قصف القنصلية الإيرانية:الحرب المقبلة واللقاء المُرتقب بين السوداني وبايدن( جواد الهنداوي )
د.جواد الهنداوي* – الحوار نيوز
الهجمات الصاروخية ،والتي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق يوم ٢٠٢٤/٤/١ ، لم تحصلْ دون تفاهم او تشاور أمريكي -اسرائيلي . الهجوم المذكور يؤكد فحوى مقالنا في الأمس ، وعنوانه ” امريكا وإسرائيل تناوران لكسب الوقت و من اجل توسيع الحوار (جريدة الحوار اللبنانية في ٢٠٢٤/٣/٣١، al-hiwarnews.com.)
أصبحَ الآن واضحاً أن لا خطوط حمر امام اعتداءات وجرائم إسرائيل ،ولا رادع يُخيف او يهدّد إسرائيل او يوقِف عربدتها وجرائمها ، و أصبحَ ايضاً واضحاً كذب و تضليل وخداع امريكا والعالم في حديثها وحرصها على امن و استقرار المنطقة و العالم ! ما تريده اسرائيل في كف، ومصالح و أمن وسلام العالم في كف آخر !
قرار توسيع الحرب نحو رفح ونحو حزب الله قد أُتخذْ وبمباركة أمريكية وبعلم بعض الدول العربية ،وخاصة تلك المعنية بميدان او ميادين المعركة .اسرائيل،وبدعم أمريكي و غربي وبرضوخ عربي وفلسطيني ،ستخوض حروبا وليس حرباً واحدة ، وهي على استعداد لحرب اقليمية محتملة مع ايران ، وخاصة بعد حصولها على سلاح جديد و متطور من امريكا ، وحربها مع ايران تتوقف على سلوك ايران ازاء استهداف عناصرها ومصالحها في سورية ولبنان ، و ما ستتخذه عندما تشّن إسرائيل حربها على جنوب لبنان او على لبنان .
ولكن ،لماذا تستعجل إسرائيل الحرب وتستفز ايران ؟
نتذكر جيداً تصريحا لسماحة السيد حسن نصر الله، بتاريخ ٢٠٢٤/٣/١٥ ، بعد لقائه قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاآني ، قال فيه : ” لانريد ان تنجر إيران إلى حرب ،سنقاتل بمفردنا ،هذه معركتنا ” . إسرائيل تبنّتْ هذا التصريح و فهمت مغزاه ،وبنتْ عليه قراءاتها :
القراءة الاولى ، أنَّ إيران لن تدخل الحرب حين تدور رحاها بينها وبين حزب الله في جنوب لبنان ،اي سيكون موقف إيران مثلما هو تجاه الحرب في غزّة ،وتصريح السيد نصر الله كان دالاً وصادقاً . وعدم دخول ايران الحرب ،في حالة نشوبها في لبنان ،أمرٌ متوقّعْ ، كي لا تُلام او تُعاتب إيران في موقف العزوف عن غزّة والدخول في حرب بجانب حزب الله !
القراءة الثانية ، هو محاولة إسرائيل استفزاز إيران و جرّها للدخول إلى حرب ،ومَنْ مِنّا لا يعلم رغبة نتنياهو الجامحه ،ومنذ سنوات ، إلى حرب مع إيران تسمح له بضرب المنشآت النووّية ؟
قيام إسرائيل باستهداف القنصلية الإيرانية في دمشق هو إعلان حرب على ايران ،وهو استعداد واضح من إسرائيل للمنازلة ، وهو ايضاً محاولة لاسترداد هيبة إسرائيل و ثقة الاسرائليين بكيانهم وجيشهم ،بعد هزيمتهم في ٧ اكتوبر عام ٢٠٢٣ على يد المقاومة الفلسطينية في غزة.
ثمة تعاون أمريكي اسرائيلي فلسطيني وعربي في جميع ما هو مرسوم من خطط لحروب في رفح ، وفي جنوب لبنان ،و احتمال توسعها إقليمياً لتشمل ايران. ويمّرُ هذا التعاون ، لاجل الحفاظ على ارواح من هم في رفح ،وبسط ارادة السلطة الفلسطينية في غزّة ،واقامة دولة فلسطينية ! وهذه الاهداف او الامنيات هي عربون التعاون !
بالتأكيد ،ستّرّدْ ايران ،ولن يخرج الرّدْ عما هو مألوف ،اي لا نتوقع صواريخ إيرانية تدّكُ تل ابيب ،ولا نتوقع هجوما على سفارة اسرائيل في دولة عربية ،وهو الرّدْ الأسهل ،ولكن لن تفعل إيران ذلك ،وهي التي وصفت نتنياهو بفقدان العقل وانتهاك القانون والمواثيق الدولية ،و… سيكون الرّدْ بسلاح جديد ولمواقع جديدة ، وتعرف إسرائيل جيداً حلفاء إيران القادرين على الرّد والمنخرطين في الحرب .
ولكن ما علاقة زيارة رئيس مجلس الوزراء العراقي المهندس محمد شياع السوداني لواشنطن ولقائه الرئيس بايدن ،في منتصف هذا الشهر ،وبناء على دعوة من الرئيس بايدن ، بما يجري في المنطقة ؟
هل ستتم الزيارة قبلَ دخول إسرائيل رفح ، وقبل حربها مع حزب الله ام بعدهما ؟
هل توقيت الدعوة ،وفي منتصف هذا الشهر ،وبعد مرور اكثر من ستة اشهر على مجازر بشعة ارتكبتها إسرائيل بدعم وبسلاح أمريكي ، وإسرائيل على عتبة الدخول إلى رفح والى ما بعد رفح ، مناسب ؟ هل توقيت الزيارة مناسب ؟
ماهي الرسائل التي سيوصلها الرئيس بايدن ، إلى السيد السوداني ؟ وهل هي رسائل عن أمن واستقرار المنطقة ام عن التنمية في العراق ،والمنطقة في هرج ومرج من اجل اسرائيل ؟
سيركّز الرئيس بايدن على كيفية التعامل مع فصائل المقاومة في العراق ،في حال انخراطها في الحروب القادمة او القائمة بين اسرائيل و المقاومة في غزّة و لبنان .
هل سيهتم بايدن بمصلحة العراق ام بمصلحة اسرائيل ،وهو الذي قالَ عام ١٩٨٦ : لو لم تكْ إسرائيل في المنطقة ،لكان على امريكا خلق اسرائيل لحماية مصالحها .
بالتأكيد لسنا ضّدَ الزيارة ونتمنى لها النجاح ،ولكن نشكُ في الارادة الأمريكية ،التي تبحثُ دائماً عن مصلحة إسرائيل في المنطقة . ليس دون دراية البيت الأبيض ،وليس دون تخطيط ونوايا ،ان يعترض حفنة من اعضاء الكونغرس الأمريكي على الدعوة التي وجهها الرئيس بايدن للسيد السوداني ،بحجّة انه حليف لايران . هذه رسالة غير مباشرة او مُقدمات للزيارة وتعبير عن مايهمُ اهل البيت ،وما ينتظرونه من ضيفهم .
* سفير عراقي سابق. رئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات /بروكسل /