سياسةمحليات لبنانية

لا وطن قبل إستعادة حريتنا وإقفال الدكاكين الطائفية!

يؤلمني أنه في أماكن من هذا العالم، يجلس في غرف مقفلة من يقرر عوضاً عنّا ما يجب أن يكون عليه مستقبلنا، وكأننا دمى لا نملك حق تقرير مصيرنا، تتقاذفنا وترمينا دول، وتهدد وتضرب بنا أعداءها دول أخرى.
إلاّ أنه من السذاجة الإعتقاد أن هذا التدخل في شؤوننا جائزٌ من دون وجود الدكاكين الطائفية الداخلية وأصحابها المعدودين الذين يشرّعون الأبواب لهذه التدخلات كوسيلة تخدم مصالح بعضهم الشخصية ومشاريع بعضهم الآخر غير الوطنية، فينتج عن ذلك نخرٌ دائمٌ في مشروع وحدة الشعب اللبناني وعوائق مستمرة أمام قيام الدولة.

الوضع اليوم أشبه بحرب باردة بين طرفين على خشبة مسرح متآكلة. طرفٌ يضمُّ مجموعات تشبه بتصرفاتها العصابات المافياوية، متناحرة ولاهثة وراء السلطة، جشعة لا تعرف الشبع، تمارس فسادها بوقاحة مقززة وتتذاكى وتتحايل لاستيعاب غطرسة عدوّها وتهديده. وطرف ثانٍ يتمدد بخبثٍ كالأخطبوط وفق سياسة محاوره الخارجية مراهناً على سقوط هذه المجموعة أخلاقياً وشعبياً واقتصادياً وسياسياً حتى ينقضُّ عليها كالوحش الكاسر ليبتلعها والدولة بقضمة واحدة.
أما نحن اللبنانيين، عشّاق الحرية والعدالة والمساواة والطامحين الى بناء دولة القانون لنا ولأولادنا، بتنا نعرف جيداً أن أعداء مشروعنا هم من دون رحمة ولا رادع أخلاقي لديهم يلجمهم. وطالما ان بربريتهم لم يطرأ عليها ايّ تغييرٍ، فلا مجال للتفاؤل الموضوعي بأيّ إصلاح جدّي.
لذا نحن أمام خيارين، إما التسليم بالواقع والاستمرار بتفضيل الأمن الهش على حريتنا، معولين على ان يشفق الجلاد علينا فيرحمنا قليلاً ويبقينا على قيد الحياة ويلبّي لنا شيئاً من مطالبنا، وإما أن نبدأ فعلياً بعملية إقفال الدكاكين الطائفية التي مارست علينا أسوأ أنواع الإحتيال، فالتفّت على القوانين وحوّرتها وتسلّقت عبرها على أكتافنا وصولاً للسلطة من دون أي وجه حق.
الخروج الى الحرية ممكن ،لكن الأمر رهنٌ بإرادتنا. فلا حزب هنا ولا قائد هناك يتخذ عنّا هذا القرار او يفرضه علينا. إن نجاتنا هذه المرة في أيدينا ودرب الحرية معبّدٌ أمامنا بقوة القانون حيث لا مجال للوقوع في مطبّات تعرّض سلمنا أو دولتنا للخطر.
حيث لا حرية، لا حقوق. قولٌ يجعلني اسأل: هل يقتنع اللبنانيون بأن اولى معاركهم هي معركة استرجاع حريتهم ؟

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى