سياسةمحليات لبنانية

لست غبيا لأصدق..

د.أحمد عياش 

أخبرته زوجته انّ لحيته الخفيفة البيضاء تليق به، توجه الى مصفف الشعر وطلب منه حلق  ذقنه فوراً، همس في سرّه
"لست غبياً لأصدّق".
اتصل بصاحبه يسأله أين يتواجد،عرف منه انه في المسجد، توجه الى المسجد، إكتفى بالبحث بين الاحذية عن حذاء صديقه ، لم يدخل باحة الصلاة، همس في سرّه
"لست غبيّا لأصدّق".
عاد الى منزله، جلس في غرفة الاستقبال على أقرب أريكة من المدخل، وجد التلفاز يعمل ، مذيع الأخبار يؤكد نقلاً عن حاكم مصرف لبنان ان وضع الليرة بخير، تناول ليرة من جيبه، نظر اليها بإستغراب،قلبها يميناً وشمالاً، وجدها مهترئة من لمس الايدي وجراء تداولها في ظروف سيئة للحفظ، نظر الى الليرة ثم نظر الى مقدّم نشرة الأخبار الوسيم الوجه،نظر الى صورة الحالم بأمر المال الكبير الرأس ثمّ نظر الى الليرة المهترئة بين اصابعه المرتجفة، همس في سرّه
"لست غبياً لأصدق".
شعر بالجوع والعطش، قام من مكانه ودخل المطبخ، بحث عن رغيف خبز وقطعة جبنة ،وضع قنينة الماء أمامه على الطاولة، اكل وشرب قليلاً ثم أنصت لمعدته، كانّه يتأكد من شعور ما، هدفه ان يتأكد من إحساسه بالجوع ، همس في سرّه
"لست غبيّاً لأصدق".
سمع طرقاً على الباب ، فتحه، وجد غريباً عند باب الدار، عرّف الغريب عن نفسه بأنّه غريب، يبحث عن فلان ، يحمل له أمانة من صديق يسكن في بلاد بعيدة، ترك الامانة في يد الغريب، تناول هويّته من جيبه، قرأ إسمه وتمعن بالنظر في الصورة الشخصية ،تارة ينظر الى صورته في هويته وتارة ينظر الى نفسه في المرآة خلف الباب ،تأكد انّه الفُلان المعني من كلام الغريب، تأكد أكثر من هوية حاله، رغم وضوح الامر لنفسه انه الشخص المطلوب  قال للغريب انه ليس هو، أن هو ليست أناه ، أصرّ الغريب على العكس، اصرّ انه هو  وان اسمه على الهوية التي يحملها وان الامانة غالية الثمن جدّاً وأنها ستشكل حلاً لازماته ،امتعض واكفهر وجهه وهمس في سرّه
"لست غبيّاً لأصدق".
عاد الى الشارع، وجد بعض الناس يحتفلون بعيد الاضحى المبارك، آخرون يحتفلون بإنتقال السيدة العذراء، وجد كتابات على الحائط الكبير تهلّل للعلمانية وترفض الطائفية وتنادي بلبنان العظيم، كتابات عن العودة الى فلسطين وان الاسلام هو الحلّ،كتابات عن انتصارات عظمى وتهديدات بغد مشرق جميل، كتابات تدعو للزعيم وكتابات تلعن امّ من يرمي الزباله، كتابة لعاشق متّيم مع رسم قلب مجروح بسهم وعبارة بالانكليزية I LOVE YOU ،همس في سرّه وكتب عند اسفل الجدار
"لست غبياً لأصدّق"

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى