قانون الانتخابات اللبناني:مسخ الديمقراطية الحديثة (حكمت مصلح)
د.حكمت مصلح* – خاص الحوار نيوز
نقول هو قانون مسخ ونؤكد ذلك من خلال الاضاءة على بعض الأسس التي بني عليها القانون رقم 44 الانتخابي لعام 2017 ومواجهتها بالنصوص الدستورية والقانونية لاظهار عيوبها مثال على هذه الأسس:
العتبة الانتخابية ما يعرف ب << الحاصل الانتخابي >>
انهاء حرية الاختيار لدى الناخب.
انهاء حرية تأليف اللوائح لدى المرشحين . ؟
وحتى نبحث في هذه الأسس نسأل :
ما هو الحاصل الانتخابي ؟ كيف يتم حسابه ؟لماذا أثر على ديمقراطية الانتخابات ؟
ماهي الاسباب التي تدفعنا الى القول بأن قانون الانتخاب النسبي أنهى حرية الاختيار لدى الناخب ؟
لماذا القول بأن القانون النسبي أنهى حرية تأليف اللوائح لدى المرشحين ؟
أولا : في الحاصل الانتخابي :
نصت المادة 99 في قانون الانتخاب ( لاجل تحديد الحاصل الانتخابي يصار الى قسمة عدد المقترعين في كل دائرة انتخابية كبرى على عدد المقاعد فيها ) مثال : اذا اقترع في دائرة 100000 مقترع وعدد المقاعد في هذه الدائرة هو خمس مقاعد، نقوم بقسمة عدد المقترعين على عدد المقاعد ونتيجة القسمة يكون الحاصل الانتخابي 100000/ 5 = 20000 فكل لائحة تحصل على 20000 صوت لها مقعد .
وهنا نتوقف قليلا لنقول ان المبادئ العامة في القانون الدستوري يعد ذلك الحاصل عتبة انتخابية مرتفعة جدا بل تعجيزية حافظت من خلالها القوى الكبرى على حضورها السياسي والثمثيلي .
كان حري بالمشرع أن يجعل هذه( العتبة – الحاصل ) منخفضة ،كأن ينص قانون الانتخابات على كل لائحة تنال 5% من الأصوات المقترعة تحجز لنفسها مقعدا نيابيا . وبذلك تعالج مسألة التفاوت في عدد الأصوات بين مرشح وآخر، فالنائب عن دائرة النبطية لجهة عدد من يمثل مساوي للنائب عن دائرة كسروان.
ثانيا : انهاء حرية الاختيار لدى الناخب :
القانون النسبي لعام 2017 أنهى حرية الاختيار لدى الناخب. فالقانون ألزم المقترع بالتصويت للائحة معينة دون أن يكون له حق المزج بين اللوائح وبذلك انهى أهم مظاهر حرية الاختيار والتعددية وأرغم المقترع على الادلاء بصوته لمن يرغب ولمن لا يرغب به لمجرد أن الأخير، أي المرشح، تمكن من دخول لائحة يريد المقترع أن يدلي لأحد المرشحين فيها بصوته . وبالتالي القانون النسبي أنهى المساءلة و المحاسبة والمراقبة من قبل الناخب ووضعه امام خيارات هي اما الانتخاب لمن يراه يمثله ومن لا يمثله .أو عليه الاعتكاف عن ممارسة هذا الحق .في حين الدستور في مادته السابعة ينص على ( كل اللبنايين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دون ما فرق بينهم ) وبذلك يكون القانون الانتخابي المعمول به مخالف للدستور .
ومخالف لمقدمة الدستور وتحديدا الفقرة ( د) التي تنص ( الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة وهو يمارسها عبر المؤسسات الدستورية ) وبالتالي هذا القانون لايفسح المجال أمام الارادة الشعبية بأن تعبر عن ذاتها وبأن تشكل المؤسسات الدستورية .
ثالثا : انهى حرية تأليف اللوائح من قبل المرشحين :
بدت قدرة القانون الانتخابي الجديد بالحد من حرية المرشحين بتاليف اللوائح من خلال نص المادة 52( يتوجب على المرشحين أن ينتظموا في لوائح قبل أربعين يوما كحد أقصى من موعد الانتخاب على أن تضم كل لائحة كحد أدنى 40 %( أربعون بالمئة) من عدد المقاعد في الدائرة الانتخابية بما لا يقل عن 3 مقاعد) ونأخذ على هذا النص ما يلي :
أ- حرمان المواطن من أن يكون مرشحا للإنتخابات. ففي السابق أجاز القانون الأكثري أن يترشح المواطن الى الانتخابات من دون أن ينتظم في أي لائحة . أما القانون النسبي المعمول به حاليا فيوجب أن ينتظم المواطن ( المرشح) في لائحة .
هذا النص يمنع أن تؤلف لائحة لاتضم أكثر من 40% من عدد المقاعد في الدائرة، وهذا ما يشكل مخالفة فاضحة لحرية الترشح المنصوص عنها في شرعة حقوق الانسان والمواثيق الدولية ، ومخالفة أكيدة لمبادئ العدالة الدستورية والاسس الديمقراطية المعمول بها في عصر الارادة الشعبية في النظم الديمقراطية.
لذلك كله قلنا عن هذا القانون بأنه قانون مسخ يقزّم الديمقراطية ويسيئ الى التمثيل الشعبي الصحيح .ونأمل من المجلس النيابي الجديد العدول عنه، والأخذ بقاعدة المزج بين اللوائح وان يعيد النظر بآلية تأليف اللوائح .
* دكتورفي القانون العام
متخصص بالقانون الدستوري