د.جواد الهنداوي* – الحوارنيوز خاص
ليس اعداء اسرائيل فقط مَنْ يتوقع زوالها ، وانما بعضٌ من مفكري وسياسي اسرائيل ونُخبها .
ها هو رئيس وزراء اسرائيل السابق ،بنيامين نتنياهو ،صّرحَ قائلاً بانه سيجتهد كي تبلغ اسرائيل عيدها المائة ، واضاف ” أن التاريخ يعلمنّا انه لم تعمّر دولة للشعب اليهودي اكثر من ثمانين عاماً ، وهي دولة الحشمونائيم ” ( جريدة رأي اليوم الالكترونية بتاريخ ٢٠٢٢/٢/١ ) .
وفي ذات السياق ، أكّدَ آخرون خطر الوجود الذي تواجهه اسرائيل ، منهم الجنرال شاؤول اريلئي ، حيث اوضح في مقال نشرته جريدة هآرتس الاسرائيلية فشلْ الاستراتيجيات الثلاث ،التي تبنتّها إسرائيل في مسعاها لتحقيق الحلم الصهيوني ،وهذه الاستراتيجيات هي : ارض اسرائيل ،و ديمقراطية اسرائيل ، ويهوديّة اسرائيل ( ذات المصدر اعلاه ؛ صحيفة رأي اليوم الالكترونية ،بتاريخ ٢٠٢٢/٢/١ ) .
ولعلَ مقال الصحافي الاسرائيلي آري شافيط في جريدة هآرتس الاسرائلية وبعنوان ” اسرائيل تلفظ انفاسها الاخيرة ” دالٌ ومعبرٌ عن حالة القلق والهوس الذي تعيشه اسرائيل كياناً ومستوطنين او محتليّن .( ذات المصدر اعلاه ) .
هذه التصريحات والتحليلات الاسرائيلية ، التي تنذُر بزوال الكيان تقودنا الى التساؤل عن مغزاها و هدفها ، وهل تُعّبرُ حقاً عن واقع الحال؟
تأتي هذه التصريحات وكأنها تأكيد لما يقولهُ ويرددهُ مراراً السيد حسن نصر الله ،الامين العام لحزب الله في لبنان ، وتتزامن هذه التصريحات في وقت تعربُ فيه الادارة الامريكية ،علناً او ضمناً رغبتها بالانسحاب من منطقة الشرق الاوسط ، وبدعوة حلفائها للاعتماد على قدراتهم وامكاناتهم بالدفاع عن امنهم وعن مصالحهم .
نتساءل عن مدى جدّية هذه التصريحات ، والتي تنالُ من معنوية الكيان والاسرائليين ، وتزيد من رغبتهم بهجرة اسرائيل والعودة الى بلدانهم الاصلية ؟ هل لهذه التصريحات والتحليلات هدف لاستعطاف القوى الصهيونية والغربية من اجل مزيد من الدعم العسكري والمالي والسياسي ؟ وهل الإسراع في وتيرة التطبيع والتعاون وابرام الاتفاقيات الامنية والعسكرية و الاقتصادية بين اسرائيل وبعض الدول الخليجية خطوة استراتيجية فرضتها امريكا ، لتعزيز وجود الكيان معنوياً وسياسياً واقتصادياً ؟
لمْ يعُدْ خيار شّنْ الحرب امراً قائماً امام الولايات المتحدة واسرائيل، لم يكْ امامهم غير اللجوء الى توظيف كافة الوسائل الناعمة في التأثير على ملفات المنطقة وعلى ارهاصات مشهدها السياسي . والتطبيع السريع و العميق مع دولة الامارات العربية المتحدة أحدَ هذه الوسائل الناعمة.
الولايات المتحدة واسرائيل يجنيّان اليوم حصادَ ما زرعوه ونشروه في المنطقة من حروب وعنف وإرهاب وظلم ،اصبحت المنطقة متخمة بالسلاح وبالطائرات المُسيّرة و باالصواريخ وبالحركات ، ولمْ تعدْ آمنة لا لشعوبها ولا لاسرائيل ،التي هي اضعف كيان في المنطقة ، لفقدانها لقوة الردع، رغم ما تملكه من ترسانة اسلحة تقليديّة ونوويّة.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل