وقال في ندوة عقدت آنذاك في الجامعة اللبنانية، مخاطبا قيادات الاتحاد: "…إذا لم توافقوا على مشروع الهيكلية النقابية الذي طرحته سأُنشئ اتحادات ونقابات عمالية لكل الطوائف والأحزاب"؛ وشرع بتأكيد قوله، فبدأ بتأسيس اتحادات نقابية جديدة على أساس حزبي – طائفي، وتحوّل هذا نهجًا وسياسة رسمية لوزراء العمل الذين تعاقبوا بعده على وزارة العمل.
ومع حلول عام ١٩٩٧ – وكان قد نشأ عدد من الاتحادات من ألوان طائفية – حزبية متعددة – تمّ الانقضاض على الاتحاد العمالي العام، فأثناء التحضير لانتخابات هيئة المكتب التنفيذي للاتحاد، جرى فرض الاتحادات المنشأة حديثا من قبل وزارة العمل وهي سلطة الوصاية على الاتحاد، ومنع ممثلو الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ومنظمة العمل الدولية ورئيس مجلس المندوبين في الاتحاد من الدخول ومراقبة الانتخابات وطوّق المقرّ من قبل القوى الأمنية والعسكرية وانتخبت قيادة جديدة للاتحاد تابعة للقوى المتحكمة بالحكومة والسلطة، وبات الاتحاد متشكلا وما يزال، على ذات منوال الحكومات المتعاقبة متناغما معها، يلازمه الصمت إلّا ما ندر.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى