قالت الصحف: معركة التكليف والتأليف ..والأميركي على خط الشروط والحصار
الحوارنيوز – خاص
أجمعت افتتاحيات صحف اليوم، على إختلاف تلاوينها السياسية بأن الإدارة الأميركية تواصل ضغطها على لبنان من أجل الإتيان بحكومة تتماشى مع سياساتها وإلا فإن الحصار مستمر.
• صحيفة "النهار" عنونت:" تعبئة الفراغ بتعزيز المواقع في انتظار هيل" وكتبت تقول:" المعطيات الأكثر اثارة للاهتمام في ملف الاستحقاق الحكومي بدأت تبرز امس تباعا من خلال معادلة مختلفة تماما عن الاستحقاقات الحكومية السابقة بحيث يمكن القول ان التكليف لن يكون نزهة سهلة وسريعة لمجرد تداول اسمين لمرشحين أساسيين مطروحين للتكليف هما الرئيس سعد الحريري والقاضي في محكمة العدل الدولية في لاهاي السفير السابق نواف سلام علما ان طرح اسميهما جاء عبر الموجة الأولى من قوى سياسية داخلية استعجلت لعبة المناورات سواء لتزكية اسم او استبعاد آخر والعكس بالعكس . ففي حين ترشح معالم تأييد الثنائي الشيعي لعودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، يبرز تاييد الوزير السابق جبران باسيل وأطراف من خصومه للسفير السابق نواف سلام كما ان باسيل يسعى الى احداث شرخ بين رؤساء الحكومات السابقين.
ولكن المفارقة البارزة في هذا السياق ووفق المعطيات الجدية والموثوقة المتوافرة لـ"النهار" تؤكد ان لا الرئيس الحريري يهرول نحو العودة الى رئاسة الحكومة من دون توافر الشروط الصارمة التي تتيح إنجاح حكومة نوعية بمواصفات قادرة على اجتراح استراتيجية انقاذية حقيقية والتي منع من الحصول عليها في المرة السابقة خصوصا انه يحاذر تماما الا يكون في يده الأوراق المقنعة للشارع . كما يبدو السفير السابق نواف سلام بدوره حذرا جدا حيال الشروط والضمانات الحاسمة التي تكفل له تشكيل حكومة قادرة فعلا على ان تواكب خطورة الازمات التي تضرب البلاد. بذلك يكون ملف الضمانات الحاسمة لجعل الرئيس المكلف يقدم على مغامرة محفوفة بالمحاذير الهائلة قد سبق مناورات وحسابات القوى السياسية على اختلافها علما ان أي معطيات جدية لا تحسم حتى الان لا اسم الحريري ولا اسم نواف سلام ولو كانا المتقدمين في الأسماء بل ان أي أسماء ثالثة سواهما لم تطرح بعد . كما ان ما يثار عن الأجواء الفرنسية والأميركية والسعودية وسواها تبدو حتى الان في اطار التوظيف الداخلي ولو ان الموقف الفرنسي معروف ويدفع نحو توافق سياسي عريض على حكومة فعالة فيما سيستمع المسؤولون الرسميون وبعض القادة السياسيين الجمعة المقبل الى الرؤية الأميركية حيال الواقع اللبناني من مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل الخبير في الملف اللبناني خلال زيارته السريعة لبيروت. وتوقعت الأوساط المعنية بالحركة الجارية الا تتبلور الاتجاهات والأمور قبل الاطلاع على المواقف التي سينقلها هيل في زيارته لبيروت .
• صحيفة "الاخبار" عنونت:" إغراءات أميركية لحكومة يرأسها الحريري من دون المقاومة وباسيل .. حزب الله: لا وزارة محايدة ولا أسماء مستفزة" وكتبت الأخبار تقول:" "لا انتخابات نيابية مُبكرة ولا حكومة حيادية"، هما الثابتتان اللتان أكد عليهما لقاء عين التينة بين حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر. لكن حكومة الوحدة الوطنية دونها عقبات، في ظل رفض واشنطن حكومة يتمثل فيها حزب الله وتضم جبران باسيل، في انتظار ما ستسفر عنه وساطة يقودها الرئيس ايمانويل ماكرون
لبنان إلى أين؟ هو السؤال الذي لم يطرحه وليد جنبلاط من عين التينة. لكنه سؤال ما انفكّ يتردّد، بعدما "أُقيلت" حكومة الرئيس حسان دياب في شهرها السابِع. فسقوط الحكومات في هذه البلاد يعني الدخول في مرحلة الإنتظار السلبي، خصوصاً أن الوصول إلى اتفاق حول حكومة جديدة، في الظروف العادية، يستغرق شهوراً عدة. فكيف إذا كانت اللحظة كارثية والإنهيارات المالية والإقتصادية شاملة، والمناخ الدولي إلى مزيد من الإستثمار في الساحة اللبنانية؟
بعدَ زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبيروت، عقب انفجار المرفأ الأسبوع الماضي وكلامه عن تسوية داخلية وحكومة وحدة وطنية، رأى البعض أن هذا الموقف جاءه "شحمة ع فطيرة" للتخلص من عبء حكومة التكنوقراط. ثم جاءت الإستقالة كما لو أنها تمهيد لتشكيل حكومة سياسية تتيح للمنظومة الحاكمة العودة إلى سابق عهدها وممارسة سلطتها بالأصالة، قبل أن تصطدِم بمؤشرات تشي بأن الطريق غير معبد بالكامل، رغم الحركة الفرنسية المستمرة.
فقد علمت "الأخبار" أن ماكرون تواصل مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، وكل من سعد الحريري ووليد جنبلاط وسمير جعجع، وأبلغهم إصراره على وقف الإستقالات من مجلس النواب، مؤكداً أن "الأولوية لتشكيل حكومة وليس إجراء إنتخابات نيابية مبكرة"، وشدد على "ضرورة مشاركة الجميع فيها وإقناع الحريري بهذه المهمة".
وبحسب مصادر في العاصمة الفرنسية فإن عودة الحريري على رأس الحكومة تحظى بدعم أميركي – فرنسي – إماراتي – مصري، فيما تتخذ الرياض موقفاً محايداً. إذ لا تعارض عودة رئيس تيار المستقبل الى السراي، لكنها لا تريد أن تلزم نفسها بما لا تريد ان تلتزمه. كما ان السعوديين مستفَزون مما يرونه محاولة اميركية – فرنسية لإعطاء دور أكبر للامارات في الملف اللبناني.
وبحسب المصادر نفسها فإن الأميركيين "باتوا مقتنعين" بتغيير استراتيجيتهم في لبنان، هو ما ينعكس في إيفاد نائب وزير الخارجية الاميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل الى بيروت وإبعاد مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شنكر الأكثر تشدداً عن الملف، على أن يخوض هيل مفاوضات مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لتليين مواقفه من تأليف الحكومة مع التهويل عليه بسيف العقوبات.
وبحسب المعلومات، فإن هيل يحمل معه طلباً أميركياً مباشراً يتعلق بإنجاز ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، ومحاولة الحصول على ضمانات بعدم قيام حزب الله بأعمال جديدة ضد العدو الاسرائيلي، و"تعزيز" (بدل تعديل) مهمات اليونيفيل. وفي المقابل، يتحدث الأميركيون عن "حزمة إغراءات" تتمثل في مساعدة عاجلة من صندوق النقد الدولي بقيمة 10 مليارات دولار، والبحث مع الأوروبيين لمنح لبنان قروضاً وهبات تصل الى أكثر من 25 مليار ليرة بفوائد معدومة شرط الاشراف على عملية الاصلاحات. فيما أخذ الفرنسيون على انفسهم مهمة التحاور مع حزب الله مع "قناعتهم" بامكان التوصل الى حلول رغم التحذيرات الأميركية من مخاطر الفشل.
وبحسب المعلومات، وُضعت القوات في أجواء عدم الممانعة الأميركية – السعودية لعودة الحريري، لكن واشنطن والرياض لا تريدان حكومة يشارك فيها حزب الله وباسيل، والرئيس الفرنسي ملتزم التواصل معهما لإقناعهما بالأمر. هذا الجو أصاب فريق الرابع عشر من آذار بالخيبة، بعدما تأكد بأن الخارج لا يريد إسقاط العهد والمجلس النيابي، وهو مصرّ على إطلاق دورة الحياة السياسية في البلاد. وقد نُقِل عن ماكرون أن "الاصلاح المالي سيكون أولوية وأن على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية المصارف التعاون والأخذ بتوصيات صندوق النقد". ونُقل عن الفرنسيين انهم نصرون على تدقيق في مصرف لبنان والقطاع للوصول الى تحديد دقيق للخسائر، وليس على خلفية انتقامية.
وفي إطار تسارع الحركة الدولية والعربية تجاه لبنان، قالت مصادر مطلعة إن "القطريين إتصلوا بعون ورئيس الحكومة المُستقيل، وأبدوا استعداداً لإعادة إعمار المرفأ والإستثمار فيه، بعدَ ورود أخبار عن اقتراح مماثل تقدمت به دبي بواسطة الأميركيين والفرنسيين". وتنقل المصادر عن السفيرة الأميركية دوروثي شيا قولها إنه "في حال سارت خطة ماكرون كما هو مرسوم لها، وتجاوبت القوى السياسية اللبنانية معها، فإن بلادها ستساعد على بناء معامل الكهرباء سريعاً"، كما لفتت المصادر بأن مصر تعمَل على الإتجاه ذاته.
لقاء عين التينة
اللقاء الذي انعقد في عين التينة قبل استقالة دياب بين حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، أكد على ثابتتين: لا انتخابات نيابية مبكرة ولا تقصير لولاية المجلس الحالي، حتى ولو أدى ذلك الى "موت حكومة". مصادر مطلعة أكّدت لـ"الأخبار" أن بري، في اللقاء الذي ضمه وباسيل والوزير السابق علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لحزب الله حسين الخليل، "خبط على صدره" بأن الحكومة يمكن أن تتشكّل قبل مطلع الشهر المقبل، وقبل عودة الرئيس الفرنسي الى لبنان، ويبدو أن رئيس المجلس "قد أجرى التنسيق المسبق اللازم مع كل الأطراف السياسية في هذا الشأن، خصوصاً الحريري وجنبلاط".
ورغم أن المشاركين في اللقاء يعرفون جيداً أن البلد لا يملك ترف الانتظار طويلاً لتأليف حكومة، إلا أن الثابت لديهم أن "لا حكومة حيادية بل حكومة وحدة وطنية"، يفضّل بري، على الأقل، أن يكون الحريري على رأسها، من دون ممانعة ظاهرية من التيار الوطني الحر. أما حزب الله، فما يعنيه أمران لن يساوم فيهما: الأول، لا حكومة حيادية؛ والثاني، لا قبول بأسماء مستفزة من قبيل ما يسرّب في الإعلام، كإسم السفير السابق نواف سلام أو النائب السابق لحاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري، "وما رفضه حزب الله سابقاً بعد استقالة الحريري في 29 تشرين الأول الماضي لن يقبله اليوم، والأفضل ألا يضيّع الناس وقت بعضهم بعضاً في إعادة تجريب ما جُرّب سابقاً"
الحزب الحريص على سرعة التأليف "لأن وضع البلد لا يحتمل أي تأخير"، من أشد المتحمسين لحكومة وحدة وطنية. وهو، "من الأساس"، كان ضد استقالة الحريري لأن حكومته كانت كذلك، كما كان من أشد المتحمسين لعودته رئيساً لحكومة على هذه الشاكلة حتى ولو تحت مسمى "وزارة تقنيين" تراعي التمثيل السياسي. وبالقدر نفسه، كان حريصاً لدى تأليف حكومة دياب "التكنوقراطية" على مراعاة التوازنات السياسية وعدم استبعاد من لا يرغب في استبعاده ولو بالواسطة. وبالتالي، فمن باب أولى أن يكون اليوم مع حكومة وحدة وطنية، وبرئاسة الحريري نفسه، في ظل أزمة اقتصادية وصحية واجتماعية وسياسية حادة، "وبعدما أثبتت حكومة التكنوقراط ما كان معروفاً بأن الأمور في لبنان لا يمكن أن تدار من دون تفاهمات سياسية". وفي هذه النقطة، فإن الحزب "على تنسيق تام وتواصل مستمر" مع بري، على رغم التباين في المواقف الذي رافق استقالة دياب، إذ أن حزب الله لم يكن أساساً في أجواء دعوة رئيس الحكومة المستقيل الى إجراء انتخابات نيابية مبكرة، تماماً كما لم يكن في أجواء دعوة رئيس المجلس المباغتة الى عقد جلسة نيابية لمساءلة الحكومة، وهو ما أنهى عمر الحكومة من دون إعطاء أي فرصة لمساع قد تُبذل لانعاشها.
وبحسب المعلومات، فإن حزب الله لا يمانع أيضاً بحكومة وحدة وطنية "من دون أقطاب" يرأسها الحريري نفسه، ولا يبدو متمسكاً بمعادلة "سعد وجبران" التي شهرها التيار الوطني الحر في المشاورات التي جرت لاعادة تكليف الحريري عقب استقالة حكومته، وعرقلت إعادة تسميته. علماً أن مصادر في التيار الوطني الحر أكدت أنها مع الاسراع في تشكيل حكومة جديدة. وأكد تكتل "لبنان القوي"، عقب اجتماعه أمس، أنه "لن يوفر جهداً لتسهيل ولادة الحكومة وسيكون في طليعة المتعاونين".
رغم ذلك، فإن لقاء عين التينة الثلاثي، بحسب المصادر، لم يتطرق الى الأسماء رغم ان الحريري، ضمناً، على رأسها، ولا الى التفاصيل، وذلك في انتظار أن يحوز الأخير ضوءاً أخضر سعودياً يسمح له بالعودة الى السراي.
جنبلاط ليس بعيداً عن هذا الجو. ومع أنه حاذر تسمية الحكومة بحكومة الوحدة الوطنية وفضّل تسميتها بحكومة طوارئ، شدد بعدَ لقائه بري أمس على أن "لا بد من حكومة تعالج الوضع الاقتصادي وإعمار بيروت وتقوم بالإصلاح"، مشيراً الى أن "الوقت ليس لتسمية أحد الآن لتولّي رئاسة الحكومة الجديدة ولا أضع شروطاً على أحد من أجل المشاركة فيها. ولا بدّ من حكومة طوارئ أقله لكي لا تبقى حكومة دياب المستقيلة في حكم تصريف الاعمال". مصادر جنبلاط أكدت أن "الرئيس بري وضعه في أجواء اللقاء، وما جرى الإتفاق حوله"، لافتة إلى أنه "لا يمانع حكومة الوحدة الوطنية والمشاركة فيها". لكن المشكلة تكمن في أن "الغرب ليس معنا على الموجة نفسها، وقد نكون اسأنا الفهم وتقدير الموقف"، فالولايات المتحدة "تضغط بكل أوراقها وموقفها بعد 17 تشرين لم يتغيّر، والرياض أيضاً موقفها واضح وقد عبّر عنه وزير خارجيتها أخيراً". وبحسب المعلومات "تُصر أميركا على حكومة لا يشارك فيها الحزب، فهل تسمح الرياض للحريري بتشكيل حكومة أو تغطية حكومة فيها حزب الله، وهل يستطيع ذلك من دون رضاها، وهل يقبل الحزب بألا يكون ممثلاً في اي حكومة جديدة؟"
• وتحت عنوان:" التكليف والتأليف في مدار الصعوبات" كتبت الجمهورية تقول:" إنتقلت الأولوية بين ليلة وضحاها من الاستقالة من مجلس النواب والانتخابات النيابية المبكرة إلى استقالة الحكومة وما يستتبعها من مسار تكليف وتأليف، وكأنّ هناك من قرر التضحية بالحكومة فجأة في محاولة لفرملة مفاعيل زلزال 4 آب، أي أن تقف عند حدود الحكومة وألّا تلامس حدود البرلمان في ظل خشية هذا الفريق من انتخابات نيابية مبكرة قد تجرّ إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وتؤدي إلى قلب النتائج النيابية من ضفة إلى أخرى بسبب الغضب الشعبي العارم الذي يحمِّل السلطة مسؤولية الأزمة الحالية ومتفرعاتها.
ومجرد التضحية بالحكومة عوضاً من مجلس النواب يعني انّ الفريق المُمسك بالأكثرية أيقنَ خسارته واستحالة ان يواصل سياسة "business as usual" وكأنّ شيئاً لم يحدث مع الانفجار الذي هَزّ عواصم العالم التي كسرت حظرها وحصارها على بيروت، ولكنّ استقالة الحكومة لا تعني انّ مسار التكليف ومن ثم التأليف سيكون سهلاً وميسّراً لسببين أساسيين:
ـ السبب الأول، كون الفريق الذي شكّل الحاضنة للحكومة المستقيلة لن يقبل بحكومة لا يمسك بمفاصلها الأساسية على رغم حاجته إلى الإسراع في تشكيلها، خصوصاً انّ الدخول الدولي على خط الأزمة اللبنانية يزيد من هواجسه وقلقه.
- السبب الثاني، كون الفريق المعارض لن يقبل بتغطية حكومة تكون نسخة طبق الأصل عن الحكومة المستقيلة، ما يعني انّ مصيرها لن يختلف عن مصير هذه الحكومة، وبالتالي لن يجد نفسه معنيّاً بتغطية فريق السلطة.
ولكن هل يمكن ان ينجح التدخل الدولي، وتحديداً الفرنسي المفوّض دولياً، بتقريب المسافة بين الفريقين من أجل الوصول إلى حكومة لا تثير قلق الفريق الأوّل وتُرضي الفريق الثاني؟ وهل سينجح الفرنسي في تسريع مسار التكليف والتأليف كما دعت وزارة الخارجية الفرنسية؟ وما هو سقف التنازلات الذي يقبل به فريق السلطة، مقابل سقف المطالب الذي يضعه الفريق المعارض؟ وكيف سيتعامل العهد مع واقع انّ مرشّحه لرئاسة الحكومة لن يدخل نادي رؤساء الحكومات، وانه مضطر للتعاون مجدداً مع الرئيس سعد الحريري الذي تتوجّه الأنظار في اتجاهه، ليس فقط كرئيس حكومة محتمل، إنما لكونه يشكّل المعبر الى السرايا الحكومية؟
وقد رصدت في الساعات الأخيرة محاولة لتسويق فكرة العودة إلى الحكومة السياسية بحجّة انّ حكومة التكنوقراط فشلت فشلاً ذريعاً، وانّ حِدة الأزمة تستدعي حكومة سياسية لا تكنوقراطية. ولكن هذا النوع من الحكومات ما زال يواجه رفضاً مطلقاً لدى المعارضة التي تعتبر أنّ طبيعة المرحلة تتطلّب حكومة اختصاصيين مستقلين وليس على شاكلة الحكومة الحالية.
وقد بَدا واضحاً أمس انّ رئيس الجمهورية لن يدعو إلى استشارات تكليف، على غرار المرة السابقة، قبل ان تبلغ الاستشارات السياسية مداها، وهذه الاستشارات كانت قد بدأت إثر الاستقالة، حيث فتحت خطوط التواصل، ليس بين القوى السياسية حصراً، إنما أيضاً مع الفرنسيين وغيرهم، في محاولة لتقصير مرحلة الفراغ التي تفاقم الوضع المالي تأزّماً.
على وقع استمرار الغضب الشعبي، انطلقت أمس مشاورات سياسية على كل المستويات تمهيداً للإستشارات النيابية الملزمة التي سيدعو رئيس الجمهورية إليها لتسمية رئيس حكومة جديد، في وقتٍ لم تجف بعد دماء الشهداء ودموع أمهاتهم التي غَطّت أرض بيروت وشوارعها، جرّاء الانفجار الذي دمّر المرفأ ومحيطه. وقد دفعت استقالة حكومة الرئيس حسان دياب كلّ الاتجاهات السياسية الى البحث في شكل الحكومة المُقبلة.