لن تنتصر القضية من دون قوة .. مهما كانت عادلة !(طلال الإمام)
طلال الامام – الحوارنيوز /ستوكهولم
دخلت القضية الفلسطينية، وربما المنطقة بمجملها، منذ السابع من تشرين الاول/ اكتوبر وبدء عملية طوفان الأقصى، مرحلة جديدة.
اذا اردنا تقييم ما يجري لا بد من وضع مجمل التطورات في الميزان.
نقول ذلك ونحن نشهد مقاومة بطلة اذهلت العالم بصمودها مقابل محتل صهيوني يشن عدواناً وحشياً ويرتكب مجازر تزهق بالآلاف ارواح الفلسطينيين في غزة والضفة، من كبار السن رجالا ونساء ومن الأطفال، وتدمير المستشفيات، المدارس، الاحياء السكنية لمدنيين أبرياء، حتى الاطفال الخدّج لم يسلموا من المجازر .
لقد ادت هذه المجازر الوحشية الى اعادة القضية الفلسطينية الى واجهة الاحداث، إذ خرج مئات الالاف في شوارع القارات الخمس ،وهم يهتفون لحرية فلسطين وإدانة العدوان، محدثين تغييرات في مزاج الشعوب لصالح القضية الفلسطينية.
لكن من جهة ثانية نجد أن مقاربة عملية طوفان الاقصى أو التحدث عنها يتم بأشكال مختلفة، وذلك حسب الموقف الايديولوجي /السياسي لهذه الجهة او الشخص او ذاك من القضية الفلسطينية ومن المقاومة عموما.
ان ما يجري يطرح العديد من التساؤلات والافكار من موقع المؤيد والتقدير للمقاومة وادانة الاحتلال .
أولاً – لاول مرة من عمر الاحتلال تجري المواجهة ضمن “حدوده”، اي نقل المعركة لداخله.كان في السابق يعتدي ويحتل اراضي عربية بحروب خاطفة، بمعنى أن المعارك كانت تجري خارج كيانه. هذه نقلة نوعية تترك آثارها على مجمل القضية.
ثانياً – أكدت العملية، مرة أخرى بعد حرب تموز العام ٢٠٠٦ وتحرير جنوب لبنان في العام ٢٠٠٠ ، سقوط دعاية كان يروّج لها هو، من ان جيشه لايقهر ، او انه اقوى جيش في المنطقة بل والعالم .
ثالثا – ما يجري يؤكد ما كان مؤكدا سابقا من ان التفوق التكنولوجي، والخلل في القدرات العسكرية بين المحتل والمقاومة،لايعني ان المعارك تجري لصالح المحتل. لنا في التاريخ القريب مثال: انتصرت فيتنام على الولايات المتحدة الأميركية رغم تفوقها العسكري والتكنولوجي. وانتصرت الجزائر ايضا رغم تفوق المحتل الفرنسي بالعدة والعتاد ….والامثلة عديدة.
وماذا بعد ؟
ثمة تساؤلات عدة تقف امام المقاومة ذاتها وامام من يقف في صفها؟ تساؤلات مشروعة من أجل الا تذهب دماء الشهداء هدراً. من اجل استثمار الوضع الجديد لصالح قضية انهاء الاحتلال .
– كيف يمكن استثمار التعاطف العالمي الواسع مع القضية ؟
– على المقاو مة التي تريد تحقيق اهدافها في تحرير أراضيها ان تخطط وتجهز نفسها جيدا، توحّد قواها وتعمل للحفاظ على انجازاتها وتطويرها مع السعي الدؤوب لخلق بيئة حاضنة بعيدا عن شعارات فئوية او دينية.
– من الهام الابتعاد عن الانفعالات والشعارات الحماسية التي تلحق ضررا جسيما بالقضية .التخطيط ثم التخطيط . الحماس الزائد وفي غير وقته يذهب بالانجازات المتحققة ،والسنوات السابقة خير شاهد.
– من الهام جدا في هذه المرحلة التمييز جيدا بين الحليف الصديق والعدو .
مثلا هل يمكن المراهنة على بعض القادة العرب الذين يهرولون نحو التطبيع او طبّعوا مع المحتل،فنطلب منهم المساعدة او المساندة؟
تعود بنا الذاكرة الى اهالي الجنوب اللبباني عام 2006، عندما اعتمدوا على قوتهم الذاتية بالدرجة الاولى ودعم الحلفاء والاصدقاء لطرد المحتل وتحرير الارض وهو ماتحقق.
أخيرًا نعتقد ان الرهان على تحول الموقف الاوروبي الرسمي لصالح القضية استنادا على مايجري في الشارع ، رهان مشروع لكنه بعيد المنال … ( لماذا تآخذ الحكومات الاوروبية هذا الموقف من القضية الفلسطينية، هو حديث يحتاج لوقفة خاصة) الاجندة الاوروبية الرسمية متطابقة مع الاجندة الامريكية مع إستثناءات خجولة.
الحكومات الاوروبية عموما رغم كل ما تدعيه من “ديموقراطية” واحترام الرأي العام في بلدانها والعالم، تساند العدوان الصهيو ني وتغمض عينيها عن جرائمه ،وان تحدثت فإنها تساوي بين الضحية والقاتل، مدغدغة عواطف الناس ،مدعية ان الصراع في فلسطين له طابع ديني . اذكر انه عندما كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها تحضر لإحتلال العراق خرجت في ستوكهولم ( وعواصم اوروبية اخرى ) تظاهرة ضخمة ضمت قرابة الخمسين الف متظاهر ضد الحرب ….طنشت الحكومات على سماع صوت الشارع وجرى ماجرى .
ختاماً
نقول بثقة واستنادا إلى تاريخ الشعوب القريب والبعيد، ان القضية، ومهما كانت عادلة ،لن تنتصر من دون قوة.