إقتصاد

الخاسر والرابح اقتصاديا من اغلاق البحر الاحمر(عماد عكوش)

 

بقلم د. عماد عكوش – الحوار نيوز

بعد ان اعتمدت الولايات المتحدة مقولة إما البحر الاحمر ومضيق باب المندب للجميع أو لا أحد، وبعد ان حذرت جميع شركات الشحن من العبور من خلال البحر الاحمر وسلوك رأس الرجاء الصالح وعبور مضيق جبل طارق في حال الوجهة كانت البحر الابيض المتوسط ، وبعد الضربات الصاروخية والجوية التي قامت بها كل من الولايات المتحدة الاميركية والمملكة المتحدة على مواقع الجيش اليمني وأنصار الله في صنعاء ومحافظات  أخرى ، بعد كل هذا لجأت الكثير من شركات الشحن الى اعتماد الطريق الابعد والأكثر كلفة .

هذا الواقع الجديد رتب الكثير من النتائج على كثير من الدول وخاصة على الدول المشاطئة للبحر الاحمر مثل مصر ، الكيان الأسرائيلي ، ودول اخرى ، وعلى دول تستعمل هذا البحر للعبور عبر قناة السويس الى البحر المتوسط كونه الطريق الاسرع والأقل كلفة ، مثل الدول الاوروبية ، وشرق المتوسط ، وشمال افريقيا ، أن تراجع العمل في باب المندب ، وأمتناع شركات كثيرة عن اعتماد هذا المضيق، ادى الى عدة أمور منها :

-     تراجع واردات قناة السويس حيث صرح رئيس هيئة قناة السويس بأن عائد القناة بالدولار انخفض 40% منذ بداية العام مقارنة بعام 2023 ، بعد أن أدت هجمات الجيش اليمني على السفن المتوجهة لإسرائيل إلى تحويل مسار إبحارها بعيدا عن هذا الممر. وكانت قناة السويس حققت في 2023 إيرادات تزيد عن 10 مليار دولار ، مقابل نحو 7.9 مليار دولار في عام 2022 ، أي بنسبة ارتفاع 30% على أساس سنوي .وستضاف الى هذه الخسائر طبعا خسائر الكلفة الاضافية التي ستدفعها على مستورداتها من الشرق الاقصى وخاصة من الصين والهند وكوريا الجنوبية .

-     اسرائيل ستضطر الى دفع كلفة اضافية تزيد عن المليار دولار سنويا وفق عدد الحاويات التي تستوردها من الشرق الاقصى والتي تزيد عن 280 الف حاوية سنويا ، يضاف اليها طبعا الكلفة الاضافية لعمليات التصدير وخسارة عامل الوقت الذي سيزيد بحدود عشرة ايام لكل سفينة .

-     دول الخليج التي سترتفع كلفة تصدير النفط لديها بشكل اساسي، خاصة تلك الشحنات التي يتم تصديرها الى أوروبا ،وبالتالي يمكن ان تفقد عامل المنافسة مع الولايات المتحدة الاميركية وكندا وبعض الدول الواقعة على الشاطئ الغربي لأفريقيا مثل نيجيريا .

-     الاتحاد الاوروبي هو الخاسر الاكبر دائما كون معظم دول الاتحاد، مستوردة للطاقة ،وهذا سيرفع من كلفة الطاقة لديها خاصة اذا ما حصلت بعض الاحداث الامنية التي يمكن ان تعطل حركة التصدير من دول الخليج العربي، سواء في البحر الاحمر او مضيق هرمز وبحر العرب ، وهذا سيراكم الكلفة لديها وهي بالاساس تعاني من نسب تضخم مرتفعة قياسا الى الصين والولايات المتحدة الاميركية ،ما يفقدها ميزة المنافسة ويمكن ان تبدأ الكثير من الشركات الصناعية التفكير جديا بنقل مصانعها من اوروبا ، يضاف اليها طبعا ارتفاع كلفة التصدير الى الشرق الاقصى ما  يفقد سلعها أيضا عامل المنافسة في السعر .

كالعادة الولايات المتحدة الاميركية دائما هي المستفيد الاكبر من اي أحداث أمنية، سواء على مستوى شركاتها أو على مستوى الاقتصاد ككل . كل هذه الخسائر التي يمكن ان تعاني منها هذه الدول يمكن ان تصب في مصلحة الولايات المتحدة ومنها شركات الطاقة والتي حققت خلال العام 2023 قفزة نوعية في الانتاج والارباح ، وبذلك تكون قد عرقلت التجارة الصينية والهندية أكبر منافسيها في العالم .

برأيي يجب على دول الاتحاد الاوروبي العمل مع مجموعة الدول المشاطئة للبحر الاحمر على تهدئة الامور وعدم اشعال اي معركة تعرف سلفا انها ستكون فيها المتضرر الاول .

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى