قالت الصحف: هل ينجح القضاء في فتح ملفات الهدر؟
الحوارنيوز – خاص
كتبت "النهار" تقول: لم يكن ينقص صورة الدولة المتآكلة تحت وطأة القصور الهائل في معالجة الازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية المتراكمة سوى ان تنحرف السلطة نحو أسوأ الاتجاهات التي يمكن، في حال المضي نحوها، ان ترتب على البلاد مزيدا من الانزلاق نحو تكاليف باهظة على البلاد داخلياً وخارجياً، والمقصود بذلك الاتجاهات القمعية للاعلام التي تسربت عن جلسة مجلس الوزراء الاخيرة. فلم يكن غريباً اطلاقا ان تضج المنتديات السياسية والاعلامية والصحافية والنقابية أمس بهذا المنحى الذي اتخذ طابعاً بالغ الخطورة في ظل تفاقم التداعيات التصاعدية لازمة السيولة بالدولار والتي عادت تضغط بقوة على الواقع المالي والاقتصادي والاجتماعي، فيما وجدت السلطة الوقت الفسيح والمتسع لاطلاق النقاشات "التمهيدية" لاتجاهات قمعية في حق الاعلام بمختلف قطاعاته لالباسه رداء المسؤولية الزائفة في الازمة وتحميله ما يفترض ان تتحمله مناكب المسؤولين والمؤسسات الرسمية المعنية على اختلافها في بلوغ الوضع هذا الدرك من التدهور والتراجع.
وبدا واضحا ان ثمة حاجة متعاظمة لدى معظم مكونات السلطة الى ان تلزم الصمت في هذا الاتجاه توفيراً لمشاريع اشتباكات سياسية داخل الحكم والحكومة، فكان ذلك اشد سوءاً من انخراط البعض الاخر من السلطة في حماسة منقطعة النظير للاقتصاص من الاعلام وتدجينه ومنعه من التعبير الحر عن كل ما تخلّفه الازمة من تداعيات ونتائج كارثية. لا بل ينبغي الاشارة هنا الى ان بعض الجهات السياسية المعارضة كانت أساساً في أجواء تخوف من بروز اتجاهات قمعية وانتقامية لا تقتصر على محاولات تدجين الاعلام بل تتمدد نحو كلام عن الاقتصاص من شخصيات ومسؤولين سابقين ذوي اتجاهات سياسية محددة ولا تطاول سواهم من الذين يتحملون مسؤوليات حالية او سابقة بما يعني الاجهاز الفعلي على اي رهانات جادة على الاصلاح ومكافحة الفساد وتحوير الشعارات المرفوعة في هذا المعنى في اتجاهات سياسية تخدم قوى معروفة لا أكثر ولا أقل.
واذ تراقب الاوساط الاعلامية بكل اتجاهاتها المنحى الطالع على أمل ألا تتورط "أجنحة" الحكم والسلطة في تحدي المنطق والعقلانية والتراجع عن أي محاولات ستتخذ واقعياً طابعاً قمعياً يهدد بتداعيات سلبية للغاية، فان المعلومات التي توافرت أمس في هذا السياق اشارت الى ان قوى عدة داخل السلطة بدأت تتحرك لمنع الانزلاق في هذا الخطأ بعدما تصاعدت ردود الفعل والتحذيرات من المناخ البوليسي الذي اشاعته مناقشات مجلس الوزراء وبعض التصريحات "الحامية" أو المتسرعة أو المتسمة بتهور لبعض الوزراء في هذا السياق.
ولعل ما زاد المناخ السياسي والاعلامي سخونة ان موضوع دعوة المدعي العام المالي القاضي علي ابرهيم كلاً من وزير الاتصالات محمد شقير ووزيري الاتصالات السابقين جمال الجراح وبطرس حرب للاستماع اليهم في ملف الاتصالات الذي تدرسه لجنة الاتصالات النيابية قد اثار بدوره توترات مكتومة بين بعض اطراف السلطة، نظراً الى استبعاد الدعوة وزراء آخرين سابقين ذوي اتجاهات سياسية أخرى. وقد رفض شقير والجراح تلبية دعوة المدعي العام المالي، فيما لباها حرب الذي أصدر بيانا شرح فيه دوافع قبوله الدعوة والعناوين الاساسية التي شرحها للمدعي العام المالي، محذراً من حمايات سياسية للفاسدين.
وعنونت "الأخبار" لمحليتها:" المستقبل للقضاء "أنا الدولة". وكتبت تقول:" لا يكفّ تيار المستقبل عن وضع نفسه في قفص الاتهام بشأن إهدار المال العام وسرقته. يوم أمس، كان دور وزير الاتصالات محمد شقير وسلفه جمال الجراح في رفض المثول أمام القضاء كمستمَع إليهما (لا كمشتبه فيهما ولا كمدّعى عليهما) في قضايا تمسّ إدارة المال العام في وزارة الاتصالات. تمرّد جديد على كل ما يمتّ للدولة بصلة، يرتكبه التيار الذي يرفع زوراً شعار العبور إلى الدولة!
في آذار الماضي، احتمى الرئيس فؤاد السنيورة بالطائفة وبالفريق السياسي ليمنع أي مساءلة له بشأن كيفية إدارته للمال العام، وزيراً للمال ورئيساً للحكومة. لم يكن الرئيس الأسبق للحكومة يتصرّف بصورة فردية، بل كان يعبّر عن أداء تيار سياسي عريض، ولو باعدت الخلافات بينه وبين قيادته قليلاً. كان وزير مال رفيق الحريري ينطق باسم تيار المستقبل مجتمعاً. فهذا الفريق يرفض رفضاً تاماً فتح أي تحقيق جدي بشأن إنفاق المال العام، سواء قبل عام 2005 أو بعده. وبعد تمرّد السنيورة قبل أشهر، ها هو وزير الاتصالات محمد شقير يعلن، بلا خجل، رفض تلبية دعوة المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم، للاستماع إليه، وإلى سلفَيه جمال الجراح وبطرس حرب، بشأن كيفية إدارة قطاع الاتصالات، بناءً على ما أثير من فضائح في لجنة الاتصالات النيابية. وقال شقير إنه، والجراح، لن يمثلا أمام القاضي إبراهيم. وبدلاً من ذلك، وفي تجاوز فاضح للدستور والقوانين والأعراف وكل ما يمتّ للدولة بصلة، "استدعى" شقير القاضي ابراهيم للاستماع إليه! هذا التجاوز لم يكن الأول في مسيرة شقير الوزارية التي يبدو أنها ستُنسي الجميع ما ارتكبه أسلافه في الوزارة التي تحوّلت إلى منجم للمال السياسي والصفقات التي تراكم الثروات في حسابات الطبقة الحاكمة. ففي الأسابيع الفائتة، رفض وزير الهيئات الاقتصادية المثول أمام لجنة الإعلام والاتصالات النيابية، رغم أن القانون يُلزم جميع الوزراء والمسؤولين في الدولة بالمثول أمامها كما باقي اللجان النيابية. وذهب أبعد من ذلك في محاولته أول من أمس الحصول على تغطية من مجلس الوزراء لتمرّده على اللجنة، بل وطلبه منع اللجنة من النظر في إدارة وزارته وشركتي الخلوي للمال العام.
ما فعله شقير والسنيورة، سبقهما إليه الجراح عندما كان وزيراً للاتصالات، يوم رفض أيضاً تلبية دعوة القاضي ابراهيم للاستماع إليه بشأن قرارات اتخذها للسماح لشركات خاصة بالاستثمار في قطاع الألياف الضوئية. هو ببساطة قرار من تيار المستقبل، بجميع أجنحته المتصارعة، بوضع نفسه في قفص الاتهام، من خلال رفض أي شكل من أشكال المساءلة، ولو كان أعضاء هذا التيار شهوداً لا مشتبهاً فيهم. ما يفعله تيار الحريري يبدو دفاعاً عن كل الطبقة التي استفادت، ولا تزال، من المال العام، منذ عام 1992 حتى اليوم.
بدورها عنونت "اللواء": أزمة الموازنة بين الحريري وباسيل وتفاهم على الكهرباء والتعيينات" وكتبت تقول:" على نحو يثير الأسئلة في كل اتجاه: ماذا يجري في خضم الاجتماعات التي تعقد على مستوى اللجنة المكلفة بالإصلاحات المالية والاقتصادية، والتي اجتمعت عصر أمس في السراي، في إطار السعي لاتفاق على الإصلاحات التي يجب إدخالها في موازنة العام 2020، التي نفى الرئيس سعد الحريري ان يكون توقف البحث فيها بانتظار الاتفاق على الإصلاحات المطلوبة؟..
هل تسير الأمور بسلاسة أم بإرباك، عززه الاشتباك بين الوزيرين جمال الجراح ومحمّد شقير، على خلفية طلب المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم الاستماع إليهما في ما خص وزارة الاتصالات، وما يُحكى عن مخالفات أو أمور مالية، إذ شدّد الوزير الجراح انه تحت القانون، ولا بدّ من أخذ رأي مدعي عام التمييز أولاً..
وبقي التجاذب موضع متابعة في ما خص المحروقات، إذ حذّرت نقابة أصحاب المحطات وموزعي المحروقات من الإضراب المفتوح بعد غد الاثنين، ما لم يطرأ تطوّر إيجابي على المفاوضات الجارية التي دخلت مرحلة صعبة من عض الأصابع..
وكانت الاتصالات تواصلت منذ الصباح بين نقابات المستوردين والتجار والمعنيين لحل الإشكالات المتعلقة بالأسعار التي تعترض تنفيذ الآلية التي اتفق عليها مع حاكم مصرف لبنان.
ولكن هذه الاتصالات، اصطدمت أولاً بإصرار المستوردين على تقاضي ثمن المخزون النفطي بالدولار، مع الأخذ بعين الاعتبار فوارق الأسعار المستجدة، إضافة إلى الكميات المطلوب استيرادها.. وهذا ما رفضه الحاكم..
العقدة الثانية: طلب المستوردون قيمة الدولارات للاستيراد من جديد بالعملة اللبنانية فور وصول المستوردات والمباشرة ببيعها..
وضمن الآلية، يُصرّ الحاكم على تسديد المبالغ المترتبة بالعملة اللبنانية، بعد تحويل الدولارات من مصرف لبنان..
وهؤلاء يرفضون نظراً لوضع الأموال بالمصارف بالعملة اللبنانية..
وثمة نقطة ثالثة، يطالب المستوردون بتحويلات تشمل الكميات المستوردة، حتى يستمر هامش التهريب قائماً..
وفي السياق، لوّح اتحاد نقابات المخابز والأفران بالتوقف عن العمل، في ضوء مناقشات الجمعية العمومية، وفي الأجواء المشابهة لما يحصل على جبهة الدولار والاسعار بين نقابات المحروقات والمصاريف وحاكم مصرف لبنان..