سياسةمحليات لبنانية

كلام هادئ في ذكرى بيار أمين الجميل: خطوة نحو الاستراتجية الدفاعية.. وتغييب الاغتيال نفسه!(حسن علوش)

 

 

حسن علوش – الحوارنيوز

 

حلت الذكرى 17 لجريمة إغتيال الوزير بيار أمين الجميل هادئة، وقد ميزتها علامتان يمكن التوقف عندهما:

العلامة الأولى، ما قاله الرئيس أمين الجميل بعد القداس:” إننا نعرف ان العدو الذي دخل الى بعض المناطق احتلها كما الجولان والضفة، ونخاف من ان يلحق لبنان المعاناة نفسها ونخسر مناطق في لبنان بسبب تهور أو أي عمل أرعن. ونحن في المناسبة نؤكد على ان تعلقنا بسيادة لبنان .همنا كما نؤكد انه مهما كانت الظروف والاحداث نؤمن بوحدة لبنان والشعب ،وأيا كانت التحديات والظروف سنبقى صفا واحدا للدفاع عن لبنان أيا كانت الملل والتوجهات السياسية، ونستمر على خطى الرئيس المؤسس والتضحية كي يبقى لبنان وطننا.”

في كلامه أعلاه، إقرار واضح بهوية عدو لبنان، وهو وفقاً للسياق يقصد العدو الإسرائيلي، وهذه علامة مستجدة، وخطوة رئيسة على طريق إقرار استراتجية وطنية للدفاع، بعد أن سلّم حزب الكتائب بشخص الرئيس الجميل بأن إسرائيل دولة عدوة.

إن مدخل بناء الاستراتجية الوطنية للدفاع هو إقرار بعض الكتل النيابية والأحزاب السياسية المسيحية بما تضمنه الدستور (تعديلات وثيقة الوفاق الوطني – الطائف) لجهة تحديد العدو التاريخي للبنان وسبل مواجهته ومقاومة اعتداءاته.

سبق هذا التوصيف أن أبدى الرئيس الجميل خشيته “من أي تهور ودعسة ناقصة واي عمل قد يورط لبنان أكثر وأكثر، والاستقلال على المحك ولبنان كله في خطر، ونحن قلقون على المستقبل القريب وأمنيتنا وصلاتنا كي لا يورطنا أحد بتهور يدفع لبنان الى مزيد من الخراب”.
يدرك الرئيس الجميل تمام الإدراك، أن “العدو” هو المبادر دائماً للعدوان، وقادته المؤسسون لطالما جاهروا بأطماعهم التاريخية بلبنان. وهو من ارتكب المجازر في لبنان ابتداء من العام 1948 م ،1949 صلحا وحولا ،وصولا الى استهداف المدنيين بدم بارد مؤخرا ،مرورا بعشرات المجازر المتعمدة كمجزرة قانا ومسلسل الاجتياحات (78 – 82) من القرن الماضي، وبينهما عناقيد الغضب وحرب 2006 التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري في ذروة انقلاب سياسي جرى تزخيمه بدم عدد من الشخصيات اللبنانية.

  وحتى لا يتكرر مشهد المجازر واستباحة لبنان واستلاب سيادته كانت المقاومة للعدو منذ العام 1948 وصولا لليوم الذي باتت فيه هذه المقاومة جزءا كيانيا من لبنان، حتى إقرار الإستراتيجية الوطنية للدفاع وبناء دولة قوية تعرف عدوها من شقيقها وصديقها.

إن كلام الرئيس الجميل بدا وكأنه مراجعة نقدية لتجربة حزب الكتائب السابقة، لاسيما علاقة الحزب بدولة العدو التي تعود إلى خمسينيات القرن الماضي وفقاً لتقرير نشرته “بي بي سي نيوز” عربي – بيروت، بقلم محمد همدر في 17 أيلول 202،بعد أن سمحت سلطات العدو، في وقت سابق من تاريخ النشر، بالكشف عن “وثائق سريّة خاصة بجهاز المخابرات (الموساد)، حول دعم الجيش الإسرائيلي لميليشيات لبنانية خلال الحرب الأهلية في لبنان”.

وأتي الكشف عن الوثائق تزامناً مع حلول الذكرى الأربعين لمجزرة صبرا وشاتيلا.  وتكشف الوثائق التي نشرت باللغة العبرية، وترجمها الناشط الإسرائيلي روني باركان، كما نشرت صحيفة هآرتس مقتطفات منها، فصولا من تاريخ العلاقة بين الجانب الإسرائيلي وميليشات “الكتائب” و”الأحرار” اللبنانية.

وتؤكد الوثائق أن علاقة إسرائيل مع أحزاب وشخصيات سياسية لبنانية، بدأت في الخمسينيات.

وتتحدث عن طائرة أرسلها نظام شاه إيران محمد رضا بهلوي، لشحن السلاح من إسرائيل إلى لبنان، دعماً للرئيس اللبناني آنذاك، كميل شمعون عام 1958.

ماذا حدث في بيروت عام 1982؟

وفقا للوثائق فقد “اجتاحت القوات الإسرائيلية لبنان في 6 حزيران/يونيو عام 1982 بعد محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن شلومو أرجوف. وأطلق على العملية اسم “السلام للجليل”، وأعلن أن الهدف منها هو القضاء على أنشطة الفصائل الفلسطينية في لبنان.

وبعد 90 يوما من قصف العاصمة بيروت وحصارها، خرج اتفاق تسوية يقضي بخروج قادة منظمة التحرير الفلسطينية ومقاتليها من لبنان.

في غضون ذلك، انتخب بشير الجميّل قائد القوات اللبنانية ( تأسست في البداية كذراع عسكري لحزب الكتائب)  رئيساً للجمهورية. واغتيل بعد ثلاثة أسابيع في 14 سبتمبر/أيلول.في اليوم التالي للاغتيال، دخلت القوات الإسرائيلية العاصمة بيروت. وفي 16 أيلول/سبتمبر بدأت مجموعات تابعة لميليشيا القوات اللبنانية بتنفيذ أعمال قتل في مخيمي صبرا وشاتيلا.

 

وأشارت لجنة تحقيق إسرائيلية إلى سقوط ما بين 700 و800 قتيل خلال المجزرة، لكنّ مصادر أخرى تقول إن عدد الضحايا يفوق ذلك بكثير.

وكان المبعوث الأميركي إلى المنطقة آنذاك، فيليب حبيب، قد قدمّ ضمانات بشأن أمن وسلامة الفلسطينيين المدنيين العزل، الذين لم يغادروا لبنان”.

 

 

ماذا جاء في تقرير الموساد؟

  • انطلقت أول شحنة إسرائيلية محمّلة بالسلاح إلى ميليشيات لبنانية في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر عام 1975.
  • سلّمت أولى شحنات الأسلحة المرسلة بحراً، إلى مقاتلي حزب “الوطنيين الأحرار”، الذي أسّسه الرئيس السابق كميل شمعون. (يطلق عليهم في الوثائق إسم “الشمعونيين”).
  • بعد نجاح وصول الشحنة الأولى، توالت الشحنات، وكانت ترسل الأسلحة أحياناً لثلاثة أطراف، “الشمعونيين” وبشير الجميل وأمين الجميل (شقيق بشير، ابن مؤسس حزب الكتائب بيار الجميّل).
  • بدأت أولى خيوط العلاقة بين الجانبين الإسرائيلي واللبناني في الخمسينيات، بشأن تأمين حماية للمسيحيين في لبنان.
  • كان كميل شمعون رئيساً للجمهورية، وكان حكمه مهدداً عام 1958، فجرى الاتفاق مع حكومة الشاه على إرسال طائرة لنقل السلاح من إسرائيل إلى لبنان دعماً له. وأرسلت بعدها عدة شحنات.
  • عند تدهور الأوضاع في لبنان عام 1975، كان كميل شمعون أول من اتصل بالجانب الإسرائيلي طلباً للمساعدة والسلاح.
  • وافقت القيادة الإسرائيلية على مدّ اللبنانيين بالأسلحة الخفيفة في البداية مقابل دفع ثمن التكلفة، أو ثمن إعادة تشغيل بعض الأسلحة المستولى عليها في “حرب أكتوبر 1973”.
  • اقتصرت العلاقة مع الجانب اللبناني على توريد الأسلحة ولم يدخل الطرفان في أي مناقشات سياسية معمّقة أو بعيدة المدى، حتى صيف عام 1976.
  • زار وفد مكوّن من جهاز الموساد ومن مخابرات الجيش لبنان سرّاً، ومكث ثلاثة أيام لتقييم وضع حلفائهم في الحرب.
  • زار الوفد مقرّ قيادات الكتائب و”الشمعونيين”، واجتمعوا أيضاً مع طوني فرنجية (ابن رئيس الجمهورية السابق سليمان فرنجية). كما تناول الغداء في منزل آل الجميل في القرية حيث اجتمعوا مع بشير الجميل.
  • تمحورت النقاشات مع الوفد حول سياسة إسرائيل لمساعدة المسيحيين في لبنان.
  • بعدها بدأ إرسال أفراد أو مسؤولين من الميليشيات اللبنانية إلى إسرائيل لتلقي دورات تدريبية في مختلف المجالات.
  • في كانون الثاني/يناير 1982 (قبل الاجتياح بخمسة أشهر) زار أرييل شارون لبنان واجتمع مع قيادتي “الأحرار” و”الكتائب”.

 

هذه اللمحة تكفي لإدراك معنى توصيف الرئيس الجميل لدولة إسرائيل بالعدو، والأمل أن يبنى عليها لبنان قواعد ثابته تعزز الوحدة الوطنية وقدرة لبنان على مواجهة العدو.

أما العلامة الثانية فإنها تكمن في تغييب الدعوى للبت في التحقيقات القضائية المتصلة بهذه الجريمة. خاصة بعد أن عجز مكتب الادعاء لدى المحكمة الخاصة بلبنان من تثبيت أي صلة لجريمة اغتيال الجميل بإغتيال الرئيس رفيق الحريري.

وهذا يعني نقد كل خطاب الحزب ومواقف بعض مغاليه حيال الجريمة وغيرها من الجرائم المرتكبة في تلك الحقبة واتهامهم جهة معينة بإرتكابها من دون دليل، فقط لمجرد الكيد السياسي أو الحقد، أو لإرتباط هؤلاء بأجندات خارجية!

الرهان دائما على العقلاء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى